ناصر بن سلطان العموري
في خضم اشتعال مواقع التواصل الاجتماعي بقانون التعليم المدرسي وحديث الرأي العام حوله كونه يخص قطاعاً مهماً، أودُ عبر هذا المقال تسليط الضوء على قضية لم ينتبه إليها الكثيرون، رغم أهميتها؛ فهي تمس حاجة قطاع حيوي لا غنى عنه في الحياة اليومية، وهي قضية قطع خدمات الهاتف الثابت والنقال والإنترنت (البيانات)؛ بحجة التأخر في السداد! فحضرة النظام الإلكتروني المحترم المُبرمج مُسبقًا قرّر ذلك؛ وأمره مطاع على السمع والطاعة طبعًا، وهذه حجة الشركات!!
الظاهر أن شركات الاتصالات لدينا تريد أن تأخذ دون أن تُعطي العميل أبسط حقوقه والاعتراف بكيانه ووجوده؛ فكان الأولى تقدير ظروفه لما يواجه من التزامات حياتية وعدم مُعاملته على أنه آلة دفع وتحصيل. ما دعاني لكتابة هذا المقال، حالات قطع الخدمة التي حصلت مع الكثير من المواطنين؛ فهناك من قُطعت الخدمة عن هاتفه النقال، وآخر هاتف منزله، والآخر باقة البيانات (شبكة الإنترنت)، والحجة أن مدة السماح بدفع الفاتورة مبرمجة على شهرين من تاريخ إصدار الفاتورة. ألا يعلم أولئك ما مرَّ على المواطن من مصاريف شتى من أعياد وغيرها.
الغريب أن هذا القطع يحصل دون سابق إنذار، فلا رسالة تحذير ولا تنبيه للمستفيد من الخدمة، وهذا في حد ذاته يمثل إجحافًا بأبسط حقوق المستخدم (المستهلك)؛ فكيف لهم أن يقطعوا خدمات مهمة وحيوية مثل الاتصالات والإنترنت، وهناك من ينتظر بفارغ الصبر مكالمة على هاتفه النقال تخص ترشيحه للعمل بعد طول انتظار وهو باحث عن عمل منذ مدة ليست بالقصيرة، وهناك أطفال ينتظرون مكالمة من أبيهم للاطمئنان عليهم وهو بعيد عن أعينهم يعمل في حقول النفط أو احد الأماكن البعيدة؛ إذ ربما يرونه في الشهر مرات معدودة خلال أسبوعين، وهناك من الطلبة من يعتمد اعتماد كلي على النت في الاستعداد للامتحانات من خلال منصات التعليم واجتهادات شرح الأستاذة للمواد الدراسية. كما إن البعض من أصحاب المؤسسات الصغيرة والمتوسطة ممن يعمل في التجارة الإلكترونية هو في أمس الحاجة لاستخدام الإنترنت والاعتماد على الاشتراك الشهري لتلقي طلبات الزبائن من منزله.
ألا يعلم القائمون على شركات الاتصالات أهمية ما يمثله الإنترنت في هذا العصر الحديث وتداخله في جميع مناحي الحياة؟ أم أن هدفهم وتفكيرهم ينصب فقط في تحصيل الفواتير وزيادة أرباحهم التي تزخر بها تقارير نهاية السنة المالية دون التفكير في المواطن وما يعانيه من عواقب جراء ذلك.
وبصفتها الجهة المشرفة على شركات الاتصالات ومنحها التراخيص اللازمة لممارسة عملها تنظيم العملية التعاقدية بين شركات الاتصالات والعميل، فعلى هيئة تنظيم الاتصالات أن تنصف العميل، ويكون هدفها حمايته بقرارات وقوانين تكون له الدرع الواقي ضد أي استغلال من جانب شركات الاتصالات التي تسعى لاستغلال ما يمر به من ظروف حياتية صعبة، وعدم النظر للجانب المادي التي تجنيه من شركات الاتصالات. وعلى هيئة تنظيم الاتصالات أيضًا أن ترفع سقف عدم القطع الى 3 أشهر أو أكثر عوضًا عن شهرين المعمول به حاليًا، وأن تراعي وتقدِّر ظروف من يستوجب عليه القطع لاحقًا وتدرس حالته.
من الضروري أن تكون هناك آلية تنظيمية بين تاريخ إصدار الرواتب وبين موعد استقطاع الفواتير، وخصوصًا في حالات تقديم صرف الرواتب، كما هو حاصل أيام الأعياد؛ فلا يجب أن يتقدم تاريخ الاستقطاع على تاريخ إصدار الرواتب ويحاصر المواطن بالقطع إن لم يدفع، ويكون في الأساس لم يستلم راتبه بعد، فينبغي فض هذا الاشتباك لمصلحة المواطن والتسهيل عليه.
الشركات المقدمة للخدمات من المفترض أن ينبع نجاحها من رضا المستفيد المُتلقي للخدمة لديها وأن تبني سمعتها من واقع راحة العميل، لا استغلال وضعه وتهديده بالقطع بحجة أن النظام الإلكتروني مُبرمج.
هذه رسالة لمن يهمه الأمر، أتمنى تكون قد وصلت.. ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء.