الحرب الهمجية.. وأكاذيب الإعلام الغربي

 

فايزة سويلم الكلبانية

faizaalkalbani1@gmail.com

إعلام غربي بلا حيادية.. إعلام غربي بلا مهنية.. إعلام غربي بلا مصداقية.. هذا هو واقع الإعلام الغربي الذي يمارس أسوأ صور الانحياز السافر غير العادل، تجاه القضية الفلسطينية، وما يجري في غزة.

ونحن نودع العام 2023، ونستشرف عامًا جديدًا، أضمُّ صوتي لصوت أهلنا في غزة وأمنيات زملاء المهنة في القطاع المُحاصر، ومطالب شعوب العالم، كما أردد بكل فخر ما ذكره بطل الحرب الإعلامية الصامد وائل الدحدوح: "لا أمنيات تعلو فوق وقف الحرب المجنونة على غزة، وكما ننقل الحدث، أصبحنا نحن الحدث والصورة".

لم يكتفِ العدو باغتيال صوت الحقيقة من خلال وضع الصحفيين الفلسطينيين وعائلاتهم كأحد أهم أهداف الاحتلال الصهيوني؛ حيث بلغ  عدد الشهداء الصحفيين أكثر من 100 صحفي وإعلامي بمختلف القنوات الإعلامية السمعية والمرئية والمقروءة والتواصل الاجتماعي منذ السابع من أكتوبر، بخلاف عشرات الجرحى والمصابين، وعلى رأسهم مراسل الجزيرة في غزة وائل الدحدوح، الذي نجا من موت مُحقق، بعد استهداف عائلته واستشهاد عدد كبير منهم. الصحفيون والإعلاميون يتعرضون في كل لحظة للتنكيل والتهديد بالقتل؛ فقط لأنهم حملوا على عاتقهم مسؤولية إيصال الصوت والصورة وفضح جرائم الاحتلال في غزة للعالم أجمع رغم ما تعرضوا له من فقد وتهجير وإصابات واغتيالات واستهداف لأغلى ما يملكون من عائلاتهم وأبنائهم ومنازلهم، وزملائهم الإعلاميين ممن ارتقى شهيد الوطن والواجب، وهم مواصلون بكل عزم وإرادة رغم كل هذا الألم يقفون كالجبال الشامخة أمام عدسة الكاميرا ليحركوا ضمير العالم والشعوب لنصرة أهل غزة.

ومن المُخزي أن هذه الأبواق الإعلامية الغربية اعتمدت على الأكاذيب والتضليل في بناء خطابهم الإعلامي الذي استهدفوا به في الأساس تشويه سمعة المقاومة وتحديدًا حماس، التي ينعتونها ظلمًا وعدوانًا بأنها إرهابية، رغم أن إسرائيل هي الإرهاب بعينه. وقد روّج الإعلام الغربي لأكاذيب عديدة مثل: أن المقاومة تقتل الرضع وتغتصب النساء، وأنها قتلت عائلات بأكملها، في حين أن الاحتلال الجبان الوقح هو الذي يرتكب جهارًا نهارًا انتهاكات يندى لها جبين الإنسانية؛ فإلى جانب جرائم الإبادة الجماعية وتنفيذ المذابح الدموية، يعتقل الاحتلال الفلسطينيين ويُجبرهم على نزع ملابسهم ليظلوا شبه عراة في الخلاء، فأي وقاحة تلك وأي دناءة يمارسها هذا الاحتلال المجرم السافل.

كما كان هناك تسويق لبعض الإدعاءات الكاذبة التي جاءت على لسان رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو بوجود حالات من الاغتصاب والحرق للنساء الأسيرات لدى حماس، وتبين لاحقًا كذب هذه الإدعاءات، كما نشرت صحيفة عن مقتل فنانة الوشم "شاني لوك" على يد حماس أثناء الهجوم، وصرحت أمها لاحقًا أنها على قيد الحياة في مستشفى بغزة آنذاك، كما نُشرت مزاعم صهيونية عن قيام حركة حماس بقتل 24 طفلًا، وهي مزاعم كاذبة لا أساس لها من الصحة. إلى جانب نشر صورة مزعومة لما قيل إنه لطفل محروق، ليتضح بعد ذلك أن الصورة تعود لكلب أسود يتلقى العلاج، وقد استُخدِمت تقنيات الذكاء الاصطناعي لإظهار أن الصورة حقيقية. وما بثته إحدى القنوات العبرية حول وجود أطفال مقطوعي الرؤوس، واتضح لاحقًا باعتراف المراسلة أن "أحد أفراد الجيش طلب منها قول ذلك" وأن ما قالته غير صحيح.

وغيره الكثير من مقاطع الفيديو المصطنعة والمفبركة والتي أثارت السخرية والاستهزاء في أوساط الرأي العام.

الجميل أن الجمهور المُتلقي بجميع دول العالم أصبح اليوم واعيًا يقظًا متفهمًا وناكرًا لجميع أقوالهم وأفعالهم الإعلامية وإدعاءاتهم، فنجد الرفض والإنكار لما ينشرونه يأتي من عقر دارهم مخالفين لما ينشر العدو ويدعي، هذا إلى جانب المقاطع الواقعية التي تفضح كذبهم، مثل تصوير مشاهد تفجير الميركافا حتى من "المسافة صفر"، أو تلك التي المشاهد انتشرت في فترة الهدنة حين يتم تسليم الأسرى الإسرائيليين إلى الصليب الأحمر، وهم يبتسمون بل ويودعون عناصر حماس، تعبيرًا عن شكرهم لحسن المعاملة التي وجدوها أثناء فترة أسرهم لدى المقاومة. علاوة على ما ذكره أسرى مُفرج عنهم وتحدثوا عن مدى حسن التعامل معهم.

إن الحرب الإعلامية لا تقل ضراوة عن الحرب العسكرية التي يخوضها أبطال المقاومة في غزة، لذلك علينا نحن جموع الصحفيين، أن نعمل على الإسهام بإيجابية في نشر الحقائق ودحض الأكاذيب التي يروِّج لها الإعلام الصهيوني والغربي الذي قرر أن يتنازل بأثمان بخسة عن ضميره المهني والأخلاقي، وأن يدهس القيم الإنسانية بأقدام الهمجية والبربرية.