ادعاءات التطعيم الشامل

حيدر بن عبدالرضا اللواتي

haidedawood@hotmail.com

تؤدي وسائل التواصل الاجتماعي أدوارًا عديدة في نقل الرسائل؛ سواءً أكان القصد منها خيرًا أم شرًا، خاصة مع لجوء بعض الفاعلين في نقل رسائل هدفها خلق الفوضى والبلبلة في المجتمعات، مع التعرض إلى سياسات بعض الدول في المجالات الاقتصادية والاجتماعية وغيرها من الجوانب الأخرى.

كما إن للأخبار الملفقة أحيانًا دورًا كبيرًا في توصيل رسائل متناقضة للشعوب والمجتمعات، الأمر الذي قد يؤدي إلى كتابة ردود سريعة من الجهات والمؤسسات المعنية لنفي تلك الأنباء، بل يتطلب أحيانا تنظيم مؤتمرات صحفية لتكذيب تلك الأنباء والرسائل.

ومن الأنباء الملفقة التي نشرتها وسائل التواصل الاجتماعي قبل أيام مضت هو تناقل أصحابها خبر إلغاء المحكمة العليا في أمريكا قرار التطعيم الشامل الخاص بوباء "كوفيد-19"، والذي نشر بنص اللغة الفرنسية؛ حيث تفيد تلك الرسالة بأن عددًا من رجال الأعمال ومنهم بيل جيتس والدكتور أنتوني فاوتشي- خبير الأمراض المعدية في الولايات المتحدة- إضافة إلى بيج فارما قد خسروا دعوى قضائية أمام المحكمة العليا الأمريكية، وفشلوا في إثبات أن جميع لقاحاتهم على مدار الـ32 عامًا الماضية كانت آمنة على الصحة!

هذه الرسالة المُلفَّقة أشارت إلى أنه تم رفع الدعوى من قبل مجموعة من العلماء بقيادة السيناتور روبرت إف. كينيدي جونيور، الذي قال في إدعائة للمحكمة إنه من الضرورة تجنب لقاح كوفيد الجديد بأي ثمن، بذريعة أن جميع لقاحات فيروس كوفيد-19غير آمنة، وتحدثُ تغيرات في المادة الوراثية لمتلقي اللقاح.

نُشر هذا الخبر الملفق في عدد من المواقع والتطبيقات الاجتماعية والصحية والأسرية وغيرها من الوسائل التي تهتم بتلك القضايا وبسرعة البرق، وما زالت التعليقات مستمرة عليه من قبل المدونين بين الإيجاب والسلب؛ كعادة كل موضوع يهم العالم. لكن الأمر الجيد في مثل هذه الأنباء الملفقة هو وجود منصات خاصة تتابع مثل تلك الأنباء أولًا بأول وتقوم بسرد الحكاية كلها ونقلها للحقيقة. ومن بين تلك المواقع وجود موقع "تأكد" باللغة العربية؛ حيث أجرى فريقه بحثًا مُتقدمًا باستخدام كلمات مفتاحية متصلة للتحقق من صحة الادعاء بأن المحكمة العليا في الولايات المتحدة تلغي التطعيم الشامل. فتبين له أنه خبر كاذب وملفق كعادة بعض الأخبار الأخرى التي تتعامل في مثل هذه الأحداث. واتضح من خلال متابعته لهذا الموضوع أن نتائج البحث أظهرت أن المحكمة العليا في الولايات المتحدة لم تصدر مؤخرًا أي قرار بإلغاء التطعيم الشامل في هذا الشأن، وأنه من خلال اطلاعه على قرارات المحكمة العليا، ثبت عدم وجود أي قرار يدعم الادعاء بإلغاء التطعيم الشامل أو دعوى ضده من قبل مجموعة من العلماء بقيادة السناتور روبرت إف كينيدي جونيور أو غيره، في الوقت الذي أشارت فيه إلى أن كينيدي هو محامٍ أمريكي وليس سيناتور كما زُعم بالادعاء. وسبق له أن تناول بعض المعلومات المضللة المتعلقة بالجائحة واللقاحات عبر حساباته على مواقع التواصل الاجتماعي من خلال التغريدات ونشره لمعلومات مضللة ومغلوطة حول اللقاحات وتأثيرها السلبي على مناعة جسم الإنسان، بالإضافة إلى مساهمته في نشر الشائعات، الأمر الذي دفع بعض التطبيقات ومنها تطبيق انستغرام لحظر حسابه في شهر فبراير من العام الماضي.

أما الذين وردت أسماؤهم في بداية هذا المقال كرجل الأعمال بيل جيتس وفاوشتي ومدير منظمة الصحة العالمية وغيره، فكان لهم باع كبير في الحديث عن هذه الجائحة واللقاحات المُضادة لها، لكن هذا لا يعني نفي خطط بعضهم وغيرهم من محاولات إبادة البشر وخاصة في قارة أفريقيا من خلال نشر أمراض مُعينة تؤدي إلى هلاكهم. والهدف من ذلك هو التقليل من أعداد السكان في العالم. مثل هؤلاء الأشخاص والمنظمات لا يُستبعد منها أنها مُستمرة في لعب أدوار كبيرة والتلاعب في المواد الوراثية والجينية للتقليل من السيطرة على الأمراض الوبائية والوقاية منها مستقبلًا.

ما يعرفه الشعوب عن الأمراض هو أنَّ فرصة انتشار الفيروس في أي مكان تزداد في حال عدم وجود الجرعات الكافية من المضادات واللقاحات، لكن نتيجة لكثرة الأخبار والأنباء الملفقة لتك الأمراض أصبح الإنسان محتارًا اليوم في تناول هذه المضادات واللقاحات أو الابتعاد عن أخذها.