في الطريق إلى صلالة

 

سالم بن نجيم البادي

في الطريق البري إلى صلالة، نحتاج إلى الصبر الجميل وقوة التحمل واليقظة والانتباه والحذر، والطريق من أقصى محافظة الظاهرة إلى صلالة طويل جدًا، والخدمات فيه قليلة ومتباعدة، ومع الإقبال السياحي الكبير على صلالة، صارت الزحمة لا تُطاق عند محطات تعبئة الوقود ودورات المياه والمساجد والمطاعم والمحلات التجارية.

كل ذلك هين ويسير، لكن الطامة الكبرى هي تلك المعارك التي تحدث في الشارع غير المزدوج، حين تصادف سائق سيارة متهور يأتيك من الأمام شاهرًا الأضواء العالية ومتجاوزًا كل السيارات، وإن لم تهرب منه، فإنه سوف يصدمك وجهًا لوجه، وعندها لا خيار لك غير الهروب منه، والخروج قليلا من الشارع حتى يمر!

ويأتيك سائق آخر من الخلف حتى يكاد يلتصق بسيارتك ويُجبرك على الخروج وتركه يمر، وأمثال هؤلاء للأسف كُثُر. هذا التجاوز خطر وقاتل ومن يقومون به يتصفون بالتهور والمغامرة ومخالفة القانون وتجاوز السرعة المحددة، وينبغي ردعهم بوجود دوريات للشرطة على طول الطريق، وإن لزم الأمر وضع أجهزة مراقبة السرعة "الرادار" ولو على مسافات متباعدة.

وفي الطريق إلى صلالة قد تواجه الرمال التي تثيرها الرياح النشطة، وهذه الرمال تكون أحيانًا كثبانًا رملية تشكل خطرًا، خاصة مع القيادة بسرعة فائقة، لكن كل تلك المصاعب تتلاشى بمجرد وصولك إلى صلالة المذهلة جنة الله على الأرض، وقد لاحظت التطور في المنشآت السياحية وليس صحيحًا القول بعدم وجود جديد بين سنة وأخرى، فقد زرت صلالة مرات عديدة ووجدتها هذه السنة أكثر جمالًا وبهاءً وتطورًا، وجدتها تنبض بالحياة والبهجة والحركة والنشاط والبيع والشراء وطلب الرزق والبحث عن الاستجمام والراحة وجمال الطبيعة والترفيه، وتعدد المواقع السياحية التي يُمكن للسياح زيارتها، وكذلك المعارض المختلفة والأسواق والمقاهي والمطاعم والفعاليات المختلفة التي تُنفذها إدارة المهرجان في بلدية ظفار وغيرها من الجهات الخاصة.

اللافت للنظر وجود أناس قدموا من دول كثيرة يطلبون الرزق في صلالةـ وهذا ساهم في ثراء وتنوع المشهد السياحي وتعدد الخيارات أمام السائح. ومن دواعي الفخر هذا الحضور الكثيف للشباب العماني في كل المواقع يطلبون الرزق ويعتمدون بعد الله على أنفسهم بجدٍ وهمةٍ عاليةٍ، وقد اشتكى أحدهم من قلة الترويج الإعلامي لبعض المواقع السياحية وغياب الدعم؛ حتى إنه قام بتوفير الكهرباء للعربة التي يبيع من خلالها، على حسابه الخاص، وهذا زاد من الأعباء المالية التي يعاني منها، وهو الذي اشترى العربة بالدين، كما قال.

ويبقى خريف صلالة هذه السنة الأروع والأجمل وكل الخدمات متاحة، والأسعار معقولة وحتى الشقق السكنية متوفرة، وأعرف أسرة استأجرت شقة بسعر 20 ريالًا فقط في اليوم، وسبحان الله الخالق العظيم الذي وهب صلالة كل هذا الجمال.