اللوائح والقرارات الملحقة بقانون التعليم المدرسي

 

محمد بن حمد البادي

mohd.albadi1@moe.om

 

 

جاء المرسوم السلطاني رقم 31/2023 الخاص بالقانون المدرسي ليُؤكد أن فلسفة التعليم في السلطنة قائمة على عدة مبادئ تجمع بين الأصالة والحداثة، وترتكز على أسس لها غايات كبرى، تعنى بتحقيق النمو الشامل والمتكامل لشخصية المتعلم- منذ الصغر- عقليًا ووجدانيًا وجسديًا.

إنَّ قانون التعليم المدرسي بيّن الأهداف العامة والخطوط العريضة التي ينبغي أن تسير عليها منهجية التعليم في سلطنة عُمان في الفترة المُقبلة، وها نحن اليوم- وخصوصًا نحن أهل الميدان التربوي- في انتظار اللوائح والقرارات التي ستصدر من وزير التربية والتعليم، كما ورد في المرسوم السلطاني السامي، لتضع النقاط على الحروف، وتبين بعض التفاصيل المهمة التي سوف تساعد على تحقيق الأهداف العامة للعملية التعليمية والتربوية في السلطنة.

والمجتمع العماني بكافة أطيافه وشرائحه يتطلع اليوم إلى أن تراعي هذه القرارات واللوائح بعض النقاط المُهمة المؤثرة بشكل مُباشر في العملية التعليمية والتربوية، وترتقي بمهارات وإمكانات المتعلمين وسلوكهم للأفضل.

أولًا: الكثافة الطلابية في الفصول الدراسية، يجب أن لا ننظر إلى الطالب الذي أمامنا على أنه كتلة حجرية جامدة تحتاج إلى مطرقة، بل هو خليط متكامل من الأبعاد الجسدية والعقلية والانفعالية يجب أن تغذى وفق عملية تعليمية وتربوية متعددة الأطراف والجوانب بشكل سليم، والضيق المكاني في غرفة الصف نتيجة الكثافة العددية الهائلة في غرفة الصف من أهم الأطراف التي تؤثر في نجاح العملية التعليمية والتربوية سلبًا أو إيجابًا، ولا زالت الدراسات التي تجرى حول هذا الأمر توصي بأن تكون الكثافة العددية للطلبة في الصف الدراسي الواحد بين (20- 25) طالباً فقط.

ثانيًا: طول اليوم الدراسي يجب أن يوضع قيد الاعتبار، بحيث تراعى- على أقل تقدير- الفروقات الفردية بين الطلبة في مراحل التعليم المختلفة، فهؤلاء الأطفال يبدؤون رحلتهم اليومية قبيل السادسة صباحًا وتنتهى بعد الثانية والنصف ظهرًا، ما يُصيبهم بالإرهاق والتعب ويستنزف كامل طاقتهم فضلاً عما ينتظرهم من واجبات منزلية وتحضير لليوم الدراسي التالي وفي بعض الأحيان اختبارات في أكثر من مادة دراسية، مما يسبب لهم نفوراً من الدراسة، ويهدد رغبتهم في الإقبال على طلب العلم، فأولياء الأمور ومجموعة كبيرة من التربويين يرون أن كثرة عدد الحصص في اليوم الدراسي الواحد، وطول اليوم الدراسي الممتد من السابعة صباحًا حتى الثانية ظهرًا لا يعني تعليمًا أفضل، بقدر ما أنها تضغط على الطالب وتزيد لديه التذمر والتأفف ومشاعر سلبية أخرى من المدرسة ومن معلميه، وهنا يطالب أولياء الأمور بإعادة النظر في طول اليوم الدراسي وخصوصًا مدارس الحلقة الأولى، على أن لا يتجاوز وقت انتهاء الدراسة الساعة الثانية عشرة ظهرًا.

ثالثًا: تقسيم اليوم الدراسي على فترتين (صباحية- مسائية)؛ حيث يجب أن نجد حلولا مناسبة لكي نجعل الدراسة في الفترة الصباحية فقط، على أن تلغى الدراسة في الفترة المسائية، نظرا لما لها من تداعيات سلبية على الطالب بشكل خاص وعلى المجتمع بشكل عام.

رابعًا: المناهج الدراسية: لا نبخس حق وزارة التربية والتعليم في التطوير المستمر للمناهج الدراسية الساعية لتجويد التعليم من أجل خلق جيل متسلح بالانتماء الوطني ويتحمل مسؤولية بناء المستقبل بأفكار إبداعية ورؤى ابتكارية. كما نقدر الجهود الكبيرة التي تبذلها الوزارة في إعداد مناهج تعليمية بعقول وطنية وتجارب عمانية، في حين نرى أن دولًا عربية أخرى تعج بمناهج مستوردة ليس لها منها إلا الاسم، ولكن ـ وسعيًا لإيجاد تعليم ذي جودة عالية ـ يجب أن نراعي الابتعاد عن الحشو الزائد في المناهج الدراسية، وأن تركز هذه المناهج على مهارتي القراءة والكتابة في الصفوف الدنيا، وعلى تنمية المهارات الإبداعية والأفكار الابتكارية في الصفوف الأعلى منها، وأيضًا تنمية روح المبادرة لدى الطلبة، لنستطيع تقليل الفجوة العميقة بين المخرجات التعليمية في المدارس ومؤسسات التعليم العالي من جهة وسوق العمل المحلي من جهة أخرى.

خامسًا: طرائق التعليم يجب أن يكون لها النصيب الأوفر؛ باعتبار أهميتها في توصيل المعلومات والمهارات للطلبة، يجب أن نبتعد عن أسلوب التلقين الذي يرى أن الطالب وعاءً لتخزين المعرفة، وحشوه بكم هائل من المعارف والمعلومات، بل يجب أن تعتمد أساليب تعليمية تنمي روح المبادرة باستخدام التحفيز والتشجيع، وأن يتم التعليم بأساليب تطبيقية وعملية ونقلل قدر الإمكان من الأساليب النظرية المملة، لنساعد الطالب على استخراج كل إمكاناته وقدراته العقلية الكامنة، ونمكنه من تنمية مهاراته الأساسية.

سادسًا: الخطة الدراسية يجب أن توازن بين احتياجات كل منهج دراسي لتعطي كل منها حقه من الوقت، فعلى سبيل المثال مواد المهارات الفردية في الصفين الحادي عشر والثاني عشر لا تحتاج إلى خمس حصص أسبوعيًا مقارنة بالمنهج الحالي وهذا طبعًا على حساب مناهج أخرى أهم وأجدر لأن تعطى نصيبًا وافرًا من الوقت، في حين أن الاحتياج الفعلي لمناهج مواد المهارات الفردية حصتان في الأسبوع فقط، وقس عليها الكثير من المناهج في الصفوف الأخرى.