ليبيا.. بين كارثتي فوكوشيما وأوكرانيا

 

علي بن مسعود المعشني

ali95312606@gmail.com

في 11 مارس 2011م استيقظ العالم على خبر زلزال مُدمر بقوة 9 على مقياس ريختر يضرب الساحل الغربي لليابان، أي أعلى درجات المقياس المذكور؛ الأمر الذي أحدث هيجانًا في البحر وتعالت أمواجه؛ مُحدثة ما يُعرف بـ"موجات تسونامي"، وقد كان الخبر رغم فاجعته وقوة الزلزال شبه عادي للبعض؛ كون اليابان من البلدان التي تنشط بها الزلازل والهزات الأرضية بشكل دائم.

الجديد في زلزال اليابان هذا هو تسببه في انفجار المفاعل النووي السلمي "فوكوشيما" وتدميره بالكامل، والأجد في هذا تزامنه مع نكبة ليبيا والتي انفجرت في 17 فبراير من العام نفسه، أي أن النكبة السياسية بليبيا سبقت النكبة الطبيعية باليابان بشهر تقريبًا. مفاعل فوكوشيما فنيًا شبيه بمفاعل تشرنوبيل الأوكراني والذي أنفجر في 26 أبريل 1986م، فكلاهما مفاعل سلمي لتوليد الطاقة.

كلا الفاجعتين النوويتين رغم "سلميتهما" أعادتا قناعات العالم بأسره بخطورة المفاعلات النووية بجميع أنواعها وأشكالها، كما جعل العديد من البلدان تحجم في سعيها لإقامة مفاعلات نووية سلمية للطاقة؛ حيث ألغت العديد من الدول مشاريعها وخططها لإنتاج الطاقة عبر المفاعلات النووية واتجهت للبحث عن مصادر أخرى آمنة ورخيصة.

الرابط ما بين انفجار نكبة ليبيا وانفجار مفاعل فوكوشيما الياباني هو سعي الغرب الحثيث للإجهاز على ليبيا ونهب ثرواتها النفطية والأموال السائلة والأصول الليبية في الشرق والغرب، وكما حدث فعلًا بعد سقوط الدولة وزوال الكرامة بليبيا؛ حيث تبين للغرب أنَّ انفجار المفاعل الياباني سيُكبد الاقتصاد الياباني والاقتصاد العالمي- وعلى رأسه الغربي- خسائر فادحة وملموسة، نتيجة قيام اليابان قسرًا بترميم وجبر أضرار المفاعل بداخل اليابان أولًا، ونتيجة توقع انحسار الاستثمارات اليابانية بالخارج لخمسة أعوام على الأقل، وسحب أموال وودائع لها من مصارف غربية  لمواجهة آثار وتداعيات هذه الفاجعة، وهذا ما دفع الغرب للسعي حثيثًا للبحث عن مصدر بديل للمال الياباني، فكانت ليبيا هي الفريسة السهلة والجاهزة بين أيديهم.

تقول التقارير الصادرة لاحقًا من الأمم المتحدة إن خسائر اليابان المباشرة من آثار انفجار المفاعل بلغت 150 مليار دولار، وبلغت الخسائر المقدرة للاقتصاد العالمي حوالي 350 مليار دولار. وقُدرت الأموال "الفورية" الليبية المنهوبة بوضع اليد بـ500 مليار دولار. وبقيت ليبيا منذ عام نكبتها 2011 ولغاية اليوم بيت مال مُستباحًا للغرب والإرهاب العالمي المدعوم من الغرب.

واليوم تنفجر الأوضاع في أوكرانيا والسودان ودول الساحل الأفريقي (تشاد، النيجر، مالي، وبوركينا فاسو، وبالأمس الجابون)، وتنشط مجموعة بريكس وتتسع لتشكل تكتلا عالميا اقتصاديا وسياسيا موازيا للغرب ومنافسا له ومهددا لعرشه ونفوذه وسطوته وهذه المُستجدات جميعها ستشكل بلاشك عبئًا جديدًا وثقيلًا على ليبيا المُحتلة ويجعل الحلول والمبادرات لحل نكبتها في الوقت الحاضر ضربًا من الخيال، ويجعلها وشعبها تحت رحمة المخدرات السياسية والوعود الأممية الكاذبة؛ حيث سيلجأ الغرب إلى مصادر عديدة ومن جغرافيات مختلفة وبوسائل شتى لبقاء وصمود اقتصاداته المتهالكة والقائمة أساسًا على النهب والسلب وتأجيج الحروب وافتعال الأزمات، فسيل الأزمات والمستجدات التي يشهدها العالم اليوم لن ترحم الغرب لأنها من صنع إرادات وطنية وصلب معاناة إنسانية طويلة من الغرب وسياساته.

قبل اللقاء.. لا شك عندي أنَّ ليبيا تُعاقب اليوم من الغرب ومن بعض العرب، وأن رمزية قرارات ما يُسمى بمجلس الأمن رقمي 1970 و1973 بشأن ليبيا لم يكونا أرقامًا عبثية؛ بل تذكير لكل ليبي وعربي حر بعامي السيادة والكبرياء بليبيا، وهما عام طرد القواعد الأجنبية بليبيا 1970 وعام تأميم النفط الليبي 1973.

وبالشكر تدوم النعم.