السيارة الكهربائية

سعود بن حمد الطائي

يُمكن اعتبار يوم السادس من أكتوبر من سنة 1973، بمثابة الميلاد الحقيقي للسيارة الكهربائية، حينما أعلن الملك فيصل آل سعود- رحمه الله- في غمرة حرب أكتوبر المجيدة عن استخدام النفط العربي كسلاح مساند لجهود الحرب العربية، واستعادة الحقوق العربية، وكانت تلك هي الشرارة التي أفقدت الغرب توازنه وجعلته يخشى من ذلك اليوم أن يقع مرة أخرى تحت طائلة توقف إمدادات النفط عن مصانعه ومنشآته، ومنذ ذلك اليوم ومحاولات الغرب مستميتة لتقليل الاعتماد على النفط العربي ومستمرة بلا هوادة، ولأجل ذلك الهدف البعيد أنشأت مراكز بحوث ومعاهد دراسات ومصادر لتمويل كل ما من شأنه أن يدلو بدلوه ويسهم في بناء مشروع يصبح فيه الاعتماد على النفط العربي بصفة خاصة في أدنى مستوياته.

وكانت أولى الخطوات العملية التي تم اتخاذها في سبيل أن يتحقق هدفها البعيد هي بناء مخزون استراتيجي من النفط يستخدم كاحتياطي يمكن العودة إليه في حالة انقطاع النفط العربي لأي سبب من الأسباب، وأصبح هذا المخزون مع مرور الزمن أداة ضغط على منتجي النفط ووسيلة لبقاء الأسعار في حدودها الدنيا، وكبح أية فكرة لارتفاعها في أسواق الغرب.

وقد حصلت شركات السيارات الكهربائية على قدر كبير من مبالغ الدعم الحكومي ومليارات من الدولارات على هيئة قروض ميسرة ومساعدات حتى تتمكن من الوقوف عل قدميها.

وبسبب التمويل الكبير والدراسات المكثفة لم يمضِ وقت طويل حتى نرى السيارة الكهربائية أصبحت واقعًا حيًا وملموسًا في شوارع العالم. ولأن فكرة السيارة الكهربائية بحاجة إلى غطاء علمي فقد تم استخدام الانبعاثات الكربونية والاحتباس الحراري كعامل مساعد للتقليل من استخدام النفط إلى الحدود الدنيا، وذلك بالرغم من تصدر الدول العربية قائمة مشتري السلاح من الدول الغربية على مدى عقود طويلة، رغم أنها من النادر أن تستخدمه أو تحتاج إليه، لكنها تبدو وكأنها ضريبة مخفية إضافة إلى أن أسعار النفط العربي كانت وما زالت رخيصة فهي لم تتعد 50 دولارًا للبرميل الواحد كمعدلٍ خلال الخمسين عامًا الماضية، في الوقت الذي تضاعفت فيه أسعار الصادرات الغربية عشرات المرات من السيارات والمعدات وغيرها، بينما ظلت أسعار النفط ضمن أدنى المستويات.

وإذا كنا نعي خطورة محاولات البحث عن بدائل للنفط العربي وما ستؤدي إليه تلك المحاولات من تقويض لاقتصاديات الدول المنتجة وخصوصًا إذا علمنا أن هناك مليار سيارة تجوب شوارع العالم يوميًا وأن تحوُّلها من النفط إلى استخدام الطاقة الكهربائية سيؤدي لانتهاء عصر النفط وسوف تتبعه الطائرة الكهربائية ومن ثم السفينة الكهربائية.. إلخ.

إذا كنا لا نستطيع أن نوقف محاولات الآخرين لإيجاد مصادر بديلة للطاقة وعن النفط العربي فإن أقل ما يمكن أن نفعله أن لا نشارك في هدم مصادر أموالنا وأن لا نقدم التسهيلات اللازمة لنجاح هذه المحاولات الرامية إلى تجفيف مصادر دخلنا وعصب اقتصادنا، لا سيما وأننا أيضا نتحمل مسؤولية عدم تنويع مصادر دخلنا، ولم نصل بعد كل هذه السنين إلى اليوم الذي يصبح فيه اقتصادنا قادرًا على الحياه والبقاء في عالم مليء بالمُتغيرات والبحث عن مصادر بديلة للاستغناء عن النفط.