"الاستغباء".. فن!

 

عائض الأحمد

أحيانًا كثيرة عليك أن تشعر بأنك أغبى رجال العالم، فليس بالضرورة أن يكون لك رأي في كل شيء وعليك أن تسأل أصحاب الرأي عندما يأتي في غير وقته وزمانه ماذا حل بهم.

الحديث عن العلاقات الاجتماعية والأسرية وهذا ما أعنيه فهو الأهم بالنسبة لي. وهناك من يعتقد أن كثرة السؤال والمتابعة والتقصي أمر مُهم والحقيقة أنه ربما يكون عكس ذلك تماما.عليك بالتغافل والتجاهل وخفض رأسك للريح فذلك أجدر من مجابهتها. عندما تشعر بأن هناك سلوكا سيئا لأحد أفراد عائلتك أو مجتمعك أنصحك بأن تتراجع قبل أن تقدم على فعل أي شيء.وهذا لا يعني أن تنسحب ولكنه جزء من الإصلاح. وعدم المواجهة هو الحل الأمثل لخطوات تالية يعقبها فن الاستغباء.

لن تستطيع إقناع أي شخص في وقت اتخاذ القرار بأن ما يفعله سلوك لا يتوافق مع من حوله. ولكن تجاهل ما يقوم به ثم حاوره.هنا فقط تستطيع إيصال كل ما تريد وليس بالضرورة أن تحصل عليه. فردود الأفعال المباشرة على قرار قد مضى وحالة الصراخ والضجيج قد يعتقد البعض أنها ستقلب الموازين وهي لن تغير من الأمر شيئًا.

ولعله ذاك الشعور الذي خلقناه بأننا مختلفون حتى أصبح جزء من ثقافتنا ولذلك تجدنا نرفض كل ما هو جديد أو طبيعي في مجتمعات أخرى. الهدوء والنقاش وتجاذب الأفكار بروية وروح يسودها انتصار المنطق هو المطلب وليس انتصارك وفرض رأيك على الآخرين وهنا أقصد أسرتك ومجتمعك.

تمتع بغباء مصطنع خير من ذكاء مزعج يأتي برفض كامل وإقصاء دائم.

ختامًا: لا أعلم لماذا تذكرت جزءًا من محاضرة صديقي الدكتور شاهد عصر اللامنطق وهو يعيدك إلى القرن الماضي ويحدثك عما سبقه، ويسرد لك ظلمة العصور الوسطى، وكيف نجى القوم من بعد جهلهم إلى سطوته وحكمته، التي حرمت مبدعي عصر التنوير وحجرت على عقولهم فأصبحوا نسخة واحدة يحركها تراث بائد يستقي أفكاره من الأنا الزائفة ويصدرها على هيئة كتاب مقدس لا يقبل النقد أو التفسير أو الشطط.

ومضة:

عاتب كما تشاء ولكن لا تسيء الظن.

شيء من ذاته:

الغفران والتسامح وسمو الذات محصلة إنسانية تفوق طاقة البعض.