الأوامر السامية وترقيات الموظفين ونمو الاقتصاد

 

فايزة بنت سويلم الكلبانية

faizaalkalbani1@gmail.com

 

لا شك أنَّ التوجيهات السامية لحضرة صاحب جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- والتي أُعلن عنها في أعقاب تفضل جلالته بترؤس اجتماع مجلس الوزراء، تُبرهن على مدى الاهتمام السلطاني بمتطلبات أبناء شعبه، وملامسة حكومة جلالته لكل ما من شأنه أن يُخفف العبء عن المواطن، في ظل ما نتعرض له من ضغوط وتحديات اقتصادية بسبب الأوضاع الإقليمية والدولية، وتذبذبات أسعار النفط وحركة التجارة، ما يسبب تأثيرات على اقتصادنا الوطني ومعدلات النمو.

غير أن الحكومة الرشيدة وتنفيذًا لتوجيهات جلالة السلطان وأوامره السامية، نجحت في تخطي العديد من التحديات الاقتصادية؛ إذ سعت جاهدة للعمل على مختلف الأصعدة للخروج من كل هذه التحديات. اليوم نحن نلمس كافة النتائج التي تتحقق بفضل هذه الرؤية السديدة الحكيمة. ولعل ما أقره مجلس الوزراء الموقر بناءً على التوجيهات السامية، بترقية موظفي الجهاز الإداري للدولة لمستحقي أعوام 2013- 2016، وكذلك توجيه جلالته لاستغلال الفوائض المالية التي تتحقق منذ شهور، في تنفيذ عدد من الأهداف التنموية والاقتصادية. كل ذلك يؤكد أننا ماضون في الطريق الصحيح للتعافي الشامل لمختلف القطاعات ومجالات العمل.

ولذلك نأمل توجيه مزيد من السيولة ورؤوس الأموال نحو تنمية المشاريع ودعم القطاع الخاص وتخفيف الأعباء عنه، وكل هذا يتطلب منَّا المزيد من الصبر والسعي للتكيف مع الحلول المتاحة والمحيطة لنصل معًا إلى غدٍ أفضل لوطننا الغالي. فقد تحقق الكثير من النتائج الإيجابية بفضل السياسات الحكيمة وتحلي المواطنين بالصبر في مواجهة الضغوط، فقد رفعت وكالة ستاندرد آند بورز ووكالة فيتش التصنيف الائتماني لسلطنة عُمان إلى BB+ مع نظرة مستقبلية مستقرة.

كل هذه الجهود ستنعكس على النمو الاقتصادي للبلد، ولكن النتائج على الأفراد والقطاع الخاص قد تظهر بشكل ملحوظ خلال السنوات القليلة القادمة أكثر من الواقع الحالي، لذا نحن بحاجة لرفع المعنويات والمزيد من التفاؤل وتكثيف المشاريع والشراكات التي من شأنها توفير السيولة للاقتصاد العماني ليعود السوق والقطاع الخاص لمزاولة نشاطه وأعماله بشكل أكبر. واليوم قد تكون الاكتتابات العامة في بورصة مسقط واحدًا من أبرز الحلول التي يمكن أن تفتح الباب واسعًا أمام استقطاب المزيد من السيولة ومن ثم ضخها في الأسواق في هيئة استثمارات ينتفع بها الجميع.

 وقد شهد السوق العماني خلال الأسابيع القليلة الماضية أضخم اكتتاب في تاريخ سلطنة عُمان، المتمثل في "اكتتاب شركة أوكيو لشبكات الغاز"، حيث بلغت نسبة الأسهم المطروحة للاكتتاب 49%، وحسب آخر التصريحات فقد شهد الاكتتاب طلبات بقيمة تتجاوز 4 مليارات ريال، أي بمعدل تغطية وصلت إلى 13.9 مرة، ليكون بذلك أضخم اكتتاب عام في تاريخ البورصة العُمانية من حيث الحجم، ورأس المال المطروح للاكتتاب، هذا إلى جانب القيمة السوقية للشركة بعد أن بيع نسبة 49%، وإدراج كامل الأسهم في بورصة مسقط.

مثل هذا التوجه للاكتتاب العام قد يكون حلاً متاحاً أمام الكثير من الشركات الكبرى وخاصة العائلية منها، مهما تنوعت مجالاتها وقطاعاتها بين النفط والغاز أو البنى الأساسية  أو غيرها من المجالات الأخرى، مما سيكون له الأثر الإيجابي من حيث تعميق أداء بورصة مسقط، وزيادة القيمة السوقية لها، وجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية في سوق رأس المال، إلى جانب تعزيز الملكية العامة للمواطنين في مثل هذه الشركات، والمشاركة في الأرباح وتنمية المدخرات، وتوظيفها في توسيع الأعمال وأنشطة الشركات، بما يساعد في توظيف الشباب وإنعاش الاقتصاد.

ويؤكد نجاح اكتتاب شركة أوكيو لشبكات الغاز على مدى الثقة العالمية في الاقتصاد العماني، وضرورة تفعيل التخصيص والحوكمة، ولقد أعلن جهاز الاستثمار العماني عزمه طرح عدد من الشركات المملوكة له في بورصة مسقط، وهذا أمر مُبشِّر للغاية.

وختامًا.. إنَّ مواجهة التحديات تتطلب تضافر كافة الجهود، والعمل على طرح مختلف الحلول واتخاذ كل ما يلزم من إجراءات من أجل إنعاش الاقتصاد، والارتقاء بمعيشة المواطنين، وتوظيف الشباب، وتحقيق الأهداف المستقبلية، وفي مقدمتها أهداف رؤيتنا الوطنية الطموحة "عُمان 2040"، كي نكون في مصاف الدول المتقدمة.