الوظائف.. عمود الحماية الاجتماعية

 

راشد بن حميد الراشدي

كل التوظيف بكل أشكاله وألوانه أريد له أن يبقى متموجًا دون حلول جذرية ودون قوانين وضوابط صارمة، فطال أمده رغم الصبر المُر لشبابنا؛ حيث احترقت الأغصان وبقيت الشجرة جافة تصفر من حولها الريح.

الوظيفة اليوم غير الأمس، والحال اليوم غير الأمس، مشاهدات تبكي الرجل الحر وتحرق قلب الوالدين لحال أبنائهم الذين تخرجوا في أفضل جامعات العالم وصرف الوطن عليهم الآلاف ليعودوا باحثين عن عمل لسنوات تنقضي من أعمارهم، وقد تبخرت أحلامهم الوردية في مساعدة والديهم وتكوين أسرة وامتلاك مصدر دخل يكون من كد يديه وعرق جبينه، حتى بات كل ما حوله مجهولًا، وبأمل مفقود أن ينقشع الليل ويأتي الصبح بفجر جديد.

والمُسرَّح من عمله حالته أصعب من حالة الباحث عن عمل؛ فهو مهدد بتفكك أسرته وغياهب السجن وضياع أطفاله.

اليوم وكما نسمع ونشاهد تلك العواقب الوخيمة التي يجنيها البعض، فلا زواج وهناك فراغ وطاقات تُهدر وشباب يضيع في متاهات الحياة، أرقام وإحصائيات تعلن عن من يصابون بالأمراض الجنسية (مثل الإيدز) ومن يتعاطون المخدرات ومن ييأسون من الحياة وتصيبهم الأمراض النفسية ومن يرتكبون جرائم بسبب فاقتهم، كل ذلك أصبح اليوم وبالًا على الأُسرة والمجتمع؛ إذ كثرت حالات الطلاق وزاد عزوف الشباب عن الزواج بسبب عدم التوظيف وضعف الأجور، مع سلبيات أخرى مثل غلاء المعيشة وزيادة الضرائب والرسوم، فكيف لا يستصرخ المواطن.

لا بُد من وجود حلول سريعة لتوظيف الباحثين عن عمل، مثل إلزام الشركات بالتعمين في جميع القطاعات وبنسب عالية ومراقبة التزام الشركات مراقبة صارمة، إلى جانب إنشاء المشاريع الكبيرة وتعزيز الاقتصاد. كما إن وجود وزارة أو هيئة تعنى بهذا الملف الحيوي خاصة بالموظفين العمانيين فقط في القطاع الحكومي والخاص، سوف يُسهم في حل هذا الملف الذي يعد من أهم تحديات المستقبل ورؤية "عُمان 2040".

التوظيف سوف يسهم في استقرار أبناء عُمان وحل العديد من القضايا المرتبطة به كالزواج واستقرار الأبناء وعدم الانجرار إلى الكثير من مسالك السوء، وأيضًا بناء الوطن بسواعد أبنائه بكل اقتدار، مع أهمية القضاء على سلبيات التوظيف العشوائي لآلاف الوافدين ووجودهم في وظائف يمكن أن يشغلها المواطن. أضف إلى ذلك أن تخفيض الرسوم والضرائب ورفع الأجور كل ذلك سيُساهم في وجود حماية اجتماعية آمنة.

اليوم.. أناشد جميع الجهات المعنية من القطاعات الحكومية والخاصة والمعنيين بالأمر لتدارس قضية الشباب الأولى وهي قضية التوظيف وإيجاد الحلول المناسبة لها.

حفظ الله عمان وسلطانها وشعبها وجعلها واحة للأمن والأمان والازدهار، ومع العام الجديد 2024، سنكون على موعد ومستقبل أفضل بإذن الله وسيتحقق الخير لهذا الوطن.. وكل عام والجميع بخير؛ فبالتوظيف ستتحقق الرعاية والحماية الاجتماعية الشاملة.