الهجرة العكسية وفشل المشروع الإسرائيلي

 

 

حمد الناصري

 

يقول البروفيسور يوفال هراري المُحاضر بكلية التاريخ في الجامعة العِبْرية في تل أبيب بأنّ مُعدل الهجرة العكسية في تصاعد في ظل تنامي نفوذ التيار الديني اليميني المُتطرف والأحزاب اليمينية في المجتمع الإسرائيلي.

ويوضح البروفيسور هراري بأنّ الهجرة العكسية تُعد من أبرز التحديات والمشاكل التي تُواجه إسرائيل منذ تأسيسها عام 1948 وفي ظلّ التغيّرات المجتمعية والاقتصادية التي يدفع بها نتنياهو تُتم إعادة التفكير في الهجرة العكسية لأسباب ديموغرافية وأيدلوجية.

ومن جانب آخر، أرى ويرى العالم أنّ إسرائيل تقوم وبمباركة أمريكية بقتل الفلسطينيين في غزة وحتى في الضفة بأسلوب الإبادة الجماعية ولا تتورع عن قتل الآلاف من الأطفال والعجزة في ملاجئهم ومشافيهم وفي دور الرعاية وفي المساكن الآمنة ورغم كل تلك المجازر فمخاوف الفرد الإسرائيلي ازدادت بشكل مُضطرد وارتفع عدم الشعور بالأمان إلى مُستويات قياسية ويُضاف لتلك المخاوف الصراعات الداخلية في المجتمع الإسرائيلي وتصاعد ظهور النزعة اليهودية الحريدية أو جماعة الحريديم المُتديّنة والتي تُطبّق الطقوس الدينية اليهودية الأصولية بكل تفاصيلها الدقيقة للشريعة اليهودية كمحاولة منها لتطبيق التوراة في إسرائيل.

ولا يزال جيش الاحتلال الصهيوني مُستمرًا بقصف المدنيين وارتكاب المجازر بحق العُزّل من النساء والأطفال والعجزة في غزة المُحاصرة حتى هذه اللحظة واليوم هو الـ85 من انتفاضة طوفان الأقصى.. ومع احتدام الصراع فلا تزال لفصائل المُقاومة الفلسطينية اليد الطُولى والبأس الشديد في التصدي للعُدوان الإسرائيلي الغاشم ومع عدم وجود أفُق واضح وقريب لتسوية سياسية وفق الشروط التي تريدها أمريكا وإسرائيل مما يعني أنّ تطورات خطيرة قادمة، مِحْورها الذي خططت له الزعامات الإسرائيلية تغيير ديموغرافية فلسطين وإزالة الأقصى الشريف وتوطين ما يتبقى من الشعب الفلسطيني في سيناء أو مناطق أخرى بغطاء أمريكي ومُباركة الغرب والأمَم المتحدة ومجلس الأمن وحتى الجامعة العربية!

إنّ اقتحام غزة بالزحف البري لا يُمكن اعتباره عملية عسكرية عادية مع كل ثُقل الجيش الإسرائيلي من قوات الدبابات والمدفعية والصواريخ والطائرات بأنواعها؛ بل هي عملية إبادة جماعية ومسح كامل لغزة من على الخارطة، وطبعًا هذه تشكل جريمة مُتكاملة الأركان ضد الإنسانية وانتهاك لكل قانون أممي يختص بالإنسانية وحسب اتفاقية تعريف الإبادة الجماعية والتي صادقت عليها الجمعية العمومية للأمم المتحدة بقرارها الـ96 المؤرخ في 11 ديسمبر 1946 "الإبادة الجماعية جريمة بمقتضى القانون الدولي، تتعارض مع روح الأمم المتحدة وأهدافها ويُدينها العالم المُتمدّن".

إنّ كل ما ارتكبته إسرائيل من جرائم شنيعة ووحشية لم يمنح مواطنيها أي شعور إضافي بالأمان بل العكس فأصبح اليهود المُهاجرون إلى فلسطين أقل بكثير من الذين يُغادرونها في هجرة عكسية تعكس تبدد الحُلم الإسرائيلي بالنسبة لأغلبية الإسرائيليين وحزم الحقائب لترك "الوطن الموعود" بلا ندم ولا حسرة وقبل فوات الأوان.

خُلاصة القول.. إنَّ التضحيات الهائلة التي قدّمها ويُقدمها شعبنا العربي في فلسطين ورغم مرارتها وألَمها قد بدأت تُعطي مَفعولها وهزّت أركان عروش الزُعماء الصهاينة وبدّدت أحلامهم في تدجين هذا الشعب الأبي والعنيد. كما إنّ دماء أهلنا في فلسطين لم ولن تذهب سُدى وأنّ خيوط فجر الحرية أصبحت تُرى بالعين المجردة لكل ذي لُب وما النصر إلا من عند الله.

تعليق عبر الفيس بوك