سالم بن نجيم البادي
تقع قرية هليب في ولاية ينقل، وتعد أنموذجا للتكافل والتعاون بين أفراد المجتمع، وهي قرية وادعة تحيط بها الجبال من كل الجهات، وتخترقها أودية هليب ومقصة، وهي أودية كبيرة تصب فيها أودية صغيرة وشعاب كثيرة، وطقس القرية يميل إلى الاعتدال في درجات الحرارة بصفة عامة في الصيف، وهو كذلك مُعتدل البرودة في الشتاء، وتكثر في القرية أشجار السدر والسمر والغاف والأغنام والجمال والأبقار.
ويقطن فيها حوالي 250 نسمة ينتمون إلى أسرة واحدة، وجلهم من أحفاد الجدة الراحلة المعروفة موزة بنت سيف الفدعور البادية.. وأهل هذه القرية قد اشتهروا بالتكافل الاجتماعي وبالعصامية والاعتماد على النفس والتآزر والتعاون، وقد اعتمدوا على أنفسهم في بناء مجلس كبير وجامع مرفق به مسجد للنساء ومغسلة للموتى بجهودهم الذاتية ومورد ماء لمواشيهم وصالة رياضية مزودة ببعض الألعاب، وملعب لكرة القدم والكرة الطائرة، وفريق رياضي لممارسة الأنشطة الرياضية والثقافية المختلفة، ويهتم الفريق بالناشئة والشباب، ويوفر لهم فعاليات من أجل استثمار أوقات فراغهم فيما يفيدهم ويعدهم لتحمل المسؤولية في المستقبل، وما يقوي ثقتهم بأنفسهم ويربطهم بالعادات والتقاليد الحسنة المتوارثة في هذه القرية العريقة والجميلة، وقبل كل ذلك التمسك بالدين الحنيف والأخلاق الفاضلة.
ومن أجمل الأوقات في القرية وقت العصر، عندما يتجمع الشباب والأطفال في المعلب؛ منهم من يلعب كرة القدم وبعضهم يلعب كرة الطائرة، وبعضهم يلعبون الألعاب الشعبية المتوارثة، ويسود الفرح والمرح والنشاط، وفي كل مرة يتبرع أحد أبناء القرية بالجوائز للفائزين في المنافسات المختلفة للتحفيز والتشجيع.
ويتعاون كل سكان القرية الرجال والنساء والشباب والفتيات وفق الإمكانيات والقدرات التي يتميز بها كل فرد في القرية، ويظهر التكافل عندهم واضحًا في المناسبات؛ مثل الأعراس والأعياد، وفي شهر رمضان وأيام العزاء، وحين يحتاج أحدهم للمساعدة، وحين تقع لأحدهم مشكلة ما أو يمر بضائقة مالية، وحتى المشاكل العائلية يتم حلها في الغالب في الإطار الأسري، ولم يحدث عبر تاريخ الأجيال المتعاقبة أن وصلت خلافاتهم إلى المحاكم.
وكل أهل القرية كأنهم عائلة واحدة في السراء والضراء، ودائماً وفي كل الأحوال، وكانوا يعانون من الضعف في شبكات الهاتف الخلوي وأخيرا تم تركيب برج تقوية للإرسال بالتعاون مع الشركة المعنية، وقد قاموا بأنفسهم بأعمال الحفر والتوصيلات اللازمة رغم وعورة تضاريس المكان، ولقد طال انتظارهم للشارع المعبد وهم ومنذ بداية النهضة يُطالبون بالشارع بدون كلل ولا ملل، وقد تجددت آمالهم مع العهد الجديد بقيادة حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق -حفظه الله ورعاه- وبدأ أهل القرية في مشروع التشجير ويأملون أن تتحول القرية معه إلى واحة في قلب الجبال.
ومن أجل بيئة نظيفة، تُنظم حملات للنظافة يشارك فيها الكبار والصغار.
إنَّ قرية هليب قرية آمنة مطمئنة مزدهرة بفضل لله تعالى ثم بتكافل وتضامن أهلها الكرام.