أضواء منسية تعرفها ميرابيلا (7)

 

 

 

مُزنة المسافر 

 

 

كنت أسمع كثيراً.

  • بودرة أكثر.

وسط الأضواء الساطعة على شعري ووجهي.

 

لأن خبيرة التجميل اعتادت أن

تُكثر من وضع المساحيق على وجهي.

وتركز في منحي لوناً افتح من لون وجهي الطبيعي.

بحجة أن الكاميرا تكشف كل العيوب.

 

وكان أحمر الشفاه

لا يفارق فمي.

وكنت أقف بأناقة غير مسبوقة.

أمام الكاميرا.

لأن داراً للأزياء المرموقة في المدينة.

قد قدمت ملابساً خاصة للإستوديو.

 

وحين يتوقف التصوير

أشعر بالغثيان.

وكنت أنتظر كلمة قطع قطع.

لكن المخرج كان يرفض قول هذه الكلمة سريعاً مثل بقية المخرجين.

وينتظر لقطة عفوية.

أو ارتجالية أفعلها.

حتى يضيفها للمشاهد.

 

 

وكان الاستوديو منقسماً إلى أجزاء كثيرة.

توحي بمكان واسع للغاية.

لكنه عدة أخشاب مترابطة.

في شكل عجيب.

 

وكان المخرج يعشق صوتي اللطيف

ويطلب مني أن أردد الكلمات عدة مرات.

فنكرر ثم نكرر.

 

وكان دوري هذه المرة عميلة سرية

في الحرب العالمية الأولى.

وكنت الملتزمة بالدور.

فكان المخرج يطلب مني أن أشك في حبيبي في الفيلم.

وأشك في جميع الممثلين.

وأزرع الشكوك هنا وهناك.

لكن هذا الدور أثر في نفسي كثيراً.

 

فصرت أشك في بائع البرتقالات في المتجر

وأشك في جارتي حين أراها صباحاً عند الشرفة.

وكنت ألتفت يمنة ويسرى.

حين أتمشى لوحدي في الجسر.

إن كان هناك أحد ما يتبعني.

 

وحالما كنت أعطس في الاستوديو

لأن الشتاء بدأ يتسلل بخفة.

للخريف.

كان جميع من هم في الطاقم يقدمون لي المحارم الورقية.

ويطلبون مني الجلوس لوهلة.

ومن بعدها نكمل التصوير.

 

شعرت بالأهمية الكبيرة

التي لم أشعر بها في حياتي العريضة.

 

حين كنت أعطس في الضيعة

كان يسخر مني الجميع.

ويصدحون ويكررون.

أنني أمرض دائماً.

وحين يأتي الشتاء.

وألبس قبعتي الصوفية.

كنت أشعر أن أصابعي جميعها تتجمد.

فتصرخ في وجهي أمي.

المدفئة بحاجة للخشب.

وكنت أخرج مع أليتشيه ونبحث عن خشب للتدفئة.

وكان يلقي صِبية الضيعة كرات الثلج على وجهي.

وكانت أليتشيه تبكي.

بينما كنت أصرخ في وجوههم.

 

- توقفوا أيُّها الجبناء.

 

كانت الشجاعة تتملكني وألقي كراتاً أكبر في الحجم

على وجوههم.

وأنعتهم بشتى الأمور.

 

وحالما نعود للمنزل

تنهار أليتشيه من البكاء.

وتخبر أمي أنني ألقيت كرات الثلج على الصِبية.

 

فتوبخني أمي أنها لم تربيني لأكون نداً للجميع

وأنني معاقبة.

كوني دافعت عن نفسي.

وأن غروري وتبجحي يجلب المتاعب لي.

ولأختي.

وللعائلة بأكملها.

 

فلا تقدم لي البطاطا الحلوة

التي أحبها كثيراً.

وتحرمني من اللعب.

وتجبرني على تعلم الحياكة التي أكرهها.

فأدعي أنني أحيك شيئاً ما.

وأذهب لجدتي وأطلب منها أن تكمل حياكة ما نسجته.

وكان شعوري بالشتاء ينحصر بهذه الأمور المملة.

وانتظر انجلاءه تماماً.

فكل شئ يتجمد معه.

لكنني أتذكر بعدها.

 

إن قلبي لا يتجمد أبداً

حين يعلم أن جوليو.

سيأتي مع أبيه.

ليزورنا في المنزل.

ويحيي أبي على الدوام.

في مناسبات الشتاء المتفرقة.

وكان جوليو يقدم لي هدية صغيرة.

يخرجها من كيس قماشي بفخر كبير.

وكأنه قزم  يجلس على عربة يجرها الموظ والأيل.

 

وكانت فرحتي عارمة حين أعلم أنه لن يقدم هدية لأليتشيه

وأن الهدية لي وحدي فقط.

 

فأقدم له أنا الكعك والحلوى

ونتبادل حديثاً سخيفاً.

لا نُشرك فيه أليتشيه.

فيغادر جوليو مع أبيه.

لكن قلبي يشعر أن عليه البقاء.

فأفكر في طريقة ما.

لأجعله يبقى.

لكنه يتحجج بالذهاب والرحيل.

ولا يمكنه أن يطيل هذا الحديث.

فيجعلني دوماً أود.

وأتمنى منه.

فقط أن يبقى.

تعليق عبر الفيس بوك