نداء إلى بلدية مسقط

علي بن بدر البوسعيدي

لا أعتقد أن الحل المؤقت الذي أعلنت عنه بلدية مسقط بخصوص أزمة "عربات بيع المشاوي" في عدد من المواقع في محافظة مسقط، أو حتى في أي مكان آخر، يمثل حلًا جذريًا لهذه القضية، في الوقت الذي يجب أن تعمل فيه كل الجهات على وضع حلول نهائية وحاسمة لمختلف الموضوعات، لا سيما تلك التي ترتبط بمعيشة الناس وأقواتهم.

في الحقيقة، وقبل سنوات قليلة ومع بدء شبابنا المجتهد في التفكير خارج الصندوق، وأقصد هنا انتظار الوظيفة حكومية كانت أو خاصة، رصدتُ بنفسي لجوء هؤلاء الشباب إلى مشاريع بيع المشاكيك والمشاوي بالقرب من الشواطئ وعند المواقع التي تشهد إقبالًا من الزوار والجمهور، أو على مقربة من الشوارع الرئيسية، وهم بذلك يسعون إلى توفير مصدر دخل لهم ولأسرهم. ومع زيادة التحديات الاقتصادية وتسريح بعض الشركات لعدد من المواطنين العاملين لديها، لم يكن أمامهم من خيار سوى افتتاح مثل هذه المشاريع، التي تعتمد في الأساس على التواجد في مناطق حيوية، وليس خارج المدن والأحياء!

لذلك أندهشُ كثيرًا من العقلية الإدارية التي ما زالت تدير بعض الأمور في حياتنا اليومية، كأن يكون المنع هو الحل، والغلق هو القرار الأوحد، وطرد الباعة المتجولين من مواقعهم الإجراء الأنسب!! أتساءل هنا لماذا لم تسعَ البلدية وغيرها من الجهات المختصة لتوفيق أوضاع هؤلاء بحيث يظلون في مواقعهم التي اعتادوا الوقوف فيها، وعرف الزبائن مكان تواجدهم، وباتت هذه المواقع ليست فقط مكانًا لشراء الأطعمة المختلفة، ولكن أيضًا متنفسًا لهؤلاء الشباب، في ظل عدم كفاية المواقع الترفيهية المخصصة لمثل هؤلاء الشباب.

لا شك أن الاستثمار في الشباب هو الحل الأنجع، وتوظيف طاقاتهم من أجل تعزيز التنمية هدف يجب الوصول إليه، ولذا علينا الابتعاد عن أي إجراء يُصيب هؤلاء الشباب بالإحباط، ويُشعرهم أنهم غير مرحب بهم أو أفكارهم لا جدوى منها..

لماذا لا تطلق البلديات في كل المحافظات، مبادرة شاملة، تستهدف استيعاب الشباب الراغبين في العمل الحر، خاصة وأن المقام السامي لحضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- قد وجه بضرورة تعزيز وعي الشباب بثقافة العمل الحر، على أن تتضمن هذه المبادرة توفير عربات خاصة مُصممة بطريقة عصرية وجاذبة، وتهيئة المواقع من حولها، وذلك بالتعاون مع الجهات الأخرى مثل وزارة التراث والسياحة، وهيئة تنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، والقطاع الخاص الذي نأمل منه دعم مثل هذه المبادرات في إطار مسؤوليته الاجتماعية.

وأخيرًا.. أحث شبابنا على الصبر ومواصلة العمل مهما كانت التحديات، وأؤكد لهم أن العمل الحر أحد أوسع أبواب الرزق، وأملنا كبير في طرح حلول عملية وجذرية لمختلف قضايا العمل في مجتمعنا.