بركة تيسير المهور

 

راشد الراشدي

بين روتين الحياة الحالية التي يعيشها الشباب، وبين رغبتهم في الزواج وتكوين أسرة هانئة، تحفها الرحمة والسكينة، نجد الجهاد وتحقيق هذا المطلب الضروري أصبح صعباً ومحالاً على فئة الشباب في هذا العصر، إلا من رحم ربي ورُزق أسرةً ميسورةً تحقق مطلبه الشرعي والإنساني.

تبعات وتكاليف ومهور خيالية أو صعبة سبَّبتها تفاهات الحياة ومظاهرها الخادعة التي يتكبدها الزوج، فيرزح تحت طائلة الديون وحاجة الناس مع ما نشهده من ضعف في الأجور التي يتقاضها الشباب في وظائفهم مع متطلبات حياة قادمة تحتاج إلى مصاريف والتزامات كثيرة، ناهيك عن الشباب الذي لم يوفق في الالتحاق بوظائف أو أعمال بعد تخرجهم وما يتكلفونه من أعباء حياتية صعبة.

إنَّ تسهيل الأمور وتكاتف الجميع نحو تيسير المهور ومتطلبات وتكاليف الزواج بات أمرًا ملحًّا بعد عزوف الشباب عن الزواج وتباعد فترات زواجهم، والشاب يعاني والشابة تعاني من شبح العنوسة، ناهيك عن المخاطر الكبيرة المحدقة بالأمر، والتي تقلق المجتمع وتؤرق ذوي الألباب.

إن ما حدث بعد السماح بالزواج من الخارج أذهلني نتيجة تلك الحملات الكثيرة على الشباب وفي مختلف وسائل التواصل الاجتماعي، والتي جعلت من الفكرة أنها تيسير للمهور والتكاليف البسيطة، ولكن من لم يخض التجربة فإن وبالها عظيم، تعاني منه أمم سبقتنا في ذلك؛ فالمصيبة بعد الزواج وبعد طلاق الأجنبيات وإنجاب الاطفال والثقافة المختلفة عن مجتمع متمسك بدينه وأخلاقه ومبادئه وقوامه الأصيل.

نحن أمام ظاهرة ومشكلة مجتمعية كبيرة يجب الوقوف إزاءها، وصد كل ما يضر بأبنائنا وبناتنا من سيل هذا الدهر الغاشم المليء بالهرج والمرج، فبنات الوطن لسن بأقل ثقافة وتعليما وجمالا وأخلاقاً من غيرهن، لكن ما أوصلنا لهذه الحال هو تلك الشروط وذاك المهر المبالغ فيه وتلك الأنفة العالية التي تفرضها بعض الأسر في سبيل تصعيب الأمور على الشباب الساعين لإكمال نصف دينهم، متناسين ما سيحققه ذلك الزواج من استقرار للمجتمع وللشابات العمانيات والشباب العماني.

إنَّ دور الحكومة وأفراد المجتمع اليوم ملحًا لتسهيل وتيسير الزواج بات أمرًا لابد منه، بما يحقق الاستقرار لأبناء المجتمع العماني من خلال توعية أفراد المجتمع في المنابر من خلال خطب الجمعة والمحاضرات والندوات المكثفة، وحض الأسر على التيسير في المهور وشروط الزواج لتحقيق الحياة الكريمة الهانئة لأبنائنا الشباب، والدفع بهم نحو إكمال نصف دينهم بسهولة ويسر ودون شروط قاسية؛ حيث إنَّ قدوتنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه زوجوا أبنائهم بتكاليف ومهور بسيطة جدا، وكان الاستقرار وتكوين الأسر الناجحة والأجيال الصالحة هدفهم الأسمى الذي يتباهون به.

إنَّ المجتمع العماني الأصيل يرفض الترفع والغلو في المهور التي تشكل عائقا في سبيل عدم الزواج والاتجاه للزواج من الخارج، إنني من خلال هذا المقال أناشد الجميع حكومةً ووعاظًا والأهالي بأن يتكاتفوا جميعًا للقضاء على عزوف الشباب عن الزواج بتيسير المهور والتكاليف.

حفظ الله عُمان وسلطانها وشعبها، وجعلها مستقرا آمنا لأبنائها الشباب والشابات، وأصلح حالهم ورزقهم الأزواج الصالحين والذرية الصالحة الطيبة.