"انتخابات الشورى".. معركة البحث عن الكفاءات لتلبية التطلعات الوطنية

◄ الغيلاني: على المترشح أن يكون مثقفا ومطلعا على الشأن المحلي ومتطلبات التنمية الوطنية

السعيدي: اختيار المترشح المناسب يعتمد على وعي الناخبين

◄ المشيخي: على الناخبة أن تثق في قدرات شقيقتها المترشحة وتؤمن بدورها المهم داخل المجلس

الرؤية- سارة العبرية

يقوم مجلس الشورى بدور رقابي وتشريعي مُهم، ولذلك تكتسب الانتخابات في كل فترة تشريعية زخمًا إعلاميًا ومجتمعيًا نظرًا لأهمية اختيار المترشح المناسب، بعيدا عن الاعتبارات الشخصية أو المجتمعية أو القبلية.

ويشدد عدد من المختصين على ضرورة أن تكون عملية اختيار المترشحين شفافة وعادلة بما يضمن التمثيل المتنوع والعادل للمواطنين لتكوين هياكل برلمانية قوية تمثل الشعب وترعى مصالحه.

ويؤكد الدكتور خالد بن حمد الغيلاني باحث في السياسات العامة والتخطيط الاستراتيجي، ضرورة توفر عدد من الصفات في المترشح لانتخابات مجلس الشورى، مثل الرغبة الصادقة والأكيدة للإسهام في البناء والتطوير وخدمة الوطن من خلال حضوره ومُشاركته في العملية التشريعية، والقدرة على القيام بمتطلبات العمل الوطني التشريعي من خلال مُؤهلاته العلمية والعملية وقدرته على إدارة الوقت وتنظيم عمله، بالإضافة إلى أن يكون مثقفاً وعلى اطلاع بواقع الشأن المحلي ومتطلبات التنمية الوطنية.

د. خالد الغيلاني.jpeg
 

 وحددت المادة (15) من قانون مجلس عُمان رقم 7 لسنة 2021 الشروط الواجب توافرها في من يترشح لعضوية مجلس الشورى وهي: أن يكون عُماني الجنسية بصفة أصلية، ألا يقل سنه عند فتح باب الترشيح عن ثلاثين سنة ميلادية، ألا يقل مؤهله العلمي عن دبلوم التعليم العام، ألا يكون قد سبق الحكم عليه نهائيًا بعقوبة جنائية أو في جريمة مخلة بالشرف أو الأمانة ولو رد إليه اعتباره، وأن يكون مقيدا في السجل الانتخابي في الولاية المترشح عنها، ألا يكون منتسبًا إلى جهة أمنية أو عسكرية، ألا يكون محجورا عليه بحكم قضائي، ألا يكون مصابا بمرض عقلي.

كما نصت المادة (54) من قانون انتخابات أعضاء مجلس الشورى على العقوبات التي يجوز توقيعها على المترشحين المخالفين للقانون أثناء الحملات الانتخابية؛ والتي تضمنت: أن مرتكب هذا الفعل يعاقب بالسجن مدة لا تقل عن (10) عشرة أيام ولا تزيد على سنة واحدة، وبغرامة لا تقل عن (1000) ألف ريال عُماني، ولا تزيد على (4000) أربعة آلاف ريال عُماني، أو بإحدى هاتين العقوبتين، وكل من ارتكب عمدا أيًا من الأفعال الآتية ومن بينها مخالفة القواعد المنظمة للدعاية الانتخابية.

تقييم المترشحين

ويرى هلال بن حمد السعيدي خبير قانوني ومهتم بشؤون مجلس عُمان، أن عملية اختيار المرشح المناسب في هذه الانتخابات تعتمد على وعي الناخبين، موضحا: "يجب على الناخب الاستماع أو قراءة البرنامج الانتخابي للمترشح، وحضور التجمعات الانتخابية وسؤال المترشح عن أفكاره وماذا ينوي أن يفعل تجاه بعض القضايا التي تهم شريحة واسعة من المجتمع العُماني، وسؤال من يعرفون المترشح عن إنجازاته في مجال الخدمة المجتمعية والخبرة العلمية والعملية، والمقارنة بين جميع المترشحين بناءً على ما ذكر أعلاه واختيار من يرى فيه القدرة والكفاءة على تمثيل المجتمع".

د. هلال السعيدي.jpeg
 

كما يُشدد على ضرورة التزام عضو مجلس الشورى بالصلاحيات الممنوحة له واستخدامها في إطارها الصحيح وبما يحقق المصلحة العامة، والمبادرة إلى تسخير كل السُبل التي تعينه على أداء مهامه خصوصا في جانب التشريع والرقابة، مبينا: "فمثلا عليه أن ينقل هموم المجتمع للمجلس، ويعكس ذلك في صورة تشريعات أو أدوات رقابية توجه للمسؤول المعني".

من جهته، يقول الدكتور خالد الغيلاني: "الناخب يعلم جيدا قدرات كل مرشح من مرشحي ولايته، وعليه كذلك معرفة اختصاصات المجلس، لا زال هناك خلط واضح بين مجلس الشورى ودوره التشريعي والمجلس البلدي ودوره الخدمي والتنظيمي، فإن كان المترشح لعضوية المجلس يعد الناخبين بالمرافق والمنشآت وتوفير العمل وغيره مما يغازل به المترشحون جمهور الناخبين، فهذا مترشح لا يعلم حقيقة عمل مجلس الشورى وحري بالناخب الابتعاد عن مثل هؤلاء، كما لا بد أن يعلم الناخب أنَّ الصوت أمانة عظيمة وللوطن واجب عليه في حسن الاختيار والدفع بذوي الكفاءات والقدرات بعيدًا عن كل عصبية ومصلحة خاصة".

ويتابع: "العضو يمثل ولايته من خلال المشاركة الفاعلة في مشاريع القوانين وتحليلها ومعرفة مؤشراتها والناتج منها، وبالتالي كلما كان العضو فاعلا في القيام بمهام عمله في المجلس كانت النتائج واضحة، ويجب على العضو التجرد التام من التبعية لولايته فهو تحت قبة المجلس يخدم عُمان في إطار مسار تشريعي واضح، وعليه ألا يغفل هذا الهدف، وأما مشاركة أهل ولايته فهذا من باب العمل المجتمعي وليس الشوري".

ويوضح الدكتور محمد بن عوض المشيخي باحث ومختص في الرأي العام والاتصال الجماهيري، أن البرنامج الانتخابي بمثابة العرض الذي يقدمه المترشح لكي يعبر عن نفسه وما يمتلكه من قدرات، ويجب أن تتاح الفرصة للمترشحين لكي يعلنوا عن هذه البرامج ويروّجوا لها من خلال الدعاية الانتخابية التي تساهم في الوصول إلى الجمهور داخل الولاية ويشير إلى أن البيانات العاجلة تعد من الأدوات الرقابية التي يستخدمها أعضاء مجلس الشورى لتسليط الضوء على قضية تهم المجتمع للبحث عن حلول لها، إذ شهدت الفترة التاسعة تقديم العديد من هذه البيانات التي سلطت الضوء على قضايا مثل الطيران العُماني وتعثر ملفات الباحثين عن العمل.

د. محمد المشيخي.JPG
 

دور المرأة التشريعي

ويُبيّن الغيلاني أنَّ المرأة جزء رئيسي من المجتمع وأن حضورها داخل المجلس مهم جدا وإسهاماتها واضحة على الرغم من قلة عدد عضوات مجلس الشورى، مضيفاً: "المجتمع له خصوصيته التي تدفع في كثير من الولايات بالرجل لاعتبارات وأسباب مختلفة، لكن مع مرور الوقت ستزيد مشاركة المرأة خاصة إذا اقتنعت بها أختها الناخبة بشكل أكبر".

وفي هذا الإطار، يلفت هلال بن حمد السعيدي إلى أنَّ الأمر متروك للمجتمع لاختيار من يمثله بعيدا عن جنس المترشح، مبيناً: "على كل حال تجري موازنة نقص عدد العضوات في مجلس الشورى بالتعيين الذي يحصل من قبل الحكومة في مجلس الدولة، بحيث يتحقق نوع من التوازن بين الجنسين، والمجلسان كما يعرف الجميع يرتبط عملهما معاً في بعض الجوانب خصوصا التشريع".

ويذكر الدكتور محمد بن عوض المشيخي أن من بين أسباب قلة أعداد النساء في مجلس الشورى، الحاجة إلى مزيد من التوعية والتثقيف في وسائل الإعلام المختلفة، وأن تثق المرأة الناخبة في شقيقتها المترشحة، لافتًا إلى أن هذه المشكلة متكررة في كثير من الدول العربية والأجنبية.

مكتب لكل ولاية

واختلفت الآراء حول وجود مكتب لكل عضو بمجلس الشورى في ولايته لاستقبال المواطنين بصفة مستمرة، إذ يرى الغيلاني أنه لا توجد ضرورة لوجود مكتب لأعضاء المجلس في الولايات، لأنهم يقومون بعمل تشريعي وليس خدمي مثل المجالس البلدية، إلا أن أعضاء المجلس عليهم أن يكونوا على تواصل مستمر مع أفراد المجتمع خاصة الفئات من ذي الاحتياجات الخاصة.

أما المشيخي فيؤكد أن فكرة تخصيص مكتب للعضو في الولاية أمر جيد لأنه سيسهل عليه التعرف على متطلبات المواطنين والتواصل معهم، مضيفا: "لكن في الفترة الماضية كُشفت عورات هذه المكاتب بسبب تعطيل العمل والتأخر في الرد وحل المسائل، ومن الأفضل القيام بزيارات ميدانية بين الفترة والأخرى".

ومن وجهة نظر السعيدي، فإنَّ فكرة المكتب بالنمط التقليدي لم تعد مطروحة حاليا خصوصا مع الثورة الحاصلة في مجال الاتصالات والتواصل؛ إذ إنه يمكن التواصل مع العضو عن طريق الهاتف النقال أو الواتساب أو الإيميل أو غير ذلك من وسائل التواصل الاجتماعي، وربما يحتاج العضو لشخص آخر يُساعده في تنظيم عمليات التواصل مع الآخرين.

دور عضو مجلس الشورى

يشدد الدكتور خالد على ضرورة قيام عضو المجلس بالبحث عن جوانب القصور في القوانين وتطويرها لتكون منسجمة مع متطلبات المرحلة الراهنة، وأن يركز على دوره الرقابي والتشريعي وألا يقدم وعودا بتنفيذ الخدمات لأن هذا ليس من صميم اختصاصاته.

ويوضح الدكتور محمد أن أعضاء المجلس لديهم ما يُعرف بالبيانات العاجلة وقد استخدمت بشكل جيد في العديد من القضايا، وبالتالي يستطيع العضو أن يعقد مؤتمرا صحفيا خلال فترة الانعقاد ويتحدث في بيان عن قضية من القضايا التي تهم المواطنين.

ويقول الدكتور هلال إنه يجب أن يفرق عضو مجلس الشورى بين دوره ودور عضو المجلس البلدي، لأن قضايا المواطنين الفردية يمكن معالجتها على مستوى المجلس البلدي، أما المواضيع التي تهم شريحة أو فئة من المواطنين فهذه تخص عضو مجلس الشورى، الذي عليه من خلال الصلاحيات الممنوحة له أن يبادر بتقديم الأفكار والحلول والتشريعات التي تعين على حلحلة هذه الملفات الحساسة، ولكن عليه أن يراعي عدم استثارة الرأي العام إعلاميًا عند القيام بذلك، مثل أن يشارك في بلورة بعض الأفكار البناءة الخاصة بقانون العمل وغيرها من القوانين.

ويتابع: "على العضو أن يكون متخصصا في مجال مُعين وملما بالجوانب الأخرى، وعليه أن يسعى لمعرفة الإطار القانوني والتشريعي الذي يعمل من خلاله المجلس، وأن يبادر بالاستفسار والسؤال إذا تعذر عليه معرفة شيء ما، بحيث يتمكن من تكوين فكرة واقعية عن عمل مجلس الشورى ودوره وحدود صلاحيته وكيف يمكن استخدامها".

ويفترض الدكتور خالد أن تكون معرفة العضو واسعة ومُناسبة بالقدر الذي يمكنه من أداء دوره وأن ينال قدرا من التدريب الذي يمكنه من هذه المهارات وأن يشتغل على نفسه بالاطلاع والمتابعة.

تعليق عبر الفيس بوك