انتبه الروبوتات تدخل أرضية الملعب

 

مؤيد الزعبي **

رغم أن الرياضة أو الرياضات وجدت من أجل البشر للتنافس فيما بينهم أو لتقوية أجسامهم إلا أن هذا لا يمنع من أن نشاهد روبوتات رياضية، روبوت يلعب كرة القدم أفضل من ميسي أو كرستيانو، أو روبوت يلعب الملاكمة أفضل من محمد علي كلاي، أو حتى يلعب التنس أفضل من روجر فيدرير؛ فهل ستنافسنا الروبوتات في الألعاب الرياضية؟ أم أننا سنضطر أن ندمج الإنسان بالروبوتات لنحسن من طريقة لعبه للرياضة؟ سيناريوهات سوف أناقشها معك عزيز القارئ من خلال هذا الطرح.

لا يمكن أن يتجادل اثنان على أن ميسي لاعب أسطوري، ولا يمكن لشخص عاقل ألا يعترف بأن كرستيانو واحد من أفضل لاعبي كرة القدم ويصعب أن نجد مثلهما مرة أخرى على الأقل في هذا الجيل. لكن ماذا لو قلت لك إنه يمكننا استنساخ طريقة لعب ومهارات كل واحد منهم ونعلمه لروبوت، ونوجد لنا ميسي وكرستيانو الروبوتيّ، أو حتى نسترجع دييجو مارادونا وبيليه ونعيدهم لأرض الملعب؟ قد تبدو الفكرة مقبولة جماهيريًا خصوصًا وأن لعبة كرة القدم تعتمد على استمتاع الجماهير وهذا ما تلبيه الأندية والقائمين على صناعة اللعبة، ولكن ماذا عن التقنية وعن صناعة مثل هذا الأمر؟

انتشر خلال الفكرة الماضية العديد من الفيديوهات المعتمدة في صناعتها الحواسيب أو ما يُعرف بـ"CGI" (Computer-Generated Imagery) وظهر خلال هذه الفيديوهات روبوتات تستعرض مهاراتها في كرة القدم أو كرة السلة أو حتى لعبة تنس الطاولة، وانتشر أيضًا فيديوهات لروبوتات تلعب رياضة الصفع Slap Champion، وقد أظهرت هذه الفيديوهات مهارة عالية للروبوتات، ورغم أن الفيديوهات غير حقيقية، فإلى الآن لا يوجد روبوت قادر على فعل ذلك بهذه المهارة والسلاسة إلا أن القادم في عالم صناعة الروبوتات يقول لنا بأن الوقت فقط كفيل بأن نجد مثل هذه الروبوتات ونجدها تنافس البشر في الملاعب وصالات الرياضة وحلباتها.

حسب توقعات الخبراء، نحتاج لـ10 سنوات على الأقل لنجد روبوت رياضيا متقدم المستوى، فحتى الآن توجد روبوتات تستطيع لعب جزئيات رياضية فقط فنجد بعضها يقوم بدور حارس مرمى أو بعض منها يقوم برمي الكرة داخل السلة، ولكن أن نجد روبوت باستطاعته محاكاة مهارات لاعب كرة قدم أو لاعب مصارعة أو لاعب ملاكمة فهذا يتطلب الوصول لدرجة عالية من التقنية في صناعة الروبوتات وبرمجتها بحرفية لتقوم بكل هذه المهارات، ولكن عندما نصل لهذا التطور فستصبح الروبوتات ماهرة جدًا في لعب الرياضة ولن نستطيع منافستها مهما فعلنا.

تخيل عزيزي القارئ أننا كنا نقول إن ميسي كلاعب كرة ماهر لا يمكن إيقافه في أرضية الملعب بسبب سرعته وسرعة بديهيته في التعامل مع الكرة، وقلنا إن الكرة ملتصقة بقدمه وتواجده دائمًا بالمكان الصحيح لمتابعة أي كرة أو أي تمريرة، فتخيل معي لو علَّمنا الروبوت مهارات ميسي وليس ميسي لوحده؛ بل أدخلنا بدائرة تعلُّمه جميع لاعبي كرة القدم في العالم، وصممنا جسمه بحيث يكون مثاليًا للعب كرة القدم ويتم تزويده بمستشعرات تستطيع قراءة تحركات جمهور الملعب وليس فقط اللاعبين بداخل الملعب، لك أن تتخيل أنه سيكون خارقًا لحد الجنون، وتخيل لو صنعنا فريق كامل من الروبوتات تتصل فيما بينها وتفهم تحركات بعضها البعض وتتواجد في المكان المناسب دائمًا وأبدًا حينها سنشاهد كرة قدم أجمل مما نتصور كطريقة ومهارات لعب ومتعة في كل شيء.

الأمر لا يقتصر على كرة القدم فقط حتى الرياضات الأخرى، فتخيل معي كم من التدريب يحتاج متسابق "الفورومولا 1" وكمية المهارات التي يحتاجها ليفوز بواحد من أصعب السباقات العالمية؛ في حين أن مثل هذه المهارات يمكن تعليمها للروبوت الذي سيكون بمقدوره محاكاة كل شيء من حوله: سرعة السيارة، والمسافة التي تفصله عن المنحنيات، والسيارات المنافسة من حوله، وإمكانيات سيارته وظروفها الميكانيكية.. كل هذا بلمح البصر سيكون بمقدور الروبوت أن يدرسه ويحلله ويختار ما هو مناسب في هذه اللحظة، ويختار اللحظة المناسبة لتخفيف السرعة عند المنحنيات واللحظة المناسبة للعودة للتسارع، مثل هذه المهارات سيكون بمقدورنا إيجادها في الروبوتات في قادم الوقت.

رغم أن الرياضات وُجدت لنتنافس على الفوز بها نحن البشر، وصحيح أن أجمل ما يميز الرياضات العنصر البشري والفارق في المهارات بين لاعب ولاعب وفريق وفريق آخر، إلّا أن دخول الروبوتات لهذا المجال قد يُعطينا تجارب فريدة، خصوصًا وأن البعض سيجد في دمج الرياضيات بروبوتات أحد الحلول لإيجاد لاعبين خارقين في مختلف الرياضات، وكما قلت لك لأن معظم الرياضات تعتمد على استمتاع الجماهير، فسنجد من يطور هذا الأمر ويدفع الملايين لزيادة حجم الاستمتاع بإدخال روبوتات وتقنيات تُغير من شكل اللعبة وتزيد من تنافسيتها، وإلى ذلك الحين أنصحك عزيزي القارئ بأن تستمتع بفريقك المفضل وهو يفوز ويحقق الألقاب فعندما تدخل الروبوتات أرضية الملعب لن تفرح بالفوز أبدًا.

** المنسق الإعلامي ومنتج الأخبار لصالح مجموعة الصين للإعلام- الشرق الأوسط