30 مليون دولار خسائر مبدئية.. والشيكل يتهاوى أمام الدولار

الاقتصاد الإسرائيلي في طريقه للانهيار.. والتصعيد في غزة يزيد نزيف الخسائر المادية وشح الموارد الغذائية

 

الرؤية- سارة العبرية

يتكبد الاحتلال الإسرائيلي خسائر باهظة منذ اليوم الأول من بدء عملية "طوفان الأقصى" التي نفذتها فصائل المقاومة الفلسطينية، ليرد الاحتلال بقصف قطاع غزة بشكل لم يسبق من قبل، وسط إعلان حكومة الاحتلال الإسرائيلي حالة الحرب نتيجة مقتل أكثر من 1400 إسرائيلي وإصابة أكثر من 2500 على الأقل.

سجلت بورصة تل أبيب انخفاضا حادا في أسهم كبرى الشركات الإسرائيلية والمؤشرات الرئيسية، بعد يوم من عملية طوفان الأقصى التي أطلقتها المقاومة الفلسطينية صباح السبت السابع من أكتوبر ضد الاحتلال الاحتلال الإسرائيلي.

وعلى صعيد سوق المال والبورصة، انخفض مؤشر تل أبيب 35 بنسبة 6.47%، ومؤشر تل أبيب 125 بنسبة 6.69%، وتل أبيب 90 بنسبة 7.86%، كما انخفض مؤشر عقارات تل أبيب بنسبة 9.48%، ومؤشر البنوك بنسبة 8.7%، بينما تأخر افتتاح البورصة صباح اليوم 10 دقائق بسبب الانخفاض الكبير قبل التداول.

وبحسب قواعد البورصة في التداول المستمر، إذا انخفض مؤشر تل أبيب 35 بنسبة 8%، يكون هناك توقف لمدة نصف ساعة، يتم بعدها استئناف التداول، وإذا استمر المؤشر في الانخفاض بنسبة 12% بعد الاستئناف، يتم إيقاف التداول حتى نهاية اليوم بقرار من الرئيس التنفيذي للبورصة.

وفي السياق، وجه يوسي فرانك الرئيس التنفيذي ومالك شركة "إنرجي فيينناس"، انتقادات شديدة اللهجة إلى محافظ بنك إسرائيل، بسبب فتح التعاملات في بورصة تل أبيب، وقال "نحن في حالة حرب وكل شيء ينهار".

وتساءل فرانك في بيان عمم على وسائل الإعلام، "لماذا أعطيت الأوامر بفتح البورصة؟ أليس تعليق تداول العملات الأجنبية لعدة أيام وإيقاف النشاط في البورصة جزءا لا يتجزأ من محاولة تهدئة الأسواق والجمهور ومنع انهيار الشيكل والمؤشرات والأسهم الإسرائيلية؟".

التأثير على القطاعات الاقتصادية

وأثّرت الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة على كافة القطاعات الاقتصادية الإسرائيلي، وعلى الرغم أنه لم تتضح كلفة الحرب حتى الآن، إلا أن نزيف الاقتصاد الإسرائيلي مستمر نتيجة إغلاق قطاعات اقتصادية رئيسية وسحب قوى عاملة في السوق إلى الجيش، وغلق المدارس والمؤسسات التعليمية وتعليق صناعة الضيافة، إضافة إلى أن 42 شركة طيران أمريكية وكندية علقت رحلاتها إلى إسرائيل.

وأدى هذا الوضع إلى نقص حاد بالمنتجات الطازجة خاصة الدجاج والخضار والفواكه والخبز، في وقت تواجه شبكات التسوق في إسرائيل نقصا كبيرا في القوى العاملة بعد أن طُلب من العمال البقاء في المنزل مع الأطفال، بحسب صحيفة " ذا ماركر" التي تعنى بالشؤون الاقتصادية.

وبسبب إجازة وزارة الزراعة الإسرائيلية خلال الأعياد اليهودية التي استمرت أسبوعين وانتهت مساء السبت، توقف تخليص شحنات الخضار والفواكه الطازجة في الموانئ، دون قدرة المستوردين على الإفراج عنها بالوقت الحالي، ومع بدء إجراءات تخليصها الأحد، أُعلن أن الأولوية في توريد الخضار سيكون لوزارة الأمن والمستشفيات الإسرائيلية ما قد يشعر المستهلكون بنقص جزئي بالخضار.

وبحسب التقديرات الأولية لوزارة المالية الإسرائيلية، بلغت الأضرار التي لحقت بالممتلكات نتيجة اليوم الأول لـ" طوفان الأقصى" أكثر من 30 مليون دولار، بحسب ما أوردت صحيفة يديعوت أحرونوت.

ولحقت بعض الأضرار بالممتلكات والمباني العامة، مثل تدمير مركز الشرطة في "سديروت" وإلحاق أضرار جسيمة بمعبر بيت حانون "إيرز"، علاوة على تضرر أكثر من 100 مبنى جراء الصواريخ وإطلاق النار، ومئات المركبات المدنية.

توقف تدفق الغاز

وفي أول يوم لعملية "طوفان الأقصى"، تلقت سلطة الضرائب الإسرائيلية حوالي 1200 إخطار بالأضرار؛ حيث وصل نحو 700 منها إلى مركز الاتصال في عسقلان (أشكلون)، والبقية تم تسلميها في مركز الاتصال في منطقة تل أبيب.

وتوقف تدفق الغاز من حقل "تمار"، وفقاً لتقرير صحيفة "كلكليست" المتخصصة في الشؤون الاقتصادية. وعادةً ما يتخذ إدارة الحقل، الواقع قبالة شاطئ عسقلان، هذه الخطوة خلال الأحداث الأمنية الحساسة، تماشياً مع توجيهات وزارة الطاقة التي تأتي من وزارة الأمن الإسرائيلية.

وشهد مؤشر الغاز والنفط في البورصة انخفاضا بنسبة 9.2% يوم الأحد، نتيجة للمخاوف من تصعيد التوترات في الجبهة الشمالية مع لبنان، مما يمكن أن يؤدي إلى تهديد الاحتياطيات في حقول الغاز الواقعة قبالة السواحل الإسرائيلية.

ماذا عن الشيكل؟

وتوقع محللون ووسطاء أن يتراجع الشيكل عند بدء التداول إلى أدنى مستوياته خلال 7 سنوات سجلها الخميس الماضي، عندما وصل سعر الدولار الواحد 3.88 شيكل في التداول المستمر.

وسيؤدي المزيد من ضعف الشيكل وتراجعه أمام الدولار والعملات الأجنبية إلى ارتفاع أسعار المنتجات المستوردة في الأيام المقبلة، مما سيزيد من حاجة بنك إسرائيل إلى رفع أسعار الفائدة في 23 أكتوبر بنسبة 0.25% أخرى، لتصل إلى 5%، وفقا لتقديرات مراسل شؤون الاقتصاد والهايتك في صحيفة "هآرتس"، سيمي سبولتر.

و لجأ البنك المركزي إلى ضخ 30 مليار دولار لحماية الشيكل، كما تم إغلاق ميناء عسقلان ومنشأة نفط تابعة له.

أزمة طاحنة

ويواجه الاقتصاد الإسرائيلي تحديات متعددة في الوقت الحالي، وتتوقع وكالة موديز نمواً بنسبة 3% في إسرائيل خلال عامي 2023 و2024، لكنها تشير إلى أن تلك التوقعات لا تأخذ في اعتبارها التأثير السلبي الذي قد ينجم عن استمرار التوترات الاجتماعية والسياسية لفترة طويلة.

وفي إبريل الماضي، خفضت وكالة موديز نظرتها المستقبلية لإسرائيل من "إيجابي" إلى "مستقر"، ولكنها أبقت على تصنيفها الائتماني A1.

وبالنسبة لأداء شبكات التسوق وتوفر المواد الغذائية، يحتمل حدوث نقص حاد في المواد التموينية والغذائية وشلل في شبكات التسوق في جنوب إسرائيل.

من ناحية أخرى، أشار أوري غرينفيلد، كبير الإستراتيجيين في شركة "بساجوت" للاستثمارات، إلى أن الحرب الحالية قد تكون لها تأثير أكبر مقارنة بالعمليات العسكرية السابقة في الجنوب. وقال إنه من غير المرجح أن تتمكن الأسواق المحلية من التعافي بسرعة هذه المرة، لذلك لا ينبغي الإفراط في التفاؤل.

التأثيرات على الاقتصاد العالمي

قال أوغستين كارستنز رئيس بنك التسويات الدولية إنه "من السابق لأوانه استقراء الكيفية التي ستؤثر بها المواجهات في إسرائيل على الاقتصاد العالمي الذي لا يزال يعاني من ارتفاع التضخم بعد جائحة كورونا".

وأشار كارستنز -خلال مداخلته أمام الرابطة الوطنية لاقتصاديات الأعمال- إلى أن هذا يؤثر بشكل تقليدي على سعر النفط وقد يؤثر على سوق الأسهم أيضاً، لكنه أكد أنه من السابق لأوانه القيام بتوقعات دقيقة في الوقت الحالي.

تعليق عبر الفيس بوك