تشو شيوان *
زارت وزيرة الخزانة الأمريكية "جانيت يلين" الصين، والتي استمرت أربعة أيام، التقت خلالها العديد من المسؤولين الصينيين، وأجد أن التبادلات المتبادلة رفيعة المستوى بين الصين والولايات المتحدة قد ازدادت خلال الآونة الأخيرة وهذا مؤشر إيجابي يصب في مصلحة الدولتين والعالم أجمع.
لقد قالت يلين إنَّ اجتماعاتها مع المسؤولين الصينيين كانت مباشرة ومثمرة، وخلال زيارتها، سلط رئيس مجلس الدولة الصيني لي تشيانغ الضوء على أهمية الاحترام المتبادل والتعايش السلمي والتعاون المربح للجانبين، ودعا الولايات المتحدة إلى تبني نهج براغماتي لعلاقاتها مع الصين، وخلال لقاء يلين بنائب رئيس مجلس الدولة الصيني خه لي فنغ، فقد أكدت على ضرورة قيام الاقتصادات الأكبر في العالم بالتواصل عن كثب وتبادل الآراء حول مختلف القضايا. وأنّ هناك مجالا واسعاً للشركات الأمريكية للانخراط في التجارة والاستثمار مع الصين، مضيفة أنّ فصل الاقتصادين الأمريكي والصيني يكاد يكون مستحيلا، وسيضرّ باستقرار الأسواق العالمية، وهذا ما كانت الصين تدعو إليه خلال الفترة الماضية ففي كل مناسبة توضح الصين أن الإجراءات الأحادية من قبل الولايات المتحدة الأمريكية ضد الصين تتجه لطريق مسدود فالعالم أكثر ترابطناً وتشابكاً، وأن نجد هذه التصريحات تخرج من مسؤول أمريكي رفيع المستوى فهذا تطور ملحوظ في تغيير النهج الأمريكي فيما يخص الصين.
إنَّ الاقتصاد الصيني والاقتصاد الأمريكي يمكنهما الاستفادة من قوتيهما إذا عملا جنباً إلى جنب، وبمزيد من التفاهمات يمكن للشركات الصينية والأمريكية أن توسع نطاق عملها وتستفيد من خبرات وتطورات وأسواق الآخر، وسيساهم هذا الأمر في دفع الاقتصاد العالمي للاستقرار والخروج من بعض أزماته المتلاحقة.
نحن نعيش اليوم في زمن العولمة؛ فمشاكل مزارع بسيط في الريف الصيني قد تؤثر على أكبر الشركات في وادي السيلكون في أمريكا، فكيف عن تأثير أكبر اقتصادين في العالم على بعضهما البعض، وعلى الجانب الأمريكي أن يُفكر بتأثير تعنت إداراته واتخاذها لقرارات سلبية ضد الصين على الشركات الأمريكية والتي تؤثر سلباً وبشكل واضح، فنحن نتكلم كمن يغلق الباب على أكبر سوق استهلاكية وأقصد السوق الصينية، ولهذا الخروج من هذا كله يشبه الخروج من عنق الزجاجة صحيح أنه ضيق وصعب إلا أنه سيحقق الكثير من الإنجازات في وقت قصير واستثنائي، والصين كانت مؤمنة بحجم هذا التأثير وأرادت من الولايات المتحدة الأمريكية أن تقيم الأمر بشكل صحيح وموضوعي وأن تنظر للأمر بعين الحكمة والمنفعة المتبادلة.
لا يمكن للعالم اليوم أن يُنكر على الصين حجم تأثيرها وتأثير اقتصادها وشركاتها على العالم أجمع، وهناك دول فهمت هذا الأمر وفتحت الأبواب للمزيد من العمل المشترك في هذا الجانب وارتقت بشركاتها أو حتى ارتقت بشعوبها إن صح التعبير، فكيف للولايات المتحدة أن تغمض عينها عن كل هذا؛ هذا أمر مستحيل!
ما أود أن أصل إليه من خلال هذه المقالة أن الولايات المتحدة الأمريكية يجب أن تعي حجم الموقف الحقيقي لتأثير الصين عالمياً وعلى الولايات المتحدة الأمريكية أيضاً أن تتعامل مع الموقف بعقلانية أكثر فالفائدة ستكون كبيرة إذا تم صياغة نموذج جديد للتعامل مع الصين على مبدأ الربح والفائدة المشتركة.
لقد أوضحت في عدة مناسبات وأطروحات أن الصين منفتحة على جميع الاحتمالات فيما يخص علاقتها بالولايات المتحدة الأمريكية ومستعدة لكافة المتغيرات، ومن جانب مغاير تدعو لاستثمار الفرص التعاونية بين الاقتصادين والقوى السياسية لكلا الدولتين، ولكن للأسف الإدارة الأمريكية كانت تعقد الأمر بشكل كبير مما تدهورت العلاقات بشكل مستمر، ولكن هذا لا يعني أبداً أن إصلاح الأمر بات أمر مستحيلاً فمجرد تخلي الولايات المتحدة عن مواقفها السلبية تجاه الصين ستحل ستبدأ الأمور بالتحلحل بشكل لافت ومفيد للصين والولايات المتحدة وللعالم.
* صحفي في مجموعة الصين للإعلام، متخصص بالشؤون الصينية وبقضايا الشرق الأوسط والعلاقات الصينية ـ العربية