تشو شيوان
إذا سألنا ما أبرز العلاقات الثنائية بين أي دولتين في العالم، أعتقد أن الإجابة لدى معظم الأشخاص ستكون العلاقات بين الصين والولايات المتحدة، وذلك لكون الولايات المتحدة أكبر اقتصاد وأكبر دولة متقدمة في العالم؛ وتعتبر الصين ثاني أكبر اقتصاد وأكبر دولة نامية في العام، فلا شك أن اتجاه العلاقات بين البلدين يجذب أنظار العالم ويتوقف عليه الكثير من الأمور المُستقبلية.
وقد وصل الرئيس الصيني شي جين بينغ إلى سان فرانسيسكو بعد ظهر الثلاثاء بالتوقيت المحلي الأمريكي، وهذه أول زيارة له إلى الولايات المتحدة بعد ست سنوات، وهنات تطلعات عديدة لهذه زيارة ويتطلع المجتمع الدولي إلى هذه الزيارة المهمة، حيث أن العالم أمام فرصة جديدة لكسر الفتور في العلاقات بين الصين والولايات المتحدة.
عندما نرجع إلى العام الماضي، فنجد أنه في نوفمبر العام الماضي توصل الرئيس الصيني شي جين بينغ مع نظيره الأمريكي جون بايدن إلى تفاهمات مشتركة بشأن العلاقات الثنائية في جزيرة بالي بإندونيسيا. ولكن للأسف الشديد، كانت الحملة الأمريكية اللاحقة على التكنولوجيات المتقدمة الصينية، وتجاهل الخط الأحمر للصين بشأن مسألة تايوان والضجة حول حادثة المنطاد غير المأهول تسببت في تدهور غير مسبوق في العلاقات بين البلدين.
وفي هذا الصدد، تأمل معظم الدول أن تحسّن القمة بين الصين والولايات المتحدة هذه المرة، فإذ أن تحسنت العلاقات الصينية الأمريكية فيطال التأثير الايجابي العديد من الدول حول العالم، وأجد أن ذلك مهم جداً للحفاظ على السلام والاستقرار والتنمية في العالم.
ومن وجهة نظر الجانب الصيني فقد بدأ الرئيس شي جولته إلى الولايات المتحدة، وعلى الجانب الأمريكي التعلم من أخطاء الماضي التي أدت إلى توتر العلاقات الثنائية وزادت في اتساع الفحوة والشرخ الذي تسببته في العلاقة بين البلدين، وهذه الزيارة فرصة مهمة وسانحة لتحسين العلاقات الثنائية، ولا ينبغي إهدارها مرة أخرى.
باعتقادي أنه إذا رغبت الولايات المتحدة في عودة العلاقات الثنائية إلى مسارها الطبيعي، فيجب أن تكون أفعالها قبل أقوالها صادقة، ونحن نعلم أن الصين قد بذلت الجهود العظيمة لتعزيز العلاقات بين البلدين، ودائما تعتبر الولايات المتحدة شريكا اقتصاديا مهماً، وقد حان الوقت للجانب الأمريكي أن يتحمل مسؤوليته لإظهار نيته الحقيقية، وذلك ينطوي على التخلص من أي مشاعر تفوق لا مبرر لها، والتخلي عن المواقف العدائية ضد الصين، والتنفيذ الحقيقي للاتفاقات التي توصل إليها قادة البلدين في العام الماضي، ومن الضروري للولايات المتحدة معالجة العوامل التي يمكن أن تضر بالعلاقات الثنائية مستقبلاً، وإظهار موقفها الإيجابي في إجراء حوار بنّاء مع الصين، ووضع الأساس لقمة ناجحة من خلال تهيئة بيئة إيجابية وتعزيز أجواء داعمة.
من ناحية أخرى، نعترف بأن هناك الاختلافات المؤسسية بين البلدين، إلا أن العلاقات الثنائية بعيدة كل البعد عن أن تكون غير قابلة للتوفيق، وبدلا من ذلك، أظهر البلدان روابط وثيقة عبر مختلف المجالات، وما يسمى بسردية "الديمقراطية مقابل السلطوية" التي يروج لها بعض السياسيين الأمريكيين قد عفا عليها الزمن في عالم اليوم، ولا تعكس روح العصر السائدة، وفيما يتعلق بالعلاقات الصينية الأمريكية. فيجب على الولايات المتحدة الالتزام بأقوالها وليس فقط التشدق بالألفاظ. وفي تعاملها مع الصين، فإن مصداقيتها تقوضت لاتباعها سابقا سلوكا يتمثل في قول شيء وفعل عكسه، وهذا ما يجب أن تتفاداه في قادم الأيام.
مع زيارة الرئيس شي إلى سان فرانسيسكو، تكون الصين بذلك مدت يد الصداقة والتعاون عبر المحيط الهادئ مرة أخرى. ومن المؤمل أن تظهر الولايات المتحدة المسؤولية والسلوك اللذين يليقان بقوة كبيرة من خلال التعاون مع الصين، وتوجيه دفة العلاقات الثنائية مرة أخرى إلى المسار الصحيح في أسرع وقت ممكن، وتقديم مساهمات إيجابية لدفع انتعاش الاقتصاد العالمي وتحقيق الرخاء المشترك للجميع، وهذا هو ما يأمله العالم أجمع، خصوصًا ونحن نعيش ظروف عالمية متوترة.