الذكاء الاقتصادي وتنافسية الأعمال بالقطاع الخاص

 

محمد بن سالم بن ناصر السناني **

Omanson4ever@gmail.com

 

ترتبط قدرة المؤسسات التنافسية في السوق بقدرتها على الاستجابة لمتطلبات سوق العمل والاستدامة والتميز مما يفرض عليها الاستغناء عن الطرق التقليدية في الإدارة والسعي إلى البحث عن كل ما هو حديث في عالم الإدارة، ومن بين أحدث أساليب الإدارة ما يسمى بالذكاء الاقتصادي والذي يعمل بدوره على الحفاظ على تنافسية المؤسسات واستدامتها الاقتصادية.

تتمثل آلية الذكاء الاقتصادي في قدرة المؤسسة على الوعي بكل ما هو محيط بها من تطورات حتى يتسنى للمؤسسة مواكبة التغيرات ولكي تستطيع هذه المؤسسات أن تحافظ على قدراتها الإنتاجية والإبداعية من أجل الاستمرارية في السوق، ويركز عمل الذكاء الاقتصادي في جمع المعلومات المتاحة عن السوق في كافة القطاعات والمؤسسات القائمة بالفعل من أجل تحليل تلك المعلومات والاستفادة منها في زيادة التنافسية.

ماهية الذكاء الاقتصادي

يُمكن تعريف الذكاء الاقتصادي على أنه عملية جمع وتحليل وتنسيق المعلومات حول السوق بغرض الاستفادة منها في اتخاذ القرارات وتنفيذ الاستراتيجيات الضرورية لتحقيق أهداف المؤسسة والتي تتمثل بشكل أساسي في القدرات التنافسية. وبمعنى آخر يمكن القول إن الذكاء الاقتصادي يتم من خلاله جمع المعلومات التي تتمكن من خلالها المؤسسة من معرفة كل ما يدور في محيط الأسواق الداخلية والخارجية من تطورات من أجل أن يكون لدى المؤسسة السبق في التطوير قبل الآخرين مما يزيد من قدرتها على المنافسة.

يُشير الذكاء الاقتصادي إلى مجموعة من الاستراتيجيات التي تتبناها المؤسسة في جمع وتحليل المعلومات الخاصة بالبيئة المحيطة أو مجال عمل المؤسسة والتعرف على توجهات السوق بشكل عام بهدف الاستفادة منها في تطوير منتج جديد، وفتح أسواق جديدة، والتعرف على المنافسين بهدف الاستمرار في المنافسة والحفاظ على مكانة وسمعة الشركة.

ومن هذا المنطلق يمكن القول بأن الذكاء الاقتصادي يقوم بتوفير المعلومات المرتبطة بمجال عمل المؤسسة أو الشركة ويقوم بتقديمها للجهات المعنية من أجل تحليليها والاستفادة منها في اتخاذ القرارات المناسبة لمواكبة التطورات المحيطة وتحقيق التقدم والنمو الاقتصادي والسبق من خلال تطوير منتجات جديدة قبل المؤسسات الأخرى.

أهمية الذكاء الاقتصادي

تتمثل أهمية الذكاء الاقتصادي لمؤسسات القطاع الخاص في مساعدة المؤسسة على البقاء والنمو على الرغم من المنافسة الشديدة في السوق وظهور الكثير من المؤسسات في نفس مجال العمل وذلك من خلال معرفة التهديدات المحيطة التي تهدد بقاء المؤسسة وقدرتها التنافسية ومعرفة الفرص المتوقعة واستغلالها بالإضافة الى القدرة على التكيف مع التطورات المحيطة، ويمكن توضيح أهمية الذكاء الاقتصادي من خلال النقاط التالية:

  • حماية المؤسسة من تهديدات البيئة المحيطة التي قد تعيق قدرة الشركة على المنافسة والبقاء
  • معرفة كل المستجدات في سوق العمل من أجل القيام بخطوات استباقية تُعين المؤسسة على المنافسة والتطور  
  •  معرفة الفرص المتاحة والقدرة على استغلالها قبل الشركات المنافسة
  • توقع التغيرات التي قد تؤثر على سوق العمل من أجل مواكبتها والاستعداد لها
  • التعرف أو التنبؤ على الازمات التي قد تواجه مجال عمل الشركة ومواجهتها ووضع الخطط المناسبة لذلك
  • القدرة على اتخاذ القرارات الفعالة والمؤثرة
  • الحفاظ على الميزة التنافسية للمؤسسة من خلال ابتكار منتجات جديدة ومواكبة التطورات

كما تتمثل أهمية الذكاء الاقتصادي في التعرف على خصائص السوق من أجل القيام بمجموعة من الخطوات الاستباقية بهدف تحقيق ميزة تنافسية تُميز المؤسسة عن غيرها في ظل التنافس القوي المتزايد يوما بعد آخر، بالإضافة إلى تعزيز قدرة الإدارة على الاستعداد لمواجهة الطوارئ والأزمات وتوفير الحلول لمواجهة المشكلات المتوقعة، وكذلك جمع المعلومات التي تفيد المؤسسة في التعرف على الاستراتيجيات المستقبلية للشركات المنافسة، وكذلك تعزيز روح العمل التشاركي بين المؤسسات، علاوة على ذلك، يساعد الذكاء الاقتصادي المؤسسة على الاستفادة من الفرص المتاحة وكسب ميزة تنافسية تُعلي من قيمة المؤسسة في السوق.

خصائص الذكاء الاقتصادي

يدرس الذكاء الاقتصادي البيئة المحيطة للمؤسسة؛ سواء كانت البيئة المحلية أو على المستوى الدولي والعالمي للوقوف على أهم مستجدات ومتطلبات سوق العمل من أجل كسب ميزة تنافسية والحفاظ على مكانة المؤسسة والتطور وابتكار منتجات جديدة ومن بين الخصائص التي تميز الذكاء الاقتصادي ما يلي:

  1. القدرة على تحليل وتخزين المعلومات للاستفادة منها في مواجهة الازمات والتنبؤ بمتطلبات السوق والتغيرات المتوقعة
  2. تضافر الجهود داخل وخارج المؤسسة مما يعود بالنفع العام على الوضع الاقتصادي من خلال بث روح المنافسة بين المؤسسات
  3. تحقيق الاندماج بين المعلومات العلمية والتكنولوجية والاقتصادية والقانونية
  4.  نشر المعلومات والحصول عليها بطريقة شرعية وقانونية وتجنب الطرق الملتوية في سبيل ذلك
  5. يدور الذكاء الاقتصادي حول جمع المعارف ذات الجدوى في تيسير عملية اتخاذ القرار.

ويمكن تطبيق الذكاء الاقتصادي بشكل جزئي في إطار المؤسسة ومحيطها ومجتمعها المحلي كما يمكن تطبيقها على نطاق الدولة بالكامل ويتسم الذكاء الاقتصادي باثنين من السمات الأساسية: 1- القدرة الاستباقية على استغلال المعلومات والفرص من أجل رفع قيمة المؤسسة السوقية، 2- القدرة الدفاعية والتي تتمثل في قدرة المؤسسة على الحفاظ على قيمتها ومكانتها في مواجهة التهديدات المحيطة والقدرة على الاستمرارية في أوقات الأزمات وفي ظل المنافسة الشرسة.

زيادة التنافسية

يؤدي الذكاء الاقتصادي دورًا مُهمًا في زيادة القدرة التنافسية للمؤسسات من خلال جمع المعلومات عن البيئة المحيطة ومعرفة متطلبات السوق والتعرف على خصائص السوق والمنتجات ومتوسط الاسعار في السوق من اجل تقديم سعر منافس ومنتج منافس أو خدمة منافسة، إضافة الى إعداد الاستراتيجيات المناسبة للحفاظ على القيمة الحالية للمؤسسة وزيادة الربحية، كما يساهم الذكاء الاقتصادي في:

  • تحسين الخدمات المتاحة وإصدار منتجات جديدة.
  • زيادة الانتاجية والجودة الخاصة بالمنتج من خلال التعرف على كل ما هو جديد وتطبيقه.
  • زيادة الربحية وزيادة كفاءة الموظفين.
  • القدرة على التنافس والاستمرار في سوق العمل.

تجارب دولية

التجربة اليابانية: انتقل المجتمع الياباني بتغيير سياسته الاقتصادية من التقليد الى الإبداع في كثير من القطاعات الصناعية وذلك من خلال الذكاء الاقتصادي بالإضافة الى البحث والتطوير وفتح اسواق جديدة، وقد اعتمدت المؤسسات الصناعية في اليابان على الجامعات في جلب المعلومات ولقد تميزت التجربة اليابانية بالآتي:

  • التركيز على عملية جمع المعلومات باعتبارها أولوية هامة جدا لتنمية الوضع الاقتصادي.
  • البحث عن المزيد من المعلومات والبيانات المتاحة.
  •  الانفاق الكبير على عملية البحث العلمي وجمع المعلومات وضخ الاموال اللازمة لذلك.

التجربة الأمريكية: عمل الأمريكيون على إيجاد سوق رائجة للمعلومات حتى يتم الاستفادة من توافر تلك المعلومات على الوجه الاكمل وتضم هذه السوق أنواعا عديدة من مصادر المعلومات مثل الجامعات، هيئات البحث والعلمي، والمنظمات الفكرية والمكتبات وغيرها وكان الهدف الأساسي لعمليات الذكاء الاقتصادي في الولايات المتحدة هو التعرف على الاسواق المحيطة من أجل الإبداع والحفاظ على القيمة السوقية بالإضافة الى القدرة على المنافسة.

وقد اعتمد الذكاء الاقتصادي في الولايات المتحدة على نشاط الوكالات الخاصة للاستعلامات من أجل الوصول الى البيانات، كما كان لتأسيس هيئات مركزية أخرى مثل المجلس الاقتصادي الوطني دور هائل في تقديم الدعم المعلوماتي لمختلف المؤسسات، وقد سعت السلطات التشريعية في الولايات المتحدة الى سن القوانين التي تسهل عملية تداول المعلومات بين المؤسسات من أجل دعم الذكاء الاقتصادي.

** ماجستير إدارة أعمال- باحث في الذكاء الاقتصادي

تعليق عبر الفيس بوك