راشد بن حميد الراشدي *
خلوق في صفاته، هادئ في تعامله مع الناس، يحمل رسالة سامية وهدفًا واضحًأ هو إعلاء كلمة العلم ومحو ضلالة الناس.. من العراق إلى عُمان، كانت مسيرته التربوية التي رسمها على شواطيء ومرافئ ولاية المضيبي العريقة، ليحمل الأمانة جليَّة على عاتقه، وينشئ جيلا متعلما سيظل يذكُر صولاته وجولاته بين مدارس الولاية.
عرفناه عن قرب مُربياً فاضلاً، كريماً يحب العمل ويُخلص في أمانته، كان مديرا لمكتب التربية والتعليم منذ إنشائه في الولاية، والتي تضمُّ عشرات المدارس؛ حيث كان يمر على معظمها بصورة دورية، عرفه الكبير والصغير وعرف فضله على نجاح العمل التربوي في الولاية، كان رحمه الله يشجِّع الكبير والصغير على طلب العلم، فقد كانت صفوف محو الأمية لتعليم الكبار مفتوحة، وقد استفاد منها الكثير، وكانت نهضة عُمان الفتية تشقُّ الأفق فانطلق هو مع بداياتها لتكتمل النهاية بما نشاهد اليوم من غراس الماضي القريب.
إنَّه الاستاذ العزيز علينا جميعا ناصر بن عبدالله الشرجي أول مدير إداري لمكتب التربية بولاية المضيبي، واحد من رواد العمل التربوي الذين أسهموا في محو الظلام والأمية عن أجيال عاصرت تضحياتهم وجهدهم الكبير طوال سنوات عملهم .
اليوم تودِّع سناو وولاية المضيبي قاطبةً ذلك المعلِّم والمربي القدير، وأعين محبيه تذرف الدمع وتدعو له بالمغفرة والرحمة، وأن يتقبله الله عنده نقيا طاهرا في جنات النعيم، ولا نزكي على الله أحد.
رحل ورحل معه قبس العلم الذي أنار التعليم في بقعة طاهرة من بقاع سلطنتنا الحبيبة، وذكرياته لا تزال عالقة لدى أجيال الولاية تحمل العرفان والتقدير والتبجيل لما قدمه وزرعه من زروع الخير؛ حيث كان الطبيب والمهندس والمعلم والقاضي والفني والطيار، وغيرهم من أبناء هذا الوطن نِثَار علمه وسعيه الدؤوب رحمه الله.
نستذكرُ ابتسامته ونصائحه الغالية للجميع وهو في طابور الصباح أو عند مروره علينا كُنا طلابا، ثم صرنا معلمين وقد احتضن القلوب والأنفس بصفاته وأخلاقه وتواضعه الجم في نقاء جوهره المكنون وسريرة نفسه البسيطة النقية.
رحل ولا نقول إلا ما يقوله المؤمن المحتسب: "إنا لله وإنا إليه راجعون"، وإلى جنات الخلد بإذن الله أيُّها المربي الفاضل، فقد نعتك الأنفس، ونعاك كل من عرفك، حيث كُنت قريبا من الجميع في خُلقك وتواضعك.
* إعلامي وعضو مجلس إدارة جمعية الصحفيين العمانية