طفولة غزة تقول ما تعنيه وتعني ما تريد

 

د. قاسم بن محمد الصالحي

 

أيتها الشجرة الخبيثة التي لا أصل لها ولا ثبات، أيها الكائن المصطنع، أنا بذرة لشجرة طيبة جذعها ثابت وفرعها في السماء، أصيل المنبت، من غزة العزة لن اختفي، مهما وضعت من ثمارك الخبيثة فوق رأسي، وغمرتني بعربدتك وحقدك وظلمك، سأنبت وارفًا، واقتلعك، وأثمر طيبا، وأجتث وجودك الزائف، وأقضي على كيانك المصطنع.

تتسلسل جرائم خبثك، وتتابع أيامها، وما أعانيه أنا من قذارة ثمارك في غزة لا يجعلني أشرق ولا أغرق، ولا أفرق بين الأيام، آلامي مستمرة جراء سوء خلقك، وقتلي بغير سبب، ضجيجك الواهي الذي يصب في اتجاه انتزاع طفولتي لإبقائي بعيدا عن ساحتي التي يجب أن يكون لي أثر فيها، لا يرعبني، خوفك من تأثيري هو الذي أدخلك في نفق التيه الذي فرض عليك، فأنت بالنسبة لي شجرة خبيثة، لابد من اجتثاثها حين تحين الفرصة، لألقي بك خارج تربة ساحتي وتنظيفها من ثمارك النتنة.

إنَّ حبي لفلسطين لا ينمحي بسيطرتك، وعربدت ما أثمرت من قطعان المستوطنين، بل هو انتماء يفوق قوتك الغاشمة، ويتعداها لمجال أرحب، لا يعرفه عسكرك الذين اعتدوا على ساحتي، وسلبوا بيتي، واغتصبوا قدسية أرضي في غفلة من الزمن بدباباتهم وسطوتهم، لا، لن تفرض عليّ الخضوع، هيهات للذلة مهما أوغلت في تعذيبي وقتلي، لن اختفي، لم أنس نتانة جذورك المتسلقة، التي نتنت رائحتها، ورأى العالم صورتها النهمة ووحشيتها النهمة في قتلي، كيف تطيح بمبادئ وقيم الإنسان، ورأى بصمات فسادك وطغيانك في وجه طفولتي والأبرياء في ساحتي، أنا أبحث عن السلام، عن العدل، عن العطاء والصدق، عن الحب،عن حرية اختياري للحياة التي أريد، لا أريد حياة تمضي تحت ظل خبث ثمارك النتنة، دونما شعور مستقر في قالب قذارتك النتنة.

مهما طال ظلام ليل اضطهادك، أنا مؤمن بأنك لابد أن تجتث من على أرض فلسطين طال الزمن أو قصر، اضطهادك لي ليس لأنك تكرهني، بل خوفا مني، ويتجلى خوفك بتهشيم ساحتي وقتلي لكي تسود ساحتي، وأنسى أصلي الثابت، لكن هيهات أن ينفطر جذع أصلي أمام صفتك المتبلدة بين عشية وضحاها. وسيادتك التي لا تبالي بصراخي وألمي، فغايتك أن تحقق تلفيق التهم ضد وجودي وانتزاع حقوقي عن طريق قتلي بوحشيتك، لكي تحيلني لقبر تحت التراب وتعلق أثري على حبل المشانق.

إنا الأضعف في حلقة خبثك، لكن، صبري ينبعث من قوة إيماني بقضيتي، وإرادتي التي تقاوم الاستسلام لوحشيتك، رغم معاناتي، أحاول بطفولتي التي سلبت براءتها التغلب على قهرك، وعزلتي التي فرضتها علي، إيماني يلعب دورا هاما في وحدتي رغم كثافة تعذيبك وقسوتك التي لا تكسر إرادتي، سأتحمل ولن أرحل عن ساحتي مهما طغيت وعقدت محاكمك الظالمة ولن أقف مكتوف الأيدي أمام قضاتك الذين نصبتهم ضدي.

اضطهادك لي عكس التعايش المجتمعي، وفتنك التي تحدثها كلها من ثمار خبثك لكي تحكم سيطرتك على ساحة مجتمعي الطيب الطاهر، وأنا بطفولتي على قلة حيلتي وضعفي، لازال في كلامي الكثير لم أقله، ولو فعلت لأعطيت العالم درساً على قذارة ونجاسة ثمارك، لكن كلامي المقتضب يروي ما أريده عن الاضطهادك الذي وقع عليَّ، فأنا البذرة التي تقودك إلى حتفك، لن اسمح لكذبتك أن تدوس على براءة طفولتي أو تجرح خاطري، سامشط قذارة ثمارك بجسدي، وأروي بذرة شجرتي الطيبة بدمي لتنمو وتبقى في حقل ساحتي الممتد من البحر إلى النهر، وأفرك لحاء شجرتك الخبيثة بإيماني الثابت، وأدس ما اشتهي من أحلام عند أروقة مجدي وأصلي، كذبتك التي حبكتها تفسر لي طعناتك عند كل شبر من ساحتي تطارد خبثك وهو يعدو إلى حتفه، يقول شيء ما أمامك.

لقد أوهمت العالم ببكائك يدعي كل الكذب حتى تصطاد أعذب ما في طفولتي الجميلة بطيشك، الآن، الآن في غزة العزة، كذبتك أيها المصطنع تندب حظها، وأفعالك البلهاء تتحرك وهي محشوة بالوهن، حسبك الواهمون أنك قوة ما بعدها قوة، لتأخذهم إلى الهاوية، وأنا علمت أنك تهتريء كلما طغيت، وقد رست قوتك على تجاويف طفيلياتك الخبيثة، وعفن ثمارك، وقذارة تجاويف شجرتك الخبيثة، لكونك تصنيف لمعظم الشرور، ولكل ماهو غير أخلاقي؛ بل أنت الخطيئة الكبرى على جبين الإنسانية، جمعت الغرور، والكبر، والشهوة، والحسد، والشراهة، والتعصب المقيت، والدناءة.

تعليق عبر الفيس بوك