لعبة الأمم (3-3)

 

محمد بن حمد المسروري

ذكرت بعض وسائل الإعلام أن أفكار الرئيس الأمريكي جو بايدن تختلف كليًا مع حكومة جذور البصل الصهيونية والمدعوة كذبًا "إسرائيل"، وأنه- أي بايدن- له رؤية خاصة بشأن الشوكة في حلق زعماء إسرائيل - غزة العزة- وأنه يرى تدجين غزة بعد إفراغها من المقاومة الفلسطينية بمختلف فصائلها ودمجها في دولة فلسطينية-المدجنة قبلاً  بأفكار  خليفة شارون- منزوعة الإرادة والسلاح والحركة والملزمة بالتخابر مع إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني.

بينما يرى وزيرا الأمن والدفاع في حكومة التطرف الصهيوني، إبادة الفلسطينيين إبادة كاملة بدأ بغزة ومن ثم الضفة الغربية للانقضاض على ما تبقى من ذكرى "حبيب ومنزل" من فلسطين وأرض فلسطين، وأن على العرب والمسلمين أين ما وجدوا وبكل أعدادهم وممتلكاتهم، البحث عن حوائط مبكى أخرى ليس مثلما للصهاينة من اليهود وليس كمثلما لهم حوائطهم التى اتخذوها للبكاء حينما يودون أن يكذبوا ويمثلوا على ربهم، وهو أعلم بما يضمرون في سرائرهم وسوء الطوية في أعماقهم.

فهل هذا حقًا ينطبق على أفعال بايدن الذي كاد أن يغشى عليه من الضحك وهو يرى صور أطفال فلسطين أشلاء متناثرة بين ركام منازلهم في أحضان أمهاتهم وفي المستشفيات تأثرًا من المشهد الفضيع في حرب الإبادة التي يشنها جيش الاحتلال الصهيوني المدعوم أمريكيا وبريطانيا بل وأوروبيا، فقرر تجاوز سلطات الكونكرس الامريكي وأرسل حاملات الطائرات والغواصات النووية للبحر الأبيض المتوسط لإفراغ قذارتها من قنابل ذكيها وغبيها، خاصة بتدمير أعماق ما أقيم من بناء على أرض غزة ولتدمير كل شيء قائم على سوقه، ولم يسلم من ذلك الدمار الشامل كبار السن والمعاقون بل والعاملون في المشافي وسيارات الإسعاف وفرق الإنقاذ.

هذا ما فعله رئيس الولايات المتحدة الأمريكية الطيب إلى الآن، وهو متأثر جدًا بما عاثه الصهاينة بفكره وأسلحة أمريكية وبأموال دافع الضرائب الأمريكي، فقال  لنتنياهو "أنتم لم تفعلوا ذلك بل الفلسطيون فعلوه بأنفسهم.. أليس كذلك؟" وبطبيعة الحال أكد مجرم اليهود (نتن ياهو) بالقول "نعم سيدي".. كلاهما كذِبَا أمام العالم كله، هذا نموذج فقط للكذب الصهيو-أمريكي اللعين.

وعندما عرض الأمر على مجلس الأمن المتسيد على الأمم المتحدة كانت الولايات المتحدة بأمر من الرئيس بايدن موافقة على رفض القرار لمرتين حتى الآن خلال هذا العام وحده، تاركة الفرصة لمجرمي الحرب النازيين من الحركة الصهيونية العالمية، على الاستمرار في ارتكاب المذابح المتتالية ضد العزل في فلسطين المحتلة، وامتناع الحرباء أم المكائد بريطانيا، لتظهر بجلد المسالم لاتفاقها المسبق مع الولايات الصهيونية المتحدة، لتخرج هي بأقل الخسائر أمام مستعمراتها القديمة المتجذرة والمتجددة بمظهر التماسيح، مع صيغة القرار أمام مجلس الأمن المقدم من الإمارات العربية المتحدة الذي وافق عليه 13 عضوًا من أعضاء مجلس الأمن وامتناع الأفعى تاركة المجال للولايات المتحدة لتقول رأيًا اتفقا عليه قبلًا، فعلى الجميع أن يفقه ويعي أن إسرائيل هي الولايات المتحدة الأمريكية وهي بريطانيا، وكلاهما لاخيار لهما عن سطوة الصهاينة اليهود في بلادهما ماليا وإعلاميا وسياسيا، وإلّا من جاء بالرئيس بايدن للحكم في ولايات قرارها بيد الصهيونية العالمية إلا إذا كان فهم طوعًا أوقهرًا، والأمر كذلك في بريطانيا، التي زودت دولة الصهاينة في آخر محاولة لإنقاذها من المواجهة مع شعب أعزل، بقنابل النابالم وقنابل اليورانيم المخضب المحرمة دوليًا، إلا عليهم مثلما فعلوا في العراق قبل ذلك.

الأمر غير ملتبس على العام قبل الخاص،  هذا هو فعل دول الشر في كل مكان وأينما وجدوا، إنما للحرباء ميزة التلون بغية إيهام الآخرين بأنها الأصدق وهي على كل حال الأكذب على مستوى العالم وليس لها ذمة ولا شرف، فهم لايرقبون في مسلم إلًّا ولا ذمّة. انظر إلى تناقض رؤياهم حول العالم، فهم وحفيدتهم الولايات المتحدة يحاربون روسيا لأنها- من وجهة نظر إعلامية- محتلة لأراض أوكرانية، بينما تقول روسيا إنها أماكن سكن روسية أصلا. أما في حالة فلسطين فإنهم يرون أن دولة الاحتلال الإسرائيلي لها الحق في قتل الأطفال والنساء والشيوخ وعامة بني البشر الأصليين على تلكم الأرض ليحل محلهم شُذَّاذ الأرض من مدعي الديانة اليهودية لإقامة دولة لأؤلئك الشذاذ المدججين بأسلحة بريطانيا وأمريكا وفرنسا وغيرها من الدول الأوروبية الصليبية بحسب تعريفهم هم.

لكن ستبقى بذات الأسلوب الذي تم به إبادة الهنود الحمر في ما يعرف الآن الولايات المتحدة الأمريكية، المقاومة الفلسطينية برغم سفائن الشهداء اليومية التي تزف إلى المقابر، الجميع يعلم جيدًا أن الدم سينزف دمًا مثله، ولا فكاك للصهاينة من بندقية المقاومة الفلسطينية. ستنتصر المقاومة- باذن الله- وستندحر قوى الشر في أعز أفكارها وإمكانياتها وقوة ما امتلكته أسلحة فتاكه لمواجهة رجال أمنوا بالله وحده وما امتلكوه من أسباب قوة وهبها الله لهم.

هذه ليسة غزة وحدها ولكن نهضة أمة تنطلق- بإذن الله- الى ما أمرها الله به، "وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ".. يقول تعالى: "وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ" صدق الله العظيم.