راشد بن حميد الراشدي **
سوق سناو ذلك السوق الأشم الذي يشار إليه بالبنان ويقصده القاصي والداني من أبناء عُمان حتى بلغت شهرته الآفاق فتدفقت إليه أفواج الزائرين من محافظات السلطنة، وأبناء دول مجلس التعاون الخليجي، ومن مختلف دول العالم الذين يزورون السلطنة، ويمرون على هذا السوق؛ حيث يتميز بوقوعه وسط عدد من ولايات ومحافظات السلطنة.
سوق سناو هو المركز الرئيسي لتسوق الكثير من المواطنين خاصة أبناء محافظات شمال الشرقية والداخلية والوسطى، ويمتاز بمحاله المنتشرة حول السوق ومعروضاته المتنوعة ووجود أماكن وعرصات بيع المواشي والأسماك والمنتجات المحلية حيث كان يستقطب الكثير من البائعين ويشكل مصدر دخل لهم؛ والتي ذهبت أدراج الرياح بعد أزمة كوفيد-19 وغلق السوق لفترة طويلة تقارب العام.
صرخات وأنين من العاملين في سوق سناو أنقلها اليوم إلى المسؤولين والجهات المعنية لإنقاذ سوق سناو من الاحتضار، بعد وهج سنين كان مضرب الأمثال في حركته التجارية النشطة والتي ساهمت في اقتصاد الولاية، وتوافر الفرص لكسب رزق العديد من المواطنين في هذا السوق ونبدأ من البداية:
أولًا: غلق السوق كاملا مع بداية أزمة كوفيد بمحاله وأماكن بيع المواشي والأسماك فيه وما احتواه السوق من أنشطة تجارية متعددة مع مطالبة التجار وأصحاب المحال آنذاك بفتح محالهم وغلق ما فيه تجمع للمتسوقين ككبرة السوق وكبرة بيع الأسماك، لكن الغلق تم لجميع مكونات السوق واستمر لمدة ثمانية أشهر خسر فيها التجار بضائعهم ومصدر دخلهم الشهري وتكبدوا خسائر فادحة وإيجارات المحال وغيرها من المصروفات فيما اضطر الكثير منهم للخروج واستئجار محال خارج السوق والاستمرار فيها حتى بعد فتح السوق لم يعودوا خوفًا من غلقه مرة أخرى بهذه الصورة التي كلفتهم الكثير بلا تعويضات لهم.
كما خرج من السوق مرتادوه وبائعو المنتجات المحلية والمواشي إلى أماكن بعيدة عنه في أماكن غير ملائمة وغير صحية لبيع منتجاتهم، بعدما أُغلق السوق، وتطور الأمر منذ ثلاث سنوات ليزداد سوءًا حتى أصبحت حلقات المناداة تقام في العراء، وكذلك عرصات بيع الخضروات والفواكه والمنتجات الأخرى المحلية أقيمت في نفس المكان، عُرضةً للأتربة والغبار وحرارة الشمس وفي أماكن غير مناسبة وغير صحية.
وبعيدًا عن الأعراف التي أُنشئ من أجلها السوق لعرض المنتجات وبيع معظم ما يحتاجه المتسوق وإقامة حلقات المناداة وجذب الباعة المحليين لتوفير مصدر رزق للكثير من الباعة وتسهيل بيع منتجاتهم بسهولة ويسر في أماكن نظيفة ومنظمة وفي وسط ولاية سناو، أصبح السوق في العراء بلا نظافة ولا تنظيم ولا بيئة مناسبة؛ بينما ينادي العاملون في السوق والمستوقون بضرورة إرجاع حركة ونشاط السوق إلى سابق عهده، بعد ما مرت أيام هبطات الأعياد حزينة على سوق سناو دون رواد، والسبب غلق السوق لفترة طويلة وعدم اتخاذ إجراءات صارمة ضد المخالفين من الباعة بعد فتح السوق وإرجاعهم إلى السوق، كما كان سابقا؛ حيث ظلت أنشطة السوق في العراء حتى اليوم.
ثانيًا: هو مطالبة الأهالي للجهات المسؤولة والمسؤولين بضرورة منع البيع في جميع الأماكن غير المخصصة للبيع ومعاقبة المُخالف، وعودة الجميع لممارسة نشاطهم داخل سوق سناو كما كان سابقا، وضرورة تكاتف جميع الجهات لإرجاع السوق الى حراكه السابق وشهرته التجارية التي طبقت الآفاق.
اليوم أثر ضعف الحركة على الولاية بأكملها، كما أثر السوق ونشاطه على الحركة التجارية وسط مدينة سناو، والتي أثرت على الكثير ممن كانوا يتكسبون رزقهم من عمليات البيع والشراء داخل السوق خاصة المزارعين ومربي الماشية وأصحاب الحرف التقليدية.
وقبل أيام، أُقيمت ندوة حول اقتصاد محافظة شمال الشرقية بمقر مركز سناو الثقافي الأهلي، وكان أهالي سناو يأملون مناقشة معضلة سوق سناو وتوقف نشاطه اليومي، لكن لم يتطرق أحد إلى هذا الموضوع، نظرًا لضيق الوقت كما ذكر مدير الندوة. واليوم أناشد جميع جهات الاختصاص والمسؤولين ممن أشرفوا على إغلاق السوق أن يقوموا بواجبهم من أجل عودة السوق الى سابق عهده، وأن يتكاتف الجميع: مشائخ ورشداء ومواطنين، من أجل انتعاش السوق وجعله محطة عامرة بالمتسوقين، رغم ما نسمعه من بعض المتأولين بأن السوق ضيق وليس به مواقف كثيرة، ولكن الرد بسيط جدًا ألا وهو أن جميع أسواق السلطنة والأسواق العالمية المحلية تقع في وسط المدن، وتعاني تحديًا في ذلك من حيث المساحة والمواقف، لكنها تعُج بمرتاديها. واليوم انتشرت المحال في كل مكان وللمستهلك الخيار في التسوق من حيث يشاء، لكن تبقى الأسواق بصمة ومعلما للولايات والمحافظات.
خدمات كثيرة قدمها سوق سناو منذ بدء تأسيسه في نهاية سبعينيات القرن الماضي جمع فيها أبناء حواضر المدن والقرى من حوله، وكان مصدر دخل للكثير من البائعين ومكانا لتسويق منتجاتهم وثرواتهم الزراعية والحيوانية والسمكية، وملاذًا لمن يبحث عن أرخص الأسعار وتوفر المعروض، ولقاء الأحبة والأصحاب من خلال حضور عرصات البيع خاصة خلال أيام هبطات العيد ونهاية الأسبوع.
وعسى أن يرى سوق سناو النور بعودته الى سابق نشاطه التجاري.
حفظ الله عمان وسلطانها وشعبها، وأنعم على سوق سناو وأسواق عمان بفضائل النعم ووهج النشاط ورزق العاملين فيه ومرتاديه.
فمع صرخات سوق سناو جرى مداد القلم، فهل من مُشمِّر مُستمع؟!
** عضو مجلس إدارة جمعية الصحفيين العُمانية