سن التقاعد الجديد وقصة الدرجة الخامسة

 

محمود بن سعيد المحروقي

abouhatm434@gmail.com

 

لا شك أنَّ العمر الوظيفي الذي يقضيه الموظف الحكومي هو نتاج سنوات من العطاء والبذل كل حسب قدراته وإمكاناته وأن هذه المرحلة من عمر الإنسان مشبعة بكثير من الطموحات والآمال والتحديات التي يتعلق بها المرء، ومن ضمنها التفكير بما ستؤول إليه الأحوال بعد هذه المرحلة الوظيفية، والتي يطمح بعدها أن يجد تقديرًا عاليًا عند الاستعداد للخروج للتقاعد.

وحيث إن الحكومة الرشيدة بقيادة عاهل البلاد المفدى وضعت نصب أعينها تأسيس نظام موحد في مسألة التقاعد لتأصيل أهداف طموحة من العدالة الوظيفية والأبعاد الاقتصادية التي تفضي في نهاية المطاف إلى وجود مسارات مالية ثابتة غير متزعزعة وهو ما يعيه الموظف الحكومي المدرك لمراحل البناء التي تحتاجها هذه المنظومة الطموحة والتي تمتاز بوجود مزايا ومنافع واسعة وشاملة لفئات متنوعة أصبحت مستهدفةً لتنعم برخاء وخير هذا البلد المعطاء، إلّا أن التغيير في العمر الوظيفي لاستحقاق التقاعد قد أثار جدلًا واسعًا كان لا بُد من تبيانه لتحديد الآراء التي لا يكاد يخلو ركن في بيئات العمل الحكومية إلّا والمنظومة المرتقبة التطبيق حاضرة في جميع المداولات، وخاصة فيما يتعلق بسن التقاعد الجديد.

ولا بُد هنا من التأكيد على أن القطاعات الواسعة والمتنوعة في أجهزة الحكومة تختلف من مكان عمل لآخر، فمثلًا لو أخذنا القطاع التربوي، فنجده في الأغلب ينادي بمرونة السن المسموح به للتقاعد، وذلك عند إكمالهم 20 عامًا في الخدمة الوظيفية، كما في السابق؛ لكون هذه المهنة الرفيعة أخذت من الجهد والبذل الكثير، وكذلك يقاس على ذلك العاملون الملتحقون بالقطاع الصحي، الذي لا يتسع المجال لذكر تضحياتهم العالية أيضًا. ومن الواجب تقديرهم بإيجاد المرونة في شرط عمر التقاعد، وكذلك الحال لقطاعات عديدة في الجهاز الإداري للدولة وخاصةً الوحدات الخاضعة لقانون الخدمة المدنية، التي لطالما كانت تحصل على أقل المنافع والامتيازات، بالمقارنة مع وحدات الجهاز الإداري الأخرى، فلا ضير من مراجعة هذا الشرط وجعله اختياريًا حسب قدرات وظروف الموظف بعد خدمة امتدت لعشرين عامًا.

كما أن مُدد الخدمة الوظيفية للعديد منهم قاربت على العشرين؛ سواءً كانت شهورًا أو سنوات قليلة. ولأن القوانين والنظم وُضعت من أجل المصلحة العامة، فكان لزامًا استذكار قصة الدرجة المالية الخامسة التي زُرعت في إحدى سلالم الدرجات المالية في إحدى الفترات سابقًا عند تطبيق قانون الخدمة المدنية رقم 120/2004، والتي لم تكن توازي أي درجة مالية سابقة للسلم المالي القديم آنذاك. وقد ارتكز الإلغاء وقتها بحمد الله وتوفيقه على 3 أركان أُلغيت بموجبها هذه الدرجة؛ حيث كان أولها المطالبة الواضحة من قبل المتضررين في ذلك الوقت، وثانيهما وجود مسؤولين حملوا على عاتقهم توصيل رسالة المطالبات بكل صدق وإخلاص، والركن الثالث والتي ترتكز عليه طموحات المواطنين وآمالهم، وجود مظلة سلطانية سامية أمرت فورًا بإلغاء الدرجة الخامسة؛ لترجع الأمور إلى نصابها الصحيح والسليم، ومعالجة الآثار المترتبة عليها. وهذا ما يلتمسه العديد من الموظفين اليوم في وضع شرط السن اختياريا بعد خدمة العشرين عامًا، والمراجعة المستمرة للجوانب المالية المستحقة للموظف بما يضمن استقراره وتقديره.

إن مرحلة البناء مستمرة- بفضل الله- ثم بفضل قائد المسيرة المتجددة النيرة جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- أيده الله- وهي المسيرة التي تنظر إلى مرتكزات لا تنفك عن التحديث والتطوير ورؤية ثاقبة لتحقيق ديمومة بناء الإنسان والمكان.

تعليق عبر الفيس بوك