600 أمريكي ثمن دخول المساعدات إلى غزة

 

ناجي بن جمعة البلوشي

 

أصرت السلطات المصرية على إغلاق معبر رفح في وجه كل من يحاول الخروج من غزة باتجاه مصر وذلك بعد أن اندلعت معركة "طوفان الأقصى" في يوم السبت الموافق 7 أكتوبر والتي قابلتها دولة الاحتلال بمواجهة مسلحة ضارية لا تبقي ولا تذر، لم يسلم منها أحد إن كان من البشر أو الشجر أو الحجر.

وجاء  تخوف العزيزة مصر في اتخاذها لهذا القرار، مما هو مترتب على ما بعد الفتح، وهنا نلخصها  في عدة أسباب؛ منها: خروج الجالية الأمريكية والذين يقدر عددهم بحوالي 600 شخص يحملون الجنسية الأمريكية لا زالوا موجودين في غزة حتى كتابة هذا المقال، وانفراد العدو بالفلسطينيين دون تردد ولا رادع، وبدعم مطلق من الولايات المتحدة الأمريكية. والسبب الثاني هو الخوف من تهجير وخروج أهل غزة من ديارهم ودولتهم فلسطين إلى سيناء قسرا، خاصة بعدما ورد هذا الخيار من بعض القادة والساسة ومتخذي القرار الإسرائيليين وغيرهم ممن يحالفهم. أما السبب الثالث فهو اعتبار ما قاله رئيس الوزراء الإسرائيلي بأنه سيغير الشرق الأوسط الى الأبد، وذلك في أول ظهور له بعد أن قامت المقاومة بطمس هوية الجيش الذي لا يقهر ومسح كرامة المخابرات العسكرية الإسرائيلية "الشاباك" بالأرض ووضع الموساد الأعظم في جحره الذي خرج منه.

وإذا وضعنا سببا رابعا فإننا نقول إن العظيمة مصر متأكدة أن شيئا ما خفي دُس لها بعد أن وضعت ثلاثة من حدودها غير مستقرة، وبها فارين من الحروب والويلات، ألا وهي الحدود المشتركة مع ليبيا والسودان وفلسطين. أما السبب الخامس فيكمن في خوف الأم العربية الحنون مصر على الوطن العربي الكبير وعدم تهميش دورها في العمل العربي المشترك والدفاع عن القضايا العربية، وذلك حتى مع انشغال مصر في أزمتها المالية وما بها من جروح داخلية وبالتالي فإن تهميش دورها القيادي في المنطقة لم ولن يكون موجودا حتى وهي في أعسر الأحوال.

لذا بدأت هذه الانتفاضة العربية الشامخة في غلق الحدود مع غزة الأبية وجعل مصير كل من فيها متساويا أيًّا كانت جنسيته؛ فهناك يتواجد الكثير من الجنسيات المختلفة خاصة المحسوبين من الرهائن الذين تحتجزهم المقاومة الفلسطينية. وإذا أرادت أي قوة أيا كانت فتح الحدود لا بُد لها من الرجوع والطلب والتشاور مع مصر المهابة.

ومن هذه الطلبات والمرادات ما تريده أمريكا من مصر في إخراج 600 مواطن أمريكي ليعودوا إلى ديارهم من أجل كسب الرهان على التصويت في الانتخابات الأمريكية القادمة دون أدنى تفكير في مصير 2 مليون إنسان عربي فلسطيني، لذا فإن قدوم الرئيس الأمريكي الى إسرائيل لدعمها كان إعلانا دعائيا للجالية اليهودية واللوبي المتحكم في الكثير من الولايات الأمريكية للتصويت لصالحه وهي مهمة دعائية لا تختلف عن أي من مهامه الدعائية التي يجريها في أي ولاية أمريكية؛ فإسرائيل ولاية من ولايات أمريكا كما قالها صدام حسين.

إن مصر تواجه الكثير من الضغوط من أجل هذا الطلب، لكن مصر الأمة لا تزال متمسكة بذات طلبها المقابل، وهو فتح الحدود لدخول المساعدات، وبالتالي بقاء الفلسطينيين في ديارهم وأرضهم.

حفظ الله أرض الكنانة وجزاها عنَّا خيرًا.