مؤيد الزعبي
من الأمور التي ستتغير بلا شك في قادم السنوات هي جواز السفر وأيضًا بطاقة الهوية "ID".. فمع تطور التقنيات واستحداث أنظمة الاتصال، لم نعد بحاجة أن نحمل جواز سفر ورقيًا لنسافر ولا بطاقة هوية، ولماذا نحملهم طالما بالإمكان أن يكون كل شيء إلكترونيًا، عبارة عن "QR Code" مثلًا مربوط بسجلاتك المخزنة على قاعدة بيانات عالمية تبين شخصيتك وجنسيتك وكل البيانات اللازمة؛ بل يكمن أن يكون عبارة عن بصمة وجه وبمجرد عبورك أي مطار يتم تصوير بصمة وجهك فيتعرف موظف المطار على شخصك وهويتك، وبالإمكان تحميل أي وثائق من قبل أي جهة متعلقة كأن تضيف سفارة معينة بيانات تأشيرتك.
لكن قبل أن يحدث كل هذا لنفكر بالرحلة التي ستوصلنا لهذا المستوى من التطور والتسهيل في إجراءات السفر.
في البداية وفي الوضع الطبيعي كل دولة مسؤولة عن تقديم جوازات سفر لمواطنيها ويتضمن جواز السفر البيانات الأساسية لتثبت هويتك، وهناك نظام عالمي مستخدم لقراءة هذه البيانات، ولكي نجعله إلكترونيًا يجب أن نستبدل هذا النظام بنظام إلكتروني بحيث نوجد قاعد بيانات عالمية تحمل بيانات كل الأشخاص في العالم.
الكثير من شركات التكنولوجيا ستخدل على هذا الخط في قادم الأيام، وسنجد بأن هناك من يفكر بالاستثمار في إيجاد نظام هوية إلكترونية عالمية موحدة، وبعد أن تنتشر مثل هذه التقنيات سنجد مطارات ومؤسسات ووزارات وحكومات تتبنى الفكرة لتسهيل إجراءات السفر وتقديم خدمة تليق بعصرنا الحالي، وسنجد قنصليات وسفارات تتيح خدمة تحميل تأشيرات الدخول (الفيزا) على هذه الأنظمة بحيث تحدد المناطق أو الدول المسموح لك كمسافر زيارتها أو العبور من خلالها.
مثل هذا النظام سيكون مفيد جدًا لو تم ربطه بكافة الوثائق الشخصية التي تحتاجها في حياتك، فلا داعي لشهادة جامعية تثبت حصولك على درجة علمية أو اجتيازك لاختيار ما، فمجرد حصولك على الدرجة أو عند تخرجك يتم تحميل شهادتك على النظام، فتمكِّن أي جهة عمل أو جهة حكومية أو حتى جامعات من الاطلاع على مؤهلاتك الدراسية، وكذلك خبراتك العملية وأيضًا حساباتك البنكية وأرصدتك، وحتى سجلك المدني أو العائلي، ولا مانع من تحميل سجلاتك الطبية أيضًا؛ أنت من خلال هذا النظام تكون بيانات هائلة عن كل شخص يتم فيها التعريف بهويتك من جميع الجوانب.
قد يقول قائل إن هناك مشكلة؛ كيف ستوزع الصلاحيات للاطلاع على هذه البيانات؛ والحل بسيط، كل جهة حسب اختصاصها يمكنها الاطلاع على جزئية معينة وأنت كشخص يمكنك السماح لبعض الجهات بالاطلاع على جزيئات معينة لو تطلب الأمر؛ فالبنوك يمكنها معرفة سجلاتك البنكية أو تصنيفك الائتماني والجامعات مسوح لها الاطلاع على سجلاتك الدراسية، والمطارات يمكنها قراءات بياناتك الشخصية أو سجلاتك الأمنية لو تطلب الأمر، وبالتالي يمكن تحديد صلاحيات الوصول لكل جهة حسب اختصاصها.
المشكلة الحقيقية لو تقدمت كرجل لفتاة وطالبك والد الفتاة بوجوب الاطلاع على هويتك الرقمية حينها "سيعلم التالي والبالي" كما نقولها بالعامية.
عزيزي القارئ هذا مجرد مثال للمزاح فقط لتفهم حجم البيانات التي يمكن أن ترتبط بك كشخص من خلال هويتك الإلكترونية أو الرقمية، وهذه البيانات لا حصر لها، فيمكن تحميل رخص القيادة وبطاقات الائتمان وسجلاتك التأمينية، كل شيء يخطر في بالك يمكن أن يرتبط بهذه الهوية، وبالفعل بدأت الكثير من التجارب لاستخدام بصمة الوجه للدفع الإلكتروني بعد أن يتم ربط بطاقات الدفع ببصمة الوجه، فتخيل كيف ستكون الحياة لو تم ربط كل شيء متعلق فيك ببصمة الوجه.
لو تم بناء هذا النظام بطريقة احترافية وبعيدة عن أيدي المتطفلين، فحينها سيكون من الصعب تزوير الشهادات الجامعية وسيصعب تزوير جوازات السفر أو التأشيرة، وسيكون من المستحيل أن يتحايل شخص على بنك عند تقديم طلب الحصول على قرض، وهناك مئات الأشياء التي سنجد لها حلًا فلا داعي أن تحمل ملفاتك الطبية وأن مسافر للعلاج طالما كل شيء موجود على النظام، وتخيل كم سيكون مفيد وجود هذا النظام للتعامل مع الحوادث أو الحالات الصحية الطارئة فمن خلال هذه الهوية يمكن للكوادر الطبية أو تقدم العلاج المناسب وبالسرعة المطلوبة.
في قادم السنوات يجب أن يكون كل شيء رقميًا، ولا داعي لأن نحمل ورقة أو دفتر أو جواز ولا حتى شهادة، بصمة وجه بصمة أسنان، بصمة صوت، بصمة أصابع، كود رقمي أي وسيلة متاحة سنستخدمها بدلًا من الأوراق والدفاتر والبطاقات، هكذا هو المستقبل أسرع أكثر استعدادًا لأي طارئ؛ صحيح أننا مازلنا بحاجة لعدة سنوات ليتم كل هذا، لكنه سيحدث.. هكذا تتجه كل الأمور من حولنا.