ربوا أولادكم لزمان غير زمانكم

 

 

أحمد العامري

حبا الله تعالى عباده بنعم كثيرة قال تعالى: "وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا"، ومن تلك النعم نعمة الأبناء، فهم فلذات أكبادنا، ويجب أن نعدهم خير إعداد لمتطلبات الحياة التي سوف يعيشونها.

نُعلمهم القيم والمبادئ التي يجب أن يعمل بها الفرد المسلم المحب لوطنه والمخلص لولي أمره في العسر واليسر والمنشط والمكره ولا يخاف في الله لومة لائم، يقول الشاعر:

وَيَنشَأُ ناشِئُ الفِتيانِ مِنّا         عَلى ما كانَ عَوَّدَهُ أَبوهُ

ويحرص المربي كل الحرص على أن يكون الابن فردا يمثل دينه ووطنه خير تمثيل إن كان داخل أو خارج حدود وطنه فهو مرآة لوطنه ومجتمعه.

ومن الأمور المهمة لإعداد الفرد إعدادا جيدا أن تعمل على تطوير المهارات لديه، فنحن في عصر إن فاتك القطار فلا تستطيع أن تدركه إلا عن طريق المهارات. في عصر التكنولوجيا أصبح كل أمر في غاية السرعة ويجب أن تمتلك الأدوات اللازمة حتى لا تضع رُشدك.

والمهارات هي متطلبات تلبي حاجات المتعلمين وغير المتعلمين لمواجهة حياتهم ومنها مهارات أساسية، وتشمل: القراءة والكتابة باللغة العربية والإنجليزية حتى يستطيع الفرد التواصل مع ثقافات عديدة ويكون التبادل الثقافي بين الحضارات.

لا نتجاهل المهارات التطبيقية؛ ومنها: مهاراة الإبداع والابتكار؛ لأننا في عصر السرعة ونسعى لإنتاج أشياء تتصف بالأصالة، والتفكير الناقد، ومهارة التواصل الفعال والقيادة والعمل الجماعي والتعاوني، ومهارة حل المشكلات التي أفرد لها الكثير من العلماء فصولا باستفاضة لأهميتها.

أيضاً من المهارات التي لا تقل أهمية عن ما ذكرنا مهارات التقنية ونتفق جميعًا أن لها نصيب الأسد من بين جميع المهارات وكما يعلم الجميع عن الذكاء الاصطناعي الذي أصبح حديث الساعة. فيجب على المربي أن يعد الأبناء إعدادا جيدا في استخدام وسائل التكنولوجيا وتوظيفها فيما يعود بالنفع عليه وعلى مجتمعه ووطنه.

هناك ذكاءات متعددة ذكرها جاردنر وغيره من العلماء، ونخص بالذكر هنا الذكاء العاطفي الذي يعرف بأنه تلك القدرة لمعرفة مشاعر الفرد الخاصة وفهم مغزاها وأثرها على مشاعر الآخرين من حوله. أيضًا كما ينطوي الذكاء العاطفي على مراقبة الغير وملاحظتهم حتى تدرك كيفية التعامل معهم وتحقيق نجاح أفضل في حياتك. ونرى من الأهمية بمكان تعريف وتدريب النشء على هذا النوع من الذكاء.

وللذكاء العاطفي خصائص عدة؛ منها: الوعي بالذات، والتنظيم الذاتي، والتحفيز والحماس، والتعاطف والمهارات الاجتماعية. وجميع هذه الأمور تخلق لك فرداً صاحب شخصية استقلالية لها رأيها الخاص وفكر ناضج وليس إمعة كما جاء في الحديث النبوي: "لا يكُنْ أحَدُكمْ إمَّعَة، يقول: أنا مع النَّاس، إن أحْسنَ الناسُ أحسنتُ، وإن أساؤوا أسأتُ"، أيضا الذكاء العاطفي يجعل للفرد حصانة من الابتزاز الإلكتروني الذي ضجت منه المحاكم.

أبناؤنا هم فلذات أكبادنا، ويجب أن نتقي الله في تربيتهم، وكما جاء في المثل الصيني: "لا تعطني سمكة، بل علمني كيف أصطاد". فعندما تضع هذا المبدأ نصب عينيك عند تنشئة الأبناء تخلق جيلاً يميز بين الغث والسمين، ولديه مهارة في اتخاذ القرار، يقول الشاعر:

نفسُ عِصامٍ سَوَّدَت عِصاما      وَعَلَّمَتهُ الكَرَّ وَالإِقداما

وَصَيَّرَتهُ مَلِكاً هُماما  حَتّى عَلا وَجاوَزَ الأَقواما

تعليق عبر الفيس بوك