تالا.. لقد وصلت رسالتك ولكن!

 

د. خالد بن علي الخوالدي

 

‏أشعر بالخجل والألم والحسرة والندم على وضعنا عندما قرأت رسالة الطفلة الغزّاوية (تالا)، كلماتها تؤكد لي أن رجولتنا منقوصة، وأن ما تفعله نساء غزة وأطفالها أكبر بكثير من كل الشوارب التي تدعي الرجولة، كلماتها توحي لنا بأنهم يعيشون في زمان غير زماننا.

الطفلة تالا طلبت أن تصل رسالتها إلى جميع أطفال العالم، وقد قرأت رسالتها ودمعت عيني وأشفقت على وضعهم أيما إشفاق، كل كلمة منها كانت بمثابة مدفع في خاصرتي، أثرت فيني وقلبت موازين تفكيري، شعرت بأني لا أجيد الكتابة وبأن رسالتها أجمل من كل كتاب الأدب والصحفيين والمفكرين، كلمات خرجت من قلب صادق فأثرت بقلبي، كلمات بسيطة ولكنها لو وزنت بميزان ما كتبه الكتاب لرجحت في الميزان، ولعمري بأنها سوف تؤثر على كل قلب يحمل في دواخله العطف والرحمة والشفقة والإنسانية.

قالت الطفلة تالا في رسالتها "أنا الطفلة البريئة، أنا أعيش في ذل وإهانة، أنتم يا أطفال العالم، أغيثونا من فضلكم، غزة تحت النار ونحن نُريد أن نعيش في أمان، لا نريد أن نعيش في خوف وفزع.. أنا الطفلة حقي في أن أعيش في أمان وأريد أن أعيش مثل جميع أطفال العالم، غزة تحت الموت، أنا في مُعاناة كبيرة، أخرجوني من هذه المعاناة والإهانة، غزة تستنجدكم".

انتهت رسالتها ولم تنتهِ فيني الحسرات من صمت العالم كله أمام قتل الطفولة البريئة، لقد وصلت رسالتك يا سيدتي وتاج رأسي (تالا) ولكنها وصلت لمن لا حيلة له ولا قوة، وصلت فكرتك إلى الصغار والكبار ولكنها لم تصل إلى القلوب المظلمة والطاغية والمتجبرة ومصاصي الدماء، لم تصل رسالتك لمن قتل الطفولة وبراءتها وداس على كل القيم والمبادئ التي تحرم قتل الأطفال والنساء في الحروب، لم تصل رسالتك لمن دمر مدرستك وهدم بيتك ومسجد حارتكم والمستشفى الذي تتعالجين فيه وهجر أهلك وقتل أحلامك والدفء النفسي الذي تعيشينه في حضن أمك، بالمختصر قتل كل شيء فيك، ولم تعد تنفع تلك الرسالة في شيء لأن كل من قرأها وسيقرأها لا يملك وسيلة للدفاع عنك وصوتك أعلى من صوته ولا إرادة له فهو مذلول ومهان أكثر منك.

إننا نتألم أمام ما نراه ونشاهده ونسمعه من توسلات الأطفال والنساء ورغبتهم في العيش بسلام وأمان واستقرار، تعبت قلوبنا وأنفسنا من هول ما نتابعه من دمار آلة الحرب الصهيونية التي يقف أمامها العالم كله موقف المتفرج، لا ضمير ولا إنسانية ولا رحمة وشفقة وعطف على الطفولة البريئة التي تقتل وتهان وتذل من أعداء الإنسانية، لا عروبة ولا إسلام ولا إنسانية استطاعت إيقاف الهستيريا الصهيونية حتى الآن.

يا تالا.. يا سيدة الأطفال.. إنكم تدافعون عن عروبتنا وإسلامنا وأطفالكم أشجع من كل رجالنا، إنكم أملنا ومستقبلنا في تحرير الأقصى الشريف، فنحن أمة تائهة (لا ترى لا تسمع لا تتكلم)، أنتم أكثر إيمانًا بالله وظنًا فيه.. رسالتك وصلت، ولكن!