خريف ظفار وخطوة إلى الأمام

 

محمد بن حمد البادي

mohd.albadi1@moe.om

 

لا أحد يُنكر الجهود الكبيرة التي بذلت في السنوات الأخيرة من أجل تطوير خريف ظفار ليشمل هذا التطوير كل المجالات بلا استثناء بتعاون كافة المؤسسات والأجهزة الحكومية والخاصة.

ولكن يبقى الطموح أن يكون خريف ظفار أفضل مما هو عليه في الوقت الحالي؛ وأن يكون منافسًا قويًا للوجهات السياحية العالمية حق مشروع لكل مواطن عُماني، فما زلنا نرى أنفسنا متأخرين في كل شيء، وما زالت نفس الملاحظات ترد إلى مسامعنا، عن أزمة السكن، وأن أحدهم قضى يومين هو وعائلته في السيارة يبحثون عن مأوى، وسمعنا عن الازدحام المروري، وعن مدى البطء في التطوير والتجديد، وعن إزعاج البعوض وخصوصًا في المناطق الرطبة والمنخفضة أو مع منابع العيون، وعن عدم تناسب مستوى الخدمات مع الأعداد الزائرة للخريف، وعن عدم التجديد في الفعاليات والبرامج وعن أشياء أخرى كثيرة.

محافظة ظفار بجوها الخريفي الحالم المُمتد لقرابة ثلاثة أشهر تتمتع بمقومات سياحية عالية الجودة، يجب أن نُحسن استغلالها بأحسن ما يكون، ومن أجل ذلك لا بُد أن نضع خططاً متوازنة للتطوير والتحديث وأن نفتح الأبواب مشرعةً لأفكار الشباب، وأن نتيح لهم الفرصة للإبداع والابتكار وأن نستفيد من قدراتهم وإمكاناتهم في هذا المجال، وأن نفتح لهم قنوات للتواصل المباشر أو الإلكتروني لعلنا نجد من تكون لديه فكرة إبداعية تطويرية.

يجب أن نتعلم من أخطاء المواسم السابقة ونتدارس أسباب التقصير في توفير سبل الراحة أو تقديم الخدمات للسائح، وأن نبدأ العمل الجاد فور انتهاء موسم الخريف لنكون في كامل الجاهزية لموسم الخريف القادم، وأن نحل الإشكاليات أولًا بأول، يجب أن نسبق الخريف بخطوة إلى الأمام.

فمع نهاية كل موسم نقيّم الوضع، فالدوارات والتقاطعات ـ كمثال ـ التي تكثر بها زحمة سيارات لا بد أن نستبدلها بجسور علوية، والأماكن التي يزداد الإقبال عليها نكثف الخدمات فيها، والأماكن التي يكثر فيها البعوض نجد لها حلًا مُناسبًا، والسهول التي لا توجد بها دورات مياه أو خدمات كافية، نضيف أخرى على أن تكون قريبة من الجميع؛ فالزائرون للمحافظة فيهم الطفل الصغير وفيهم المرأة المُسنة وفيهم المريض، يجب مراعاة أحوال النَّاس، كما يجب أن نتتبع آراء السياح بمختلف شرائحهم لنعرف مدى رضاهم عن الخدمات المتوافرة بغرض تحسينها، وليس مجرد تجميع آراء ثم كتابة تقارير لتكون نهايتها الركن على الرفوف، لا بد من خطط متوازنة للتطوير والتحديث.

ولأنَّ سلطنة عُمان في الوقت الحالي مقبلة على تنشيط القطاع السياحي، فلا اتفق مع المنادين بفرض رسوم على الخدمات من أجل مساهمة السائح في عمليات التطوير والتحديث؛ فلابُد أن نخطو خطوات متوافقة مع برامج الجذب السياحي، أما فرض الرسوم فلن تكون له نتيجة إيجابية سوى التذمر والتأفف والتنفير من الخريف، يجب أن نسوّق للسمعة الطيبة التي عرفها العالم أجمع عن الشعب العماني بأنهم شعب مضياف كريم، وأن يشاهد السائح ذلك بأم عينه ليحس أنه محل ترحاب وليس للاستغلال المادي ولو كان بسيطًا.

ثلاثة وخمسون عامًا عمر النهضة المباركة في سلطنة عمان وما زال شارع أدم ثمريت لم يكتمل بالصورة التي يرضاها الجميع، 400 كيلومتر ما زالت تمثل خطرًا على السائقين، ويجب الإسراع في تنفيذ ازدواجية الطريق وجعل ذلك في أعلى سلم أولويات وزارة النقل.

أضف إلى ذلك ولكي نخطو خطوة للأمام، يجب أن نعيد النظر حول رحلات الطيران الداخلي لمطار صلالة في فصل الخريف؛ حيث إن عددها قليل وأسعارها باهظة مقارنة بأسعار الرحلات الداخلية في الدول التي تدعم القطاع السياحي، ولكي نكون جادين في إنعاش الموسم السياحي في ظفار لا بُد أن نضع خططاً تدريجية لكي نصل في المستقبل القريب لسعر لا يتجاوز 30 ريالًا عمانيًا للتذكرة الواحدة؛ فلو نزلنا لهذا الرقم ستتضاعف معه أرقام كثيرة منها عدد المسافرين جوًا، ثم عدد السيارات المستأجرة، ومن ثم يقل الضغط على الطرق المؤدية إلى محافظة ظفار وغيرها الكثير من الإيجابيات.