فيضانات الصين.. الشعب فوق أي اعتبار

 

تشو شيوان **

تسبب هطول الأمطار الغزيرة في حدوث فيضانات في عدة مناطق داخل الصين؛ حيث ألحقت العواصف الممطرة والفيضانات  الدمار بالمناطق في شمالي الصين وشمال شرقها على مدار الأسبوع الماضي الأمر الذي جعل السلطات الصينية تستنفر قواها لإنقاذ حياة الناس أو تسهيل حياتهم، ومن جانب آخر تعمل السلطات على ترميم المناطق المتضررة، وهناك توجيهات مباشرة من القيادات العليا في الصين لتسخير جميع الإمكانيات لتخفيف وطأة الكارثة وأثرها على النَّاس وحياتهم.

خلال الأيام الماضية أكد الرئيس الصيني شي جين بينغ على ضرورة وضع حماية أرواح أبناء الشعب فوق جميع الاعتبارات، وذلك في توجيهاته بشأن الإغاثة من الكوارث وتدابير الوقاية منها، كما أكد على جهود البحث والإنقاذ الشاملة للمفقودين والمحاصرين في الكوارث الطبيعية، فضلاً عن توفير إمدادات وخدمات للمتضررين، والإصلاح الفوري للبنية التحتية المتضررة، ودعا السلطات إلى أخذ زمام المبادرة في مكافحة الفيضانات، وإعطاء أولوية قصوى لضمان سلامة أرواح أبناء لشعب وممتلكاتهم، وبذل كل جهد ممكن للحد من الخسائر، وهذه ليست المرة الأولى التي نجد مثل هذه التوجيهات من قبل الرئيس الصيني بشأن التعامل مع الكوارث الطبيعية، فقبل عامين أمر الرئيس شي وزارات الدفاع الوطني، وإدارة الطوارئ، والموارد المائية، والنقل، بتعزيز التنسيق العام ومراجعة مخاطر الكوارث، وتحسين الإنذار المبكر بالكوارث ورصدها، وذلك لضمان سرعة التعامل مع مثل هذه الأزمات الطبيعية التي يمكن أن تحدث في أي وقت وتحت أي ظرف.

وإضافة لجهود الإنقاذ المستمرة، قامت مدينة بكين منذ يوم الخميس الماضي بترميم الطرق الرئيسية المُتضررة في المناطق التي ضربتها الفيضانات، مثل حيي فانغشان ومنتوقو، وذلك للمساعدة في جهود الإنقاذ والإغاثة وتسيير حياة الناس وحركتهم بشكل طبيعي.

ومنذ الساعات الأولى لإعصار "دوكسوري"، أطلقت السلطات الصينية جهود إنقاذ وإغاثة ضخمة استجابة للأمطار الغزيرة الناجمة عن الإعصار، وخلال الأيام القليلة الماضية، شهدت بكين أعنف هطول للأمطار منذ أن بدأت عملية تسجيل معدلات هطول الأمطار أي قبل 140 عامًا، مما أسفر عن مقتل 11 شخصًا في المدينة، وهذه الحالة الاستثنائية جعلت السلطات الصينية تعمل على قدم وساق لحماية أرواح السكان والسيطرة على الدمار الذي تسببت فيه الأمطار؛ حيث أعلنت السلطات المحلية عن تضرر حوالي 840 طريقًا ريفيًا وثلاثة طرق حضرية بسبب مياه الفيضانات، ولهذا يجري العمل ليلًا ونهارًا لإعادة هذه الشوارع إلى الخدمة.

لقد رصدت الحكومة المركزية 520 مليون يوان صيني من الصناديق المركزية للإغاثة من الكوارث الطبيعية في المناطق المتضررة، حسبما ذكرت وزارة المالية ووزارة إدارة الطوارئ، وهذا المبلغ الضخم يأتي استجابة سريعة لعمليات الانقاذ وعمليات الترميم، ويمكن للحكومات المحلية استخدام هذه الأموال للإغاثة من الكوارث، والاستجابة للطوارئ، وإعادة تسكين الأهالي، والتعامل مع المخاطر المرتبطة بالفيضانات، وكذا ترميم المنازل المتضررة ما يثبت قطعًا أن جميع الأمور مسيرة لخدمة الشعب وسلامة المواطنين الصينيين.

وفي مواجهة حالة الطوارئ، شاركت الشركات المملوكة للدولة في الصين بشكل فعال في عمليات الإنقاذ؛ حيث أرسلت الشركات المملوكة للدولة والمدارة مركزيًا عمال إنقاذ ومعدات ومركبات للمساعدة في تقوية سدود الأنهار وإصلاح الطرق وإعادة تسكين الأهالي وإصلاح مرافق الكهرباء والاتصالات، كما عملت شركات التأمين على تسريع عملية دفع التعويضات في 16 منطقة متضررة من الفيضانات، حيث دفعت 264 مليون يوان حتى الآن. وبلغ إجمالي طلبات التعويضات المتنوعة التي تتراوح من الأضرار المتعلقة بالسيارات إلى الخسائر المرتبطة بالمحاصيل، 6.24 مليار يوان.

المسؤولون في الصين من جميع المستويات عملوا عن كثب وعن قرب لإنقاذ الأرواح في المناطق المتضررة، وبتكليف الرئيس شي جين بينغ، زار نائب رئيس مجلس الدولة تشانغ قوه تشينغ مدينة تيانجين لتوجيه أعمال السيطرة على الفيضانات والإغاثة في حالات الكوارث، وشدد تشانغ على ضرورة تعزيز الرصد والبحث في الظروف الهيدرولوجية والأرصاد الجوية في المنطقة المنكوبة بالفيضانات وتبادل المعلومات، مشيرا إلى ضرورة اتخاذ جميع التدابير الممكنة لحماية أرواح الشعب وممتلكاته، بما في ذلك دعم الأجزاء الرئيسية والضعيفة من السدود، وضمان إجلاء المواطنين من جميع المناطق الخطرة، وإدارة احتياجات السكان الذين تم نقلهم إلى الأماكن الآمنة.

إنَّ كل ما يحدث في الصين حاليًا وما حدث خلال الأيام الماضية، يُبرهن أن الإدارة المركزية للصين والسرعة في توجيه القدرات والقوى البشرية نحو مناطق الفيضانات جعلت مهمة السيطرة والحفاض على الأرواح مهمة أسهل رغم تعقيدها وصعوبة اتمامها بالشكل الصحيح، وأيضًا فتح أبواب الإمكانيات الحكومية لدعم مناطق التضرر وأيضًا قوة قطاع التأمين وقدرته على الإيفاء بالتزاماته في مثل هذه الظروف؛ كل هذه الأمور جاءت في صالح المواطن الصيني المتضرر من مثل هذه الظروف الصعبة.

** صحفي في مجموعة الصين للإعلام، ومتخصص في الشؤون الصينية وقضايا الشرق الأوسط والعلاقات الصينية- العربية