تطبيق مبدأ "لِمَ لا"!

 

خلفان الطوقي

 

أكتب هذه المقالة مصادفةً لمستوى عدم الرضا بين فئات عديدة من المُجتمع تجاه أسعار فواتير الكهرباء والماء وبشكل تصاعدي غير مسبوق، هذه الحملة المجتمعية العفوية حفزتنا لكتابة المقالة والتي تدعو إلى ابتكار الحلول الاستباقية التي تتعاطى بمرونة مع المتغيرات المحلية والعالمية.

الفكرة من طرح تطبيق مبدأ "ولِمَ لا؟"؛ ففي كثير من المعاملات الحكومية تجد كلمة "ممنوع" أو "غير مُمكن" أو "ما يصير" أو ما شابهها من كلمات حاضرة، وإذا طلب المراجع رسالة تفيد بمبررات الرفض، فإنَّ الجهة الحكومية ترفض إعطاءه هذه الرسالة، وبعد الإلحاح ترد عليه بأنَّه يمكن حصوله على الاستثناء من رئيس الوحدة؛ مما يسبب ازدحامًا في جدول أعمال رئيس الوحدة، والتي تُجهِد وقته وذهنه، ومع الأيام يتحول رئيس الوحدة من مسؤولياته الاستراتيجية إلى موظف تقليدي يستثني هذا أو ذاك.

مما تقدم، أقترحُ أن تكون لكل هيئة حكومية "وحدة تفكير" مُصغَّرة تضُم أفضل العناصر البشرية، وتكون مهمتها مراجعة القوانين والإجراءات التي قد لا تتناسب مع التحديات وتطورات العصر، وتقدم مقترحات بإجراء التغييرات اللازمة وتجديد الإجراءات المُتّبعة، وتطبيق قاعدة "لِمَ لا" يتغير هذا الإجراء من وضعيته المُعيقة إلى إجراء مَرِن وجذّاب وتنافسي، وإبراز الفوائد المرجوة التي سوف تجنيها الدولة، وتسليط الضوء على الخسائر في حالة عدم تطبيق الإجراءات أو التشريعات الجديدة؟

تطبيق مبدأ "لِمَ لا" سوف ينقل جهاتنا الحكومية إلى آفاق أوسع لجعل بيئة العمل مليئة بالفرص الاستثمارية التنافسية المربحة، وسوف يشجع موظفينا على إطلاق العنان لأنفسهم في تجويد العمل، ويجعلهم يعملون بشكل ديناميكي وتكاملي مع بقية الجهات الحكومية، وجاهزون ويقظين لأي سيناريو مجتمعي قد يقع بعيدًا عن ردات الفعل والارتجالية في القرارات.

وإذا تمَّ رصد "الممنوع" في تشريعاتنا في كل جهة حكومية، فسوف نجدها كثيرة وبعضها غير منطقي، لذا حان الوقت لرصدها، وتطبيق قاعدة "لِمَ لا" تتغير لتحقيق ما ينفع الناس والبلاد، فظروف فرض "الممنوع" قد تغيرت، ولا يمكن بأي حال أن يتم توارث التشريعات والإجراءات من مسؤول حكومي لآخر، ولا يُمكن لعُمان أن تتطور نحو ما نأمل، ومن هنا نتمنى أن نتوقف عن تطبيق مبدأ إنِّا وجدنا آباءنا كذلك يفعلون، وإنا على آثارهم لمستمرون!

العالم في تغيرٍ متسارعٍ يفوق العقل البشري، وعليه، لا بُدَّ من رصد "الممنوعات" وإعادة دراسة الأنظمة والتشريعات والإجراءات في كل جهة حكومية؛ لتتسم بمزيد من المرونة والجاذبية والتنافسية ومواكبة المتغيرات المحيطة، وأن تكون عقلية "لِمَ لا" من أجل التجديد والتغير حاضرةً اليوم وكل يوم، لأجل عُمان الحاضر والمستقبل.