أضواء منسية تعرفها ميرابيلا (6)

مزنة المسافر   

 

 

الإبهار.

كان باولو يقول هذه الكلمة بغرور شديد

إنه قادر على صنع الإبهار للجمهور

وأن المشاركين في الإنتاج كما يسميهم.

 

يودون أن يجني الفيلم أرباحاً طائلة.

على طول البلاد وعرضها.

 

وعمد إلى إطالة مشاهدي وأدواري.

وقال لي كلمة إغريقية قديمة ليقنعني أكثر.

 

وأطلق علي هذه المرة: البطلة!

فحين أمرض أو أشعر بالإرهاق.

كان يوبخني بشدة ويقول أن البطل لا يتعب.

البطل لا يمرض.

البطل لا يموت في الفيلم.

عليه أن يعيش حتى النهاية.

إنه البطل!.

 

لكن يا باولو إنني مرهقة.

ومتعبة.

وكان ضغط العمل كبيراً بالنسبة لي.

وأن مشاهد الفيلم صارت في إستوديو كبير للغاية.

وكانت الأمور تصبح أضخم.

وأعظم في عيني باولو.

 

بينما أنا كنت أعيد النظر في أجري.

وأنه زهيد للغاية.

مقارنة بأجر باولو.

 

ففكرت بطريقة ما.

أشعر فيها بالأهمية.

 

ومضيت أبحث عن عقد آخر.

وفعلاً بعد كل يوم نصور فيه.

أزور مكاتب الإستوديوهات واترك عنواني.

 

- نعم ميرابيلا.

- بالتأكيد الممثلة.

- نعم هي ذاتها ميرابيلا.

 

وهنا وجدت نفسي أرى فرصاً كثيرة.

وعقوداً مغرية لا يمكن رفضها.

وأسأت لسمعة باولو.

وأخبرت الجميع أنه رجل استغلالي.

كاذب.

مراوغ.

منافق.

لا يمكن العمل معه بتاتاً.

 

صدقوني ووضعوني في خانة ممثل فئة أ.

وكنت أخبرهم أنه يهين باقي الممثلين.

وأنه وأنه وأنه.

 

وهنا حصلت على عقد جيد مع إستوديو لشركة أجنبية.

يملكها أخوين إثنين.

بدا لي أنهما توأم متطابق.

 

يتحدثان سوية.

ويوقعان العقود بنفس القلم.

ويبتسمان في نفس التوقيت.

حين ألقي عليهما تحية الصباح.

 

ووجدت نفسي كل يوم أسفل أضواء أفضل.

وفريق عمل لا يحصى.

صعُب علي تذكر اسم كل شخص.

لكن الجميع يتذكر ويعرف اسمي.

 

ووضعوا اسمي على باب غرفة التجميل.

التي تخصني أنا ميرابيلا فقط.

 

ووجدت نفسي أمام حاشية في بلاط روماني قديم.

وكنت بدور إمبراطورة.

وكان التبجيل والتعظيم لي أمام الكاميرا.

يشعرني فعلاً أنني ولدت لهذا الأمر.

 

ولم اسمع أي تصفيق.

فقط كنت اسمع هذه الكلمة بتركيز كبير.

 

قطع! قطع!

شكراً لكم.

 

وكنت في المتروبوليتانا أعاني واخشى أن أتأخر.

فقدم لي الأخوين سيارة تقلني من منزلي.

 

وكنت أردد نفس كلمة المخرج تلك.

قطع! قطع! قطع!

 

ووددت أن أقطع بضع فصول من حياتي.

وبضع كلمات بذيئة قلتها لأحدهم.

وأردت أن أرى طفولتي وأنا أركض وسط الحقول.

وبين الكروم.

واختبأ حتى لا يوبخني أحد.

حين أسرق حبات العنب.

من الأشجار.

 

أو حين يقرر صِبية الضيعة أن يلقوا بي في الوحل.

أو في بركة الضفادع.

وأتلطخ  أنا بالوحل.

ويتسخ فستاني المفضل.

وقبعة القش التي أهدتني إياها جدتي.

ويصدرون ضحكاتهم المزعجة.

صادحين أنني وقعت.

 

- الفتاة وقعت!

- الفتاة وقعت!

 

وأصاب أنا بالهلع.

وأجزع فأصرخ في وجوههم.

كلمات لا أقولها في المنزل أمام أبي.

 

- تبًّا للجنون الذي ألقاني في هذا الوحل.

 

فيهربون ويغيبون عني.

ولا أراهم أسابيع كثيرة.

واسمع نفس القصة المثيرة.

من أفواه الثرثارين في الضيعة.

 

حسناً، قطع! قطع! لكل شيء.

 

تعليق عبر الفيس بوك