"مدائن".. وتوطين فرص الاستثمار

 

علي بن بدر البوسعيدي

الإيجابيات الاقتصادية والتنموية للمناطق الاقتصادية والحرة، تجعلها تتخطَّى مرحلة كونها مُجرد تجمُّعات لعدد من المصانع في مكان واحد، إلى كونها أداة فاعلة في تحقيق التنويع الاقتصادي، ورافد أساسي لتوفير فرص العمل؛ وقيمة مضافة لمنظومة الاقتصاد الوطني لتلبية احتياجات السوق المحلية وتوطين فرص الاستثمار، بما ينتقل بالمجتمع من خانة المستهلك إلى خانة المنتج، وهو المطلوب لتلبية متطلبات وأهداف التنمية الشاملة والمستدامة.

وفي بلادنا ولله الحمد، وكإحدى الثمار اليانعة لعهدين نهضويين غاليين: عهد السلطان المؤسس -طيب الله ثراه- وسلطان البلاد المُجدِّد مولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- فأينما يُولِّي العُماني شطره يجد منطقة حرة هنا وصناعية هناك، تعمل بكفاءة واقتدار على تحقيق التنمية المتوازنة بين محافظات وولايات سلطنة عمان.

فمنذ تأسيسها في العام 1993م، وتعمل المؤسسة العامة للمناطق الصناعية -والتي تعرف حاليا بـ"مدائن"- على توسيع رقعة المدن الصناعية في البلاد، حتى توزَّعت على مختلف محافظات السلطنة، في صور، وصحار، وريسوت، ونزوى، والبريمي، والرسيل، وسمائل، وعبري، والمضيبي، وواحة المعرفة مسقط كأول منطقة تقنية معلومات بالسلطنة، إضافة للمنطقة الحرة بالمزيونة ومجمعات مدائن الاستثمارية.

وقد أتيحت لي، قبل أيام، فرصة زيارة مبنى "مدائن"، ولكم فاجأني حقيقة حجم التطور الذي يشع به المبنى، ليس فقط على مستوى الشكل أو التصميم، وإنما على مستوى المهنية العالية، فأنت تشعر وكأنك في خلية نحل مليئة بالحيوية، فما إنْ تضع قدمك داخل المبنى حتى تجد حفاوة الاستقبال والترحيب تسبقك؛ الأمر الذي يعطي انطباعًا للزائر بأنه محل اهتمام وترحيب، وكذلك العاملون في "مدائن" ممن يسخِّرون كل إمكاناتهم لخدمة الناس الذين يأتون للتعرُّف على الخدمات والإمكانات الاستثمارية المطروحة، فلا يتوانون عن الإجابة عن أي استفسار؛ الأمر الذي يعكس أريحية في التعامل ورغبة في التواصل بشكل دائم واهتمام بمعرفة المزيد عن المزايا المقدمة.

كما تهتم "مدائن" ضمن برامج مسؤولياتها الاجتماعية بالمشاركة في مختلف الأنشطة والمحافل، كما تدعم الكثير من الفرص الاستثمارية أمام الشباب؛ كجزء من شعورها بالمسؤولية تجاه أبناء الوطن، فتكرِّس جهودها لتقديم كافة أشكال الدعم لضمان إنجاح المشاريع والفرص، والدفع بها نحو مساحة أرحب.

... إنَّ ما لمسته ويلمسه كل منصف من أداء عالٍ لـ"مدائن"، يجد نفسه وبشكل تلقائي يتطلع لمزيد من التضافر في الجهود التسويقية للمناطق الصناعية والحرة والاقتصادية، لانعكاسها المباشر على توسيع قاعدة الاقتصاد الوطني والصناعات الإنتاجية لتعزيز المحتوى المحلي وتوطين الاستثمار في الصناعات التي يحتاجها السوق الوطني. وهي فرصة أيضًا للتأكيد على ضرورة مُواصلة "مدائن" جهودها في ظل تنافسية شبكة الموانئ الوطنية، ودعم الجهود اللوجستية الوطنية في ضوء مستهدفات رؤية "عمان 2040"، بما يحقق تنافسية قطاعنا الصناعي بالتكامل مع الخدمات اللوجستية، من أجل تسريع انسيابية حركة التصدير، وصولًا لاقتصاد وطني ديناميكي يستفيد من تكامل بُناه الأساسية وعلاقات بلادنا الدبلوماسية الطيبة مع دول العالم؛ بما يُعزز الثقة والأمان لرؤوس الأموال ويدعم نمو التبادلات التجارية والاستثمارات المشتركة.