التأشيرات السياحية واستغاثة مغترب

 

‏راشد بن حميد الراشدي **

 

ما يحصل حاليًا مع فتح التأشيرات السياحية أمام رعايا عدد من الدول العربية والأجنبية لزيارة سلطنة عُمان لفترة محددة بين شهر وثلاثة أشهر واستغلال الكثير من الشركات الوهمية من داخل أو خارج السلطنة لذلك الأمر مع تبسيط إجراءات دخولهم للأراضي العمانية، أمر خطير جدًا يجب تسليط الضوء عليه وكشف ما يدور بين ثناياه من تلك الممارسات التي يندى لها الجبين في بلد لم يعرف الخبث والنصب والاحتيال في أخلاق شعبه ولا سمعته الطيبة.

صرخات واستغاثات إخوة مغتربين يفترشون الحدائق والمساجد ويبحثون عن عمل أو لقمة عيش بعد أن غدر بهم بنو جلدتهم وأوهموهم ببلاد سيجدون فيها أحلامهم والكسب السريع والحصول على المال والوظائف المناسبة لهم، ليُصدموا بعد وصولهم ووقوعهم فريسة نصب واحتيال بعد أن أخذوا منهم أموالًا طائلة ووعودهم بعقود عمل تمتد لسنوات، والأعداد تتزايد كل يوم بلا رقيب يوقف هذه التصرفات الدنيئة وهذا العمل اللاإنساني.

لقد اطلعت على تجربة عاشها اثنان من الإخوة المغتربين من إحدى الجنسيات العربية، وقد يئسوا من الحياة بعد تجربتهم المريرة، وحلمهم اليوم العودة إلى بلادهم، بعدما ذاقوا مرارة الأمر من غربة دون عمل، ومن فقدٍ لأموالهم وحسرة على عملية النصب التي مورست في حقهم، فقد تركوهم في حر شديد بين ثنايا الحدائق والمساجد والطرقات.

استغاثة للجهات المعنية يرفعها ويُطلقها هؤلاء المغتربون، مُطالبين بضرورة تقييم مثل هذه التصرفات التي تقف وراءها عصابات نصب واحتيال تسرق أموالهم وأيادٍ خفية ترسم الحلم الوردي للعمل في عُمان، من خلال إعلانات مُضللة على وسائل التواصل الاجتماعي، ووعود كاذبة، سرعان ما يكتشفون زيفها، ويتبخر ذلك الحلم الجميل، فيجدون أنفسهم قد سقطوا في براثن كذب من خدعوهم، فرمتهم الأقدار إلى حيث لا يدري أولئك الفقراء الساعون لأرزاقهم بوهم تلك الفئة التي زيّفت لهم الحقائق ليُصدموا بواقع مأساوي مؤسف وظالم لهم.

لقد ساهمت التأشيرات السياحية في جوانب وممارسات أخرى سبقني الكثير في الحديث عنها كوصول أعداد من بعض الجنسيات الأجنبية بهدف الإقدام على أفعال مخلة بالآداب في جُنح الليل، وكذلك إقدام عدد من الشركات على تشغيل بعض الكفاءات المنافسة للباحثين عن عمل من الكفاءات الوطنية وبتأشيرة سياحية تُجدد لهم في عدد من المؤسسات والشركات.

لا شك أننا نقول بأعلى صوت أهلًا بالزائر لأرض السلام والأمان والاستقرار، لكن يجب أن لا تُستغل تلك التأشيرة السياحية لخلافِ ما أُصدِرَت من أجله، وبعيدًا عمّا يمارس حاليًا من تحايل على القانون في مثل هذه الظواهر المرفوضة، والتي يُمارسها البعض من المتكسبين من أقوات الفقراء.

إنني ومن خلال مشاهداتي واستغاثة هؤلاء المغتربين فيما وصل إليه حالهم من تركهم في الطرقات والحدائق والمساجد يواجهون مصيرهم بعد أن تخلت عنهم تلك الشركات الوهمية في بلادهم، يحدوني الأمل في اتخاذ إجراءات صارمة ووضع اشتراطات حقيقية- كما يحدث في دول عدة- من أجل منع حدوث مثل هذه المُمارسات والتحايل الذي يُمارس في تلك البلدان ويعيش تبعاته الوطن العزيز.

ختامًا.. آمل من جهات الاختصاص التحرك السريع نحو دراسة هذه الظواهر وإيجاد الحلول المناسبة لها؛ كضرورة وجود حجز فندقي مؤكد للزائر طوال فترة وجوده بالسلطنة، وتذكرة ذهاب وإياب غير قابلة للاسترجاع، وشرط مُلزم يتعهد به السائح بعدم العمل في السلطنة إلّا بعد الحصول على تأشيرة عمل رسمية حسب الأنظمة والقوانين المعمول بها؛ بما يضمن حق الوطن وحق هؤلاء المغتربين. كما نأمل من هذه الجهات بالتعاون مع الدول الشقيقة والصديقة، التحرك نحو تلك الشركات والأفراد المتحايلين والمتسترين والمتكسبين من وراء التأشيرة السياحية، ومعاقبتهم على مخالفتهم للقوانين، وكذلك تطبيق القوانين الرادعة لكل من يُمارس ويمتهن هذه الممارسات المخالفة، والعمل بكل جهد لمنعها قدر الإمكان.

حفظ الله عُمان وسلطانها وشعبها، وجعلها واحة للخير، وجنبها شرار الناس ومكائدهم.. إنه سميع مجيب الدعاء.

** عضو مجلس إدارة جمعية الصحفيين العُمانية