العولمة ووحدة مجموعة العشرين

 

تشو شيوان **

اختُتمت أعمال قمة مجموعة العشرين، التي استضافتها الهند قبل أيام، وحضر القمة من الجانب الصيني رئيس مجلس الدولة الصيني لي تشيانغ؛ الذي حثَّ مجموعة العشرين على المضي قدمًا في العولمة الاقتصادية، وذلك خلال كلمته أمام الجلسة الأولى من أعمال القمة التي احتضنتها مدينة نيودلهي.

لي تشيانغ أضاف أنه يتعين على أعضاء مجموعة العشرين التمسك بالطموح الأصلي المتمثل في الوحدة والتعاون والعمل من أجل السلام والتنمية، داعيًا إلى العمل كشركاء من أجل تعزيز الانتعاش الاقتصادي العالمي والتعاون والتنمية المستدامة. علاوة على أنه حثَّ على الوحدة بدلًا من الانقسام، والتعاون بدلًا من المواجهة، والشمول بدلًا من الاستبعاد.

وواجهت مجموعة العشرين خلال الفترة الماضية انقسامات عديدة وتحديدًا بشأن الحرب في أوكرانيا؛ إذ تسعى بلدان الغرب إلى الحصول على تنديد قوي من المجموعة تجاه حرب روسيا وتضمينه في الإعلان الختامي للقمة، بينما تطالب بلدان أخرى المجموعةَ، بالتركيز على القضايا الاقتصادية الأوسع نطاقًا، إضافة لموضوع المناخ الذي لم تتَّحد الرؤى حوله حتى الآن، ويرى فيه بعض الدول خلافًا مع الآخر، ولهذا جاءت توصيات الصين ومطالبها بدلًا من الانقسام والتشتت أن يكون التعاون والعمل المشترك هو الحل المستقبلي للمجموعة ودولها.

إنَّ التنمية الاقتصادية هي أهم ما يحتاج له العالم خلال هذه الفترة الحرجة، ولا يمكن التغافل عن المشاكل الاقتصادية التي تواجه العديد من دول العالم من ركود اقتصادي ومشاكل في توافر مصادر الطاقة؛ ولهذا تجد الصين أن مجموعة العشرين يجب أن تركِّز على التنمية الاقتصادية لتحسين الظروف المعيشية لسكان العالم، وتوجيه دفة العمل المشترك نحو التعاون الاقتصادي؛ لما لهذا من تأثير مباشر على حياة الناس وانعكاساته على مختلف القضايا الأخرى بما فيها السياسية.

وإذا أراد العالم الخروج من الأزمات الاقتصادية، فيجب تعزيز العولمة الاقتصادية، والحفاظ بشكل مشترك على استقرار سلاسل الصناعة والإمداد، وأن تكون دول المجموعة شركاء في تعزيز تعاون عالمي مفتوح؛ إذ إن هناك مشاكل حقيقية تواجه العالم في مسألة سلاسل الإمداد وتعطُّل الكثير من المشاريع الاقتصادية، ويجب إيجاد حلول جذرية لكل هذا، ولهذا فإنَّ الدفع بالعولمة الاقتصادية والانفتاح تجاريًا وصناعيًا، سيفتح المجال لإيجاد أرضية عمل مشتركة وإيجابية بين دول العالم.

مجموعة العشرين يجب أن تبحث عن أرضية مشتركة للعمل فيما بينها وتنحية الخلافات؛ فالتحديات والأزمات الكبرى تواجه العالم أجمع، ولا يُمكن تحصين دولة من تأثير هذه التحديات، ولا سبيل لمواجهة هذه الصعوبات والأزمات إلا بالعمل المشترك، وهذا ما تؤمن به الصين من خلال تواجدها في مجموعة العشرين، وهذا ما تريده لدول هذه المجموعة في المرحلة المقبلة.

لقد أعلن قادة مجموعة العشرين أنهم سيدعمون الجهود المبذولة لزيادة القدرة العالمية للطاقة المتجددة 3 مرات بحلول العام 2030، مُتعهّدين بتسريع العمل لمكافحة تغير المناخ، وقد قال رئيس مجلس الدولة الصيني لي تشيانغ إنه يتعين على أعضاء مجموعة الـ20 أيضًا العمل معًا لحماية الموطن الأخضر للأرض، وتعزيز التنمية الخضراء ومنخفضة الكربون، وحماية البيئة الإيكولوجية البحرية، وأن يكونوا شركاء في تعزيز التنمية المستدامة العالمية. هنا نجد أن الصين ملتزمة بوعودها البيئية تجاه العالم، وتسارع بشكل حازم وفعّال في تقليل الانبعاثات الكربونية والدفع بالاقتصاد الأخضر داخل وخارج الصين، وجهود الصين في هذا الجانب كالشمس ساطعة في كل مكان ولا يمكن نكرانها أو تجاهلها.

من جانب آخر، فإن الصين فتحت أيديها للتعاون المثمر مع الدول الإفريقية ووجَّهت ببناء بنية تحتية وتحسين حياة شعوب القارة السمراء، وأجدُ أن انضمام الاتحاد الأفريقي إلى مجموعة الـ20 سيكون مثمرًا، لو فتحت دول المجموعة أذرعها للتعاون مع أفريقيا وفتح فرص حقيقية لتمكين سكان الدول الأفريقية وتحسين ظروف حياتهم، وبنفس الوقت التوقف عن استنزاف هذه الدول ونهب مقدراتها والتحكم بمصيرها.

إنَّ الصين من خلال مجموعة العشرين ومن خلال غيرها من التكتلات العالمية، لا تدعو سوى للانفتاح وللعمل المشترك، وتحث على وجوب التعاون المثمر والبناء بين دول العالم، وتؤمن بأن الدول مهما كان حجمها وحجم تأثيرها فيجب أن يكون لها نصيب عادل من التعاون، وأن على الدول الكبرى احترام الدول الصغيرة، وأن يُبنى النظام العالمي على المزيد من العولمة الاقتصادية الفعّالة؛ بعيدًا عن الشعارات الفارغة، ولهذا وجدنا أن الصين تحُث بكامل طاقتها نحو توحيد الصف بعيدًا عن جميع الخلافات، وتدفع بشكل حازم العولمة الاقتصادية لإيمانها بتأثير الاقتصاد على جميع مناحي الحياة.

** صحفي في مجموعة الصين للإعلام، متخصص بالشؤون الصينية وبقضايا الشرق الأوسط والعلاقات الصينية- العربية