خلفان الطوقي
مثل هذا الموضوع يمكن أن يُسمى "القديم الجديد"، وهو ضرورة بناء الثقة بين الحكومة والقطاع الخاص الذي يظهر بين فترة وأخرى، ولا بُد له من متابعة مستمرة ومُعالجة جذرية، ولا يمكن بأي حال من الأحوال إهماله، وأي إهمال قد يأتي بتبعات غير محمودة على الدولة والقطاع الخاص والمجتمع.
عادة ما يظهر ضعف الثقة بين الحكومة والقطاع الخاص في أوقات الأزمات الاقتصادية أو عند ظهور تحولات كبيرة واستحداث في التشريعات والقوانين والإجراءات، وإذا عدنا إلى الواقع العماني فسوف نجد ذلك حاصلاً وواقعًا، فجائحة كورونا وآثارها لم تنتهِ بعد، فما زال كثير من أنشطة القطاع الخاص يحاول لملمة جراحه، أضف إلى ذلك عشرات القوانين والإجراءات الذي تم الإعلان عنها وتم تطبيق بعضها منذ نهاية 2020 إلى وقتنا هذا، يتضح من ذلك أن العوامل المساعدة لضعف الثقة متوفرة، عليه لابد من مبادرة الحكومة لترميم العلاقة فيما بينها وبين القطاع الخاص، والاستفادة من كافة الأدوات المتوفرة لديها تفادياً لأي ضعف أو اتساع في رقعة الفجوة فيما بينهما.
القطاع الخاص مكون جوهري في منظومة الدولة، ومن المهم للحكومة أن تفتح قنوات حوار مستمرة ومنوعة، وتعمل على أكثر من مسار مباشر وغير مباشر كاللقاء الفردي أو إقامة لقاءات دورية مُمنهحة لعدد من رجال وصاحبات الأعمال، أو إقامة جلسات مشتركة بين ممثلي الحكومة واللجان التخصصية في غرفة تجارة وصناعة عمان والجمعيات المهنية التخصصية، ولأن الحكومة لديها إمكانيات أفضل، فيمكنها المبادرة والبدء في الخطوات الأولى العملية.
الحوار المُمنهج فيما بين الطرفين يخلق الشراكة المنشودة التي يتمناها الجميع، ويساهم في الاستماع إلى التحديات الحقيقية التي يمر بها القطاع الخاص، ويوضح الحقائق التي تحاول الحكومة إيصالها إلى القطاع الخاص والمجتمع، وتقلل من السلبية المجتمعية التي قد تحدث بسبب أو لآخر، وتزيد من التوافق في الرؤى وجهات النظر بين الحكومة والقطاع الخاص، كما تكثف قابلية الفئة المستهدفة من التجار وأصحاب الأعمال من تقبل التشريعات والإجراءات الجديدة المراد تطبيقها في الحاضر والمستقبل، وتضمن للدولة الطمأنينة والتقدم والتنمية المستدامة.
الحوار المُمنهج الفعّال يأتي بنتائج عديدة بعضها ملموس ولحظي، وبعضها يأتي بنتائج مثمرة على المدى المتوسط والطويل؛ فالحوار الدوري كله خير وينمي الثقة للمستثمرين المحليين وحتى المستثمرين الخارجيين، عليه فلابد من الاهتمام في هذا الموضوع الحيوي، ووضعه في خانة الأولويات، ووضع القطاع الخاص موضعاً يليق به في منظومة الدولة، وذلك لما له الأثر الإيجابي إن كسبت الحكومة ثقته، والأثر السلبي إن فقدت أو تزعزعت الثقة فيما بينهما؛ فالشراكة الحقيقة المنشودة لا تكمن في الشعارات، وإنما في مُمارسات يومية ملموسة تخدم جميع الأطراف دون استثناء.