هل تُحل قضايا الوطن بالنشر؟️!

 

‏راشد بن حميد الراشدي **

 

البعض في وسائل التواصل الاجتماعي بين كتاب في تويتر ومغردين في السناب شات واليوتيوب وغيرها من البرامج، يعرضون قضايا الوطن، فتجد المسؤول أو المعني بالأمر يهرول لإصلاح ما أفسده الدهر في اليوم التالي مباشرة من نشر القضية.

عشرات القصص تمر علينا يوميًا، فنجد الإجابة في النشر لحل كل تلك القضايا التي يعاني منها الوطن والمواطن، وهذا يأخذني لأطرح سؤالًا على جميع المسؤولين وأصحاب القرار: هل ينتظر الوطن أو المواطن حل قضيته أو تقديم خدمة ضرورية يستحقها لأبناء الوطن من خلال النشر في وسائل التواصل الاجتماعي أو عبر بعض برامج الإذاعات العامة لكي يحصل على حقوقه وتُحل معاناته؟

إن الاستجابة السريعة لحل قضايا المجتمع بمختلف أشكالها باتت عن طريق الإشهار وكأن ذلك المسؤول لا يعلم عن عمله وما أوكل إليه من مهام وصلاحيات وقرارات خاطئة يصدرها إلا بعد النشر والتشهير في وسائل التواصل الاجتماعي.. فكم من قضايا تم حلها فورًا من خلال النشر.

بارك الله جهود الإخوة المتواصلين بالنشر عبر الوسائل المتاحة لهم وتوصيل تلك المعاناة ورسائل المواطن اليومية للمسؤولين وعرضها على المجتمع والجمهور والتي تؤدي الهدف المنشود منها في إصلاح ذلك الشرخ بين المواطن والمسؤول في تنفيذ مطالبه وحقوقه.

إن حمل الأمانة والسعي لخدمة الوطن والمواطنين وتلمس مشكلاتهم واحتياجاتهم واجب وطني مقدس لكل من حمل تلك الأمانة على عاتقه، والتي يجب السعي نحو الإخلاص لها باقتدار وتفانٍ، من خلال متابعته لكل القوانين المنظمة لعمله أو من خلال الزيارات الدائمة والمراقبة الكاملة لكل تلك المسؤوليات بعيدًا عن التنظير من خلال المؤتمرات والندوات والملتقيات ووسائل الإعلام؛ حيث يريد المواطن أن يرى كل شيء حوله وقد سار لنهجه الصحيح.

عشرات القضايا يعرضها نشطاء التواصل ونجد الاستجابة الفورية من قبل المسؤول في حل تلك المشكلة، بينما يمكن حلها قبل إشهارها حتى صارت ظاهرة يومية نشاهدها عبر وسائل وبرامج التواصل.

هذا الإشهار في وسائل التواصل الاجتماعي له ما له وعليه ما عليه، فمع انتفاع المواطن بهذا الإشهار وحل قضية فرد أو مجتمع أو خدمة معينة، إلّا أن هذا الإشهار يأخذ مدى أبعد من حيث عرض قضايا الوطن علنًا وتعريته أمام العالم بأسره ونشر الغسيل أمام مرأى ومسمع العالم وكأننا لا نملك أدوات أو وسائل أخرى سوى الاستنجاد بهؤلاء المغردين!!

المشكلة كما يصفها لي أحد الإخوة، هي عندما تذهب للمسؤولين بمطالباتك وشكواك التي لك حق فيها، تجد الأبواب الموصدة والردود الرافضة لطلبك، ولكن عندما تتجه لأحد النشطاء أو تنشر معاناتك عبر وسائل التواصل تجد الاستجابة الفورية في حل قضيتك ويستجاب لندائك.

الإعلام له دور مسؤول ولكن أن تبقى قضايا الوطن في العلن هكذا، يضع علامات استفهام كبيرة أمام أصحاب الشأن من مسؤولين وجهات معنية بتلك القضايا المطروحة من حيث أين هم قبل النشر وأين أدوارهم في تقديم الحلول ومراقبة أداء من أُسندت لهم أمور الوطن والمواطن.

كفانا نشرًا لغسيل بيتنا وليلتفت كل منَّا إلى مسؤولياته الوطنية، وليراعي الصغير والكبير في حاجته، وعندما تكتمل الأمانة وتقضى حوائج الناس عبر أبواب المسؤولين والجهات المعنية، فلن نرى- بإذن الله- ولن نسمع أصوات المواطنين ونداءاتهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي أو عبر الإعلام المسموع والمرئي.

عُمان بلد الخيرات وشعبها شعب أصيل وسلطانها قائد أمين، يسعى لخدمة وطنه ويسهر على راحته؛ فنتمنى ممن حمل الأمانة السير على نهجه، وأن يكون عند حسن ظنه مُتقيًا الله في أمانته. وعسى أن تحل قضايا الوطن قبل بلوغها مبلغ النشر والكتابة والإشهار من خلال تحلي المسؤول بأمانته وتتبع مسؤولياته، فأينما وجد الصالحين تغيرت الموازين بإذن الله.

حفظ الله عُمان وسلطانها وشعبها وجعلها وطنًا سعيدًا وغمرها بالخير والبركة في أرزاقها بإذنه جلَّ جلاله.

** عضو مجلس إدارة جمعية الصحفيين العمانية