ارحموا طفولة حمد

 

 

سالم بن نجيم البادي

حمد طفل يبلغ من العمر 13عاماً، ضئيل الجسم، من يشاهده يعتقد أنَّه في السنة الثامنة من عمره، وتظهر على وجهه قسمات البراءة والطفولة ومسحة من الحزن العميق، اعتاد حمد الوقوف على ناصية الشارع العام من بعد صلاة العصر وحتى المغرب لبيع ما تيسَّر له من غراش العسل والسمن البلدي وحل الشوع، والرُّطب.

ولقد رأيته يحمل سطل رطب في يده اليمنى وآخر في يده اليسرى من البيت إلى الشارع وأجزم أنَّ وزن ذلك الرطب أكبر من وزن حمد.

أكتب هنا عن حمد ليس لأنَّ البيع على الشارع عيب أو حرام أو فضيحة أو يشوه سمعة البلد كما قد يُعتقد، لست ضد الكسب الحلال والاعتماد على النفس، لكنني أتحدث هنا عن طفل صغير حُرِم من طفولته، حرمته الحاجة والعوز والفقر، وأرغب في التأكيد ومن معرفتي الوثيقة بأحوال وأوضاع أسرة حمد أنَّه لا يدَّعي الفقر من أجل الحصول على مزيد من المال، وعدد أفراد أسرة حمد 11 فردا، ومعاش والدهم التقاعدي 310 ريالات فقط، ولكم أن تتصورا كيف يمكن لأسرة مكونة من 11 فردا أن تعيش بهذا المبلغ، صحيح أن أسرة حمد مصنفة من الأسر محدودة الدخل، وهذا ربما يؤهلها للحصول على بعض المزايا لكنها مزايا غير كافية.

إنَّ قضية حمد وغيره من الأطفال الذين يقفون على الشوارع للبيع، يجب أن تنال الاهتمام والدراسة والبحث قبل أن تتحول إلى ظاهرة اجتماعية تثير القلق، وقد تؤشر إلى تزايد عدد الفقراء في المجتمع، وسبق أن طالبتُ وفي أكثر من مقال، بضرورة ذهاب الجهات المختصة إلى بيوت هؤلاء الأطفال من أمثال حمد؛ للاطلاع على ظروفهم، وتقديم يد العون لهم، وإيجاد الحلول المناسبة والدائمة والسريعة للمشكلات المالية والأسرية التي يعانون منها، إذا تبيَّن للجهات المختصة وجود صعوبات مالية تُعاني منها أسر هؤلاء الأطفال. إنَّ من حق هذه الفئة من الأطفال العيش بكرامة وسعادة في وطن الخير والمحبة والعطاء والتكافل، بعيدا عن ذُل الحاجة وحرج ومشقة الوقوف على قارعة الطريق، في انتظار أن يمر فاعل خير ليشتري منهم بضاعتهم المزجاة رُبما بدافع الشفقة والرحمة لا الرغبة في الشراء.

إلى الجهات ذات الاختصاص وأصحاب الأيادي البيضاء، ارحموا طفولة حمد، وابحثوا عن حمد سوف تجدونه وقد أسند ظهره على صخرة عند الشارع وهو ينظر نحو السيارات في كل الاتجاهات... إنه ينتظركم هناك.