أحلام تتكسر على مرافئ مصيرة

 

‏راشد بن حميد الراشدي **

 

وأنا أتفقد أفق البحر الممتد نحو منطقة شنة بولاية محوت، شاهدت معاناة المواطنين والزائرين لولاية مصيرة العريقة بتاريخها ومآثرها البحرية وهم يقفون على مرفأ السفن والعبارات في الولاية كي ينتقلوا إلى الجانب الآخر للذهاب والتنقل إلى ولايات السلطنة وقضاء حوائجهم، ومع الزحام السائد على تلك العبارات المتهالكة أو عبر "العبارات الوطنية" التي تأخذك أنت وسيارتك وأسرتك بمبلغ يتضاعف مرتين أو ثلاث مرات عن العبارات العامة.

ومع المعاناة وساعات الانتظار الطويلة فلا حيلة لديك إلا استيعابها وصبرك عليها وانتظار تحركها  في أمر غريب عجيب، لذلك لا أعرف سبب تأخير وتأجيل إقامة جسر يخدم أبناء الولاية، وقد مضى على مسيرة التطوير في بلادنا أكثر من نصف قرن دون إقامة ذلك الطريق  الحيوي عبر البحر ليربط هذه الولاية الغالية من سلطنتنا الحبيبة بباقي ولايات ومحافظات السلطنة.

الطريق البحري بين شنة وولاية مصيرة بات أمرًا ملحًا وإذا تحقق على أرض الواقع فله مردود اجتماعي واقتصادي على عُمان والولاية من حيث انتعاش السياحة في جزيرة ذات طبيعة خلابة وخيرات بحرية متنوعة وبيئة آسرةً لكل من يزورها، وأهم من ذلك كله خدمة للمواطنين والمقيمين القاطنين على ثراها العزيز واضطرارهم لتواصلهم مع ولايات السلطنة الحبيبة بسهولة ويسر وتخفيف الأعباء الملقاة على عاتقهم بسبب رسوم النقل البحري والتي تشكل عبئًا كبيرًا عليهم نتيجة ارتفاع أسعار جميع المواد التي يحتاجها أبناء الولاية؛ فارتفعت مع النقل البحري أسعار تشييد المباني والمواد الغذائية والأعلاف والكماليات وجميع المستلزمات الأخرى التي يحتاجها القاطنون في الولاية أضف إلى ذلك قلة توافرها بسبب ظروف النقل وارتفاع أسعاره.

أحلام تتكسر مع أمواج البحر على صخور شواطئ مصيرة وسراب بقيعة بوعود سابقة تبخرت مع آمال المواطنين وحياة تحيط بها المياه من كل جانب، ولا سبيل للخروج سوى انتظار العبارات ودفع الرسوم المفروضة من حركة تلك العبارات والسفن يوميًا، والمجبر على كل من يخرج أو يدخل الولاية على دفعها، أضف إلى ذلك توقف حركة وسائل النقل ليلًا.

مرضى ومراجعون وأصحاب حاجة كلهم يضطرون لارتياد البحر في سبيل ذلك مع أن هندسة الجسور والطرق البحرية باتت اليوم أكثر تطورًا في الظل النهضة العلمية في العالم في مختلف المجالات، ولا شك أن إنشاء هذا الجسر البحري سيعود بالنفع على السلطنة والمواطنين والمقيمين والزائرين والسائحين في الولاية، وسيُنعش حركة التنمية والاقتصاد والسياحة وتجارة الأسماك والصيد البحري الذي تشتهر به ولاية مصيرة مع تخفيف معاناة أبناء الولاية والمقيمين والزائرين لها وزيادة التواصل الاجتماعي بين أهالي الولاية وأهاليهم في المحافظات الأخرى وسهولة التنقل من وإلى الجزيرة.

نأمل إيجاد الحلول لتخفيف المعاناة عن أبناء ولاية مصيرة وتحقيق الحلم الذي طال انتظاره في وجود طريق بحري إلى ولايتهم؛ لينعموا بما تنعم به ولايات السلطنة وأسوةً بجميع الولايات من خلال سهولة الوصول إليها بطرق حديثة تُنفذ وفق أعلى المواصفات العالمية ومع الرؤية السديدة لعام 2040 ونهضة عمان المتجددة الطامحة لجعل سلطنة عمان بلدًا يُشار إليه بالبنان وجب لزامًا علي أن أبادر للتذكير وحث الخطى نحو هذا المشروع الحيوي المهم.

الأمل بإذن الله في إقامة المشروع قادم والإسراع في تنفيذه بات أمرًا ملحًا؛ حيث يجب اتخاذ خطوات وثابة لتحقيقه سريعًا.

نداء أرفعه إلى المقام السامي لحضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله- وإلى كل الجهات المعنية بالأمر، من أجل تخفيف المعاناة عن كاهل أبناء ولاية مصيرة في تنقلاتهم وتحقيق آمالهم في إقامة هذا المشروع الحيوي، وجعل جزيرة مصيرة الحالمة لؤلؤةً لبحر عمان بفضل موقعها السياحي وتضاريسها وبيئتها البحرية البكر واحتوائها على  أجود أنواع الأسماك؛ فمصيرة تستحق الأفضل بإذن الله وعسى القادم أجمل.

حفظ الله عُمان وسلطانها وشعبها وحقق الخير كله لها وأهلها وجعلها بلدًا آمنًا مطمئنًا بإذن الله.

** عضو مجلس إدارة جمعية الصحفيين العمانية