مسقط والقاهرة تواصلان تعزيز علاقاتهما الوطيدة

دلالات عميقة للزيارة التاريخية لجلالة السلطان إلى مصر.. والمباحثات الثنائية تدفع بمستويات التعاون المشترك

...
...
...
...
...
...
...
...
...

 

◄ نمو التبادل التجاري بين عُمان ومصر إلى 393.6 مليون ريال العام الماضي

◄ الرحبي: عُمان ومصر "صنوان" في التاريخ.. وآفاق واعدة لمستقبل العلاقات بين البلدين

◄ دعوة المستثمرين المصريين للاستفادة من التسهيلات الاستثمارية في عُمان

◄ دراسة إبرام 7 اتفاقيات في الاقتصاد والثقافة والوثائق والتراث والتعاون الأكاديمي

◄ خالد راضي: الزيارة التاريخية المرتقبة لجلالة السلطان إلى مصر تؤكد العلاقات المتأصلة والقوية

◄ الزيارة تبحث تعزيز العلاقات والتنسيق المشترك في مختلف القضايا الإقليمية والدولية

◄ زيارة السيسي إلى عُمان مثلت "نقطة فاصلة" في مسار العلاقات بين البلدين

◄ 1900 شركة مصرية تعمل في السوق العُمانية

◄ تطابق في المواقف السياسية بين عُمان ومصر في مختلف القضايا السياسية إقليميًا ودوليًا

 

 

مسقط- العُمانية

 

تحملُ الزيارة الرسميّة التي سيقوم بها حضرةُ صاحبِ الجلالةِ السُّلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظهُ اللهُ ورعاهُ- إلى جمهورية مصر العربية يوم الأحد المقبل دلالات عميقة؛ حيث إن المباحثات المرتقبة الذي سيُجريها جلالته- أيّدهُ اللهُ- وفخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس جمهورية مصر العربية بالقاهرة ستكون بمثابة دفعة لرفع مستويات التعاون، خاصة وأن البلدين الشقيقين وقّعا خلال زيارة فخامة الرئيس المصري إلى سلطنة عُمان في يونيو 2022، على 6 مذكرات تفاهم، واتفاقيتين، و3 برامج تنفيذية، ورسائل تعاون في مجالات تعزيز المنافسة ومكافحة الممارسات الاحتكارية وترويج الاستثمار وتنمية الصادرات والنقل البحري والموانئ وإنشاء وإدارة المناطق الصناعية وحماية البيئة والاعتراف المتبادل بالشهادات الأهلية البحرية للملاحين وأعمال النوبة بالإضافة إلى التعاون العلمي وبرامج تنفيذية للتعاون في مجالات الشباب والرياضة والعمل والتدريب والتعليم العالي والبحث العلمي والابتكار.

 

 

علاقات وطيدة

وتواصل سلطنة عُمان وجمهورية مصر العربية تعزيز علاقاتهما الوطيدة والتعاون الوثيق والتنسيق الدائم بينهما في المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية ودعم كل ما من شأنه أن يعود بالمنافع الملموسة والمزيد من النّماء لأبناء البلدين الشقيقين.

وتشير الإحصاءات الصادرة عن المركز الوطني للإحصاء والمعلومات إلى أن حجم التبادل التجاري بين سلطنة عُمان وجمهورية مصر العربية شهد في عام 2022 ارتفاعًا بلغ ما يقارب 393 مليونًا و628 ألف ريال عُماني مقارنة مع 217 مليونًا و742 ألف ريال عُماني في عام 2021.

وسجلت قيمة الصادرات العُمانية إلى مصر ارتفاعًا من 157 مليونًا و515 ألف ريال عُماني في عام 2021 إلى 298 مليونًا و77 ألف ريال عُماني في عام 2022م، في حين بلغت قيمة الواردات العُمانية إلى مصر 95 مليونًا و551 ألف ريال عُماني في عام 2022م مقارنة بـ60 مليونًا و227 ألف ريال عُماني في عام 2021. وتوضح الإحصاءات أن كفة الميزان التجاري بين البلدين الشقيقين في عام 2022، كانت لصالح سلطنة عُمان؛ حيث بلغت 202 مليون و526 ألف ريال عُماني.

وقال سعادة السفير عبد الله بن ناصر الرحبي سفير سلطنة عُمان لدى جمهورية مصر العربية ومندوبها الدائم لدى جامعة الدول العربية إن الزيارة الرسميّة التي يقوم بها حضرةُ صاحبِ الجلالةِ السُّلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظهُ اللهُ ورعاهُ- إلى القاهرة بعد أقلّ من عام من زيارة فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس جمهورية مصر العربية إلى سلطنة عُمان في يونيو الماضي تؤكد اهتمام الحكومة العُمانية بمصر نظرًا لما تشهده العلاقة من تطوّر ونموّ مستمرّ. وأضاف سعادتُه- في تصريح لوكالة الأنباء العُمانية- أن البلدين الشقيقين احتفلا في نوفمبر الماضي بمرور 50 عامًا على إقامة العلاقات الدبلوماسية بينهما؛ حيث شهدت هذه الفترة أحداثًا أكّدت على عمق ومتانة هذه العلاقة أهمّها وقوف سلطنة عُمان مع مصر إثر المقاطعة العربية عقب توقيعها اتفاقية كامب ديفيد، مبيّنًا أن البلدين الشقيقين يُؤمنان بمبادئ مشتركة من بينها عدم التدخّل في شؤون الآخرين والاهتمام بالأمن والاستقرار في المنطقة والقيام بدور مهمّ في هذا الجانب كلٌّ في مجاله وبطريقته، وهو الأمر الذي عزّز الثقة في السياسة والعلاقة بينهما. وأوضح سعادتُه أن البلدين وقّعا على مذكرة تفاهم سياسية، فيها من البنود التي تسمح بالتحرّك في مساحات الحوار السياسي والتشاور بينهما، مبيّنا أن سلطنة عُمان تؤمن بتعظيم مساحة الحوار بين الأطراف المتنازعة وهذا أيضًا ما تفعله مصر المشهود لها في القضايا العربية.

مؤشرات الاستثمار

وأكد سعادتُه أن مؤشرات الاستثمار بين البلدين الشقيقين بدأت تتحسّن منذ ما يُقارب الثلاث سنوات، مشدّدًا على ضرورة أن يرقى التعاون في المجال الاقتصادي إلى مستوى العلاقات التاريخية سيما وأن البلدين يشهدان حراكًا اقتصاديًّا في مجالات عدة مثل الطاقة المتجدّدة والصناعة والأمن الغذائي والتعدين والصناعات التحويلية والنقل والأمن والصناعات الدوائية.

ودعا سعادتُه المستثمرين المصريين إلى الاستفادة من الفرص الاستثمارية المُتاحة في سلطنة عُمان والممكنات الداعمة مثل المناطق الاقتصادية والموانئ والتشريعات الجاذبة للاستثمار، مبيّنا أن عددًا من المستثمرين المصريين بدأوا بالاستثمار في مجالات مختلفة مثل صناعة الأسمدة والبلاستيك الموجودة في المناطق الحرة إضافة إلى الجانب السياحي وهناك أيضًا حديث مع بعض المستثمرين في مجالات الأمن الغذائي.

وتطرّق سعادة السفير عبد الله بن ناصر الرحبي سفير سلطنة عُمان لدى جمهورية مصر العربية ومندوبها الدائم لدى جامعة الدول العربية إلى العلاقات التاريخيّة بين البلدين الشقيقين حيث قال إن عُمان ومصر "صنوان" في التاريخ، وعلاقتُهما بدأت منذ وقت مبكّر حيث تشير الآثار والدراسات البحثية التاريخية التي وجدت في المقابر الفرعونية إلى وجود بقايا لُبان وخريطة دلّت على رحلات الفراعنة إلى جنوب عُمان -محافظة ظفار حاليًّا- واهتمام الفراعنة باستجلاب اللبان لاستخدامه في المعابد الفرعونية والتحنيط، إضافة إلى وجود بعض القبائل العُمانية ضمن القبائل العربية التي جاءت في فتح مصر على يد الصحابي عمرو بن العاص وظلت مستقرة حتى وقتنا الحالي.

ولفت سعادتُه إلى أنه عند الحديث عن العلاقة الثقافية بين البلدين الشقيقين نستذكر بكل تقدير واحترام المعلم المصري الذي أسهم مع بداية النهضة العُمانية في تعليم أبناء عُمان، إضافة إلى الجانب الإعلامي، مبيّنا أنه خلال الزيارة التي قام بها فخامة الرئيس المصري إلى سلطنة عُمان في الصيف الماضي جرى التوقيع على اتفاقيات منها ما يتصل بالجوانب الثقافية والتعاون في المجالات الأكاديمية، ويدرس الجانبان حاليًّا 7 اتفاقيات لها علاقة بالاقتصاد والثقافة والتعاون في مجال الوثائق والتراث من حيث الترميم والآثار إضافة إلى التعاون الأكاديمي بين الجامعات العُمانية والجامعات المصرية.

وأوضح سعادتُه أن الجانب الثقافي مهمٌّ وأساسيٌّ في العلاقة بين الشعوب؛ حيث أطلقت سفارة سلطنة عُمان في القاهرة منذ عامين "صالون أحمد بن ماجد الثقافي" بهدف التعريف بالإرث الثقافي والحضاري للإنسان العُماني، كما أن هناك مساحات أوسع بما يُسمى بالقوّة الناعمة وهي التي تكون في مجالات الفن والفكر والثقافة، مشيرًا إلى أن عددًا من جمعيات المجتمع المدني في سلطنة عُمان سيكون لها نشاط خلال شهر يونيو المقبل.

زيارة تاريخية

من جهة أخرى، أكَّد سعادة السفير خالد محمد راضي سفير جمهورية مصر العربية لدى سلطنة عُمان على أن الزيارة التاريخيّة المرتقبة التي سيقوم بها حضرةُ صاحبِ الجلالةِ السُّلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- إلى جمهورية مصر العربية، ولقاء أخيه فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس جمهورية مصر العربية في أول زيارة لجلالتِه يُعمّقان العلاقات التاريخية المتأصلة والقوية التي تضرب جذورها في التاريخ، وتتعزز وتنتقل إلى آفاق رحبة ومراحل أكثر عمقًا وتطوّرًا بين البلدين الشقيقين في مختلف المجالات.

وقال سعادة السفير المصري- في تصريح لوكالة الأنباء العُمانية- إن الزيارة تبحث مختلف القضايا الثنائية والدولية التي تهم صالح البلدين والشعبين الشقيقين، وستكون نقطة تحوّل كبيرة ومهمّة في مسار العلاقات العُمانيّة المصريّة.

وأضاف سعادتُه أن جلالةَ السُّلطان المعظم وفخامة الرئيس- أبقاهما اللهُ- سوف يبحثان سبل تعزيز العلاقات وتطويرها؛ سواءً على المستوى السياسي أو الاقتصادي أو التجاري أو الثقافي أو الاجتماعي إلى جانب التنسيق المصري العُماني في مختلف القضايا الإقليمية والدولية، مشيرًا إلى أن المنطقة بحاجة إلى مزيد من التنسيق والتعاون لتأمين السلام في المنطقة، لتنعم شعوبها بمزيد من الأمن والاستقرار.

ولفت إلى أن زيارة فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس جمهورية مصر العربية إلى سلطنة عُمان كانت نقطة فاصلة في مسار العلاقات بين البلدين وشهدت التوقيع على عدد كبير من الاتفاقيات، شملت مجالات كثيرة منها ما هو مرتبط بالملاحة البحرية والاستثمار والتجارة والصناعة ومكافحة الاحتكار وتوفير سبل المنافسة الحرّة والتنمية الصناعية وترويج الاستثمار، كما شملت موضوعات البيئة والتدريب المهني والتقني ورفع القدرات البشرية والتعليم العالي.

وتابع سعادتُه قائلا إن توقيع هذه الاتفاقيات أسّس القاعدة الراسخة التي تمكّن الجانبين العُماني والمصري من بناء صرح كبير من التعاون، انعكس ذلك على ما شهدته الأرقام الصادرة أخيرًا من زيادة في حجم التبادل التجاري بين الجانبين، حيث شهدت العلاقات التجارية الاقتصادية بين الجانبين طفرة كبيرة خلال العام الماضي.

التبادل التجاري

وبيّن سعادتُه أن حجم التجارة البينيّة بين سلطنة عُمان وجمهورية مصر العربية زاد ما يقرب من 52% بالمقارنة مع العام 2021؛ حيث بلغ حجم التبادل التجاري ما يقرب من مليار وتسعة ملايين جنيه مصري وبلغت الصادرات المصرية إلى سلطنة عُمان حوالي 433 مليون دولار، في حين بلغت الواردات المصرية من سلطنة عُمان حوالي 760 مليون دولار، مشيرًا إلى أن الأرقام تعكس الإرادة الحقيقية لتنمية وتطوير العلاقات بين البلدين الشقيقين.

وأوضح سعادته أن الصادرات التي تستوردها جمهورية مصر العربية من سلطنة عُمان هي خامات المعادن والأسماك والألمنيوم ومصنوعاته ومنتجات كيميائية عضوية فيما تستورد سلطنة عُمان من مصر بعض المنتجات الزراعية والأثاث والأجهزة الكهربائية ومنتجات الألبان وغيرها.. مؤكدا على أن هناك توجيها من القيادتين للمسؤولين في البلدين للعمل سويًّا بأسرع وقت وفق برنامج مُحكم لتطوير العلاقات في مختلف المجالات، وهو ما انعكس في المجال الاقتصادي والتجاري والاستثماري، حيث إن حجم الاستثمارات المصرية في سلطنة عُمان تقترب من ملياري دولار.

وقال سعادتُه إن ما تشهده سلطنة عُمان من استقرار ومناخ إيجابي مشجع للاستثمار وتشريعات ونظم مثل ما توفره للمستثمر الأجنبي عبر المنفذ الواحد، يشجع المستثمر على القدوم إلى سلطنة عُمان؛ حيث نجد تصنيف سلطنة عُمان الائتماني في تقدّم وارتفاع وهو ما يدل على الجهد والعمل الدؤوب بتوجيهات سامية جعل سلطنة عُمان واحة للأمن والاستقرار ومحطة للمستثمر الأجنبي، بما في ذلك المستثمر المصري.

وأضاف سعادتُه أن الشركات المصرية في سلطنة عُمان في ارتفاع مستمر فهي تصل إلى ما يقارب 1900 شركة مصرية وكلها تعكس عمق وروابط علاقات المحبة والصلات القوية بين البلدين الشقيقين، مشيرًا إلى أن زيارة جلالتِه هذه تعدّ رسالة دافعة لمزيد من تطوير العلاقات بين البلدين وتوثيقها في مختلف المجالات خاصة الاقتصادية والتجارية والثقافية.

ووصف سعادة السفير العلاقات والروابط الثقافية بين البلدين بأنها "كبيرة جدًّا" ومتنوعة ومتشعّبة في مجالات كثيرة منها: الفنون والآداب والترجمة والسينما والمسرح والفنون بمختلف أنواعها، حيث نجد أن هناك روابط كبيرة ووثيقة واتصالًا وتواصلًا دائمًا بين البلدين والشعبين.

وأكد سعادتُه أن هناك تطابقًا في المواقف السياسيّة بين سلطنة عُمان وجمهورية مصر العربيّة في مختلف القضايا السياسيّة الدوليّة سواء على المستوى الإقليمي أو الدولي، ويرجع ذلك إلى المنطلقات المشتركة بين البلدين التي تعتمد على إرساء مبادئ الأمن والسلم والقانون الدولي، وهذا يؤهل الدولتين للالتقاء في مختلف المسائل والموضوعات، مشيدًا بما تبذله سلطنة عُمان من دبلوماسية متميزة دائمة في مختلف الموضوعات التي تشهدها المنطقة.

السلام والاستقرار

وأشار سعادته إلى أن سلطنة عُمان لا تألو جهدا في دعم واستقرار السلام في مختلف ربوع المنطقة، وأن جهودها مثمرة ومكلّلة بالنجاح بفضل ما تقوم به سلطنة عُمان من جهود ملموسة يشهده الجميع، وهي تتوازى مع جهود جمهورية مصر العربية في مختلف القضايا المهمة في المنطقة لإيجاد سبل سلمية في حلحلة القضايا التي تمر بها في بعض الأحيان، مؤكدًا على أن المواقف المشتركة بين البلدين تتطابق وتتوافق في مختلف القضايا الإقليمية والدولية.

واختتم سعادة السفير خالد محمد راضي سفير جمهورية مصر العربية لدى سلطنة عُمان حديثه، معبرًّا عمّا تلقاه الجالية المصرية في سلطنة عُمان من رعاية واهتمام من مختلف المستويات سواء الرسمية أو الشعبية، وتُشارك في برامج التنمية الشاملة التي تشهدها سلطنة عُمان وحريصة على الإسهام الإيجابي، كما أنها رافدٌ داعمٌ لتنمية سلطنة عُمان في مختلف المجالات.

تعليق عبر الفيس بوك