الصمود الغزاوي والموقف العُماني

 

نور بنت محمد الشحرية

 

53 عامًا مَرُّوا على نهضتنا الحديثة، وتاريخ الثامن عشر من نوفمبر له وقع مختلف في وجدان كل عماني، ذاك التاريخ المضيء والمُشرق في حياة كل عُماني وعُمانية؛ بل وكل من يعيش على تراب هذا الوطن العزيز.

ويشاء الله أن يصادف هذا اليوم من هذا العام 2023 فترة عصيبة على كل الأمة الإسلامية، ليؤرخ إلغاء الاحتفالات الرسمية بيومنا الوطني هذا العام موقف القيادة والشعب التضامني مع القضية الفلسطينية والمندد بالكيان الصهيوني الغاشم وجرائمه النكراء عياناً جهارا أمام مرأى العالم دون تستر أو وجل ودون خجل من قبل أنصارهم أمريكا وأوروبا وأذنابهم في المنطقة العربية. ونحن نستذكر مآثر "قابوسنا" علينا أن نشتد ونقوى بكلماته وتربيته لنا كأب، فقد علمنا أن نعلو على كل المحن، أرضنا وتاريخنا ومواقف العماني على مر الزمن بتقلباته التي تمر على الجميع، تثبت أننا شعب قهر المحن وحولها إلى منح في الشدة، وأننا شعب الوقار وشكر النعم بمد يد العون للغير في الرخاء.

نحن شعب التسامح والتسامح لا يتأتى إلا بالحكمة، والحكمة أساسها ومنبتها في كل نفس، تقوى الله ومعرفته وتقوى الله بوابة العزة والأنفة والنصر، لأنَّ الاتقياء رحماء بينهم شديدي البأس على عدو دينهم. وبكل فخر نحن شعب احترام ولاة الأمر طاعة انصياعا لأوامر الله تعالى، وإجلالا لمواقفهم الأبوية الحانية مع الرعية، والمشرفة للعماني في جميع قضايا أمته العربية والإسلامية، لا طاعة خضوع وخنوع. إنني اعتز وأرفع رأسي شامخًا وأنا أُعرِّف بنفسي أني عمانية، أفواهنا لم تلجم، وأصواتنا لم تكتم، وآراءنا لم تحارب، وأفكارنا لم تصادر.

يتباهى غيرنا بعلو البنيان، ووفرة المال، وترف الحال، وإذا ألم بالأمة عارض يؤلمها، فقط صوت عمان يعلو بالحق، قائد وساسة وشيوخ دين.

هذا الصوت الأبي والموقف الشامخ، يمسح عن قلب كل عماني شريف، ألم ما يعانيه مع إخوة العقيدة والدم والعروبة، هذا الصوت لم تقايض به حكومتنا أعداء الأمة لنعيش ترف المعيشة، مع فقر الضمير ورخص المبدأ، لم ترخصنا حكومتنا، لم نشعر بالخزي والعار، لم يلقَ مشايخنا في غياهب السجون، أو رهن الإقامة الجبرية في بيوتهم.

مواقف ومساعي سلطان البلاد المفدى هيثم بن طارق- أدام الله عزه وأبقاه- في القضية الفلسطينية والتي تعد امتدادا متدفقا لمساعي حبيب الشعب الراحل السلطان قابوس -طيب الله ثراه- منذ توليه مقاليد الحكم إلى أن توفاه الله، ويكمل مسيرته بكل حكمة وحنكة جلالة السلطان المعظم- أبقاه الله- بما يبهج خواطر الشرفاء إلى أن تتحد الأمة الإسلامية وتنادي بالنفير العام لنصرة فلسطين.

نشمخ بوقفة وزير الخارجية الشجاعة معالي السيد بدر بن حمد، وجهاد الكلمة لمفتي عام السلطنة الشيخ الجليل أحمد الخليلي، الذي يُطلق كلماته القوية، وما يقدمه من مؤازرة نفسية بالدعوات المستمرة، تعلو الأوطان بعلو أصوات مشايخ العلم والدين فيها، ويقيم ضمائر القادة وانسانيتهم، من ذلك الصوت العالي الصادح بالحق، الذي لا يخشى في الله لومة لائم.

أشد على يد كل من قاطع الشركات الداعمة لليهود، كل غيظهم كل غلهم كل ألمهم، ترجموه بالمقاطعة، كي لا يكون أحدهم متخاذلا أو منافقا أو عدوا خفيا لدينه.

يقول الله تعالى في محكم كتابه "لا يكلف الله نفسا إلا وسعها"، فهل وسع أطفال فلسطين أكثر من وسعنا؟!

ولكل متخاذل، أقول: لا تشيحوا بوجوهكم عن مناظر الجثث المشوهة، ولا عن الأطفال الجرحى الذين تضطرب أوصالهم وجعا وخوفا، لا تغمضوا عيونكم عن خبر بتر الأطراف الأربعة لطفل فلسطيني دون تخدير؛ لأن الدور علينا، وعليك أن تعتاد حتى لا يقودك الهلع وقتها للجنون أو للانتحار.

هذه الأموال التي نحب بها أنفسنا وندللها، تنفخ الغول الذي يلتهم أوطاننا العربية الواحد تلو الآخر.

كل أفراحنا ناقصة، ما لم تتحرر فلسطين ويدحر الصهاينة عن بكرة أبيهم الى حظائرهم التي قدموا منها، عبر قطاع الطرق الذين أفسحوا لهم في الأرض ليعيثوا فيها فسادا.

ولا ننسى حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال: "من سأل الله تعالى الشهادة بصدق، بلغه الله منازل الشهداء وإن مات على فراشه".

فاللهم ارزقنا الشهادة.

تعليق عبر الفيس بوك