رحل سالم وبقي الأثر

 

‏راشد بن حميد الراشدي **

 

عندما يذهب السبب ويبقى الأثر ممتدًا فذلك هو منبع الإخلاص الذي اختص الله به عباده الصالحين المتقين الزاهدين للدنيا الفانية والعاملين مع الله في تجارتهم الرابحة الزاكية.

فقد ذهب أخي وصاحبي الدكتور سالم بن مسعود الصوافي إلى جوار ربه صبيحة جمعة وصبيحة يوم فردي السابع من شهر شوال وفي خضم صيامه للست من شوال وفي أيام جزاء صيام شهر رمضان والتي اختص الله بجزاء أجرها له وحده جل جلاله وعظم شأنه.

وفي الحديث القدسي، قالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: قالَ اللَّهُ سبحانه وتعالى: كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ له، إلَّا الصِّيَامَ؛ فإنَّه لي، وأَنَا أجْزِي به، والصِّيَامُ جُنَّةٌ، وإذَا كانَ يَوْمُ صَوْمِ أحَدِكُمْ فلا يَرْفُثْ ولَا يَصْخَبْ، فإنْ سَابَّهُ أحَدٌ أوْ قَاتَلَهُ، فَلْيَقُلْ: إنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ. والذي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بيَدِهِ، لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِن رِيحِ المِسْكِ. لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا: إذَا أفْطَرَ فَرِحَ، وإذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بصَوْمِهِ.

فالله الله لحسن الخواتيم في شاب نذر نفسه لله وعباده فصدق النذر وصدق العمل وربحت التجارة بإذن الله مع الرحمن عز وجل.

ذهب سالم وبقي الأثر الذي سقى به سالم صحائف أعماله الماجدة فلم يبق بيت ولا بعيد ولا قريب ولا طالب علم ولا فقير ولا يتيم ولا مسكين إلا ويبكي سالم ويتذكر مواقفه وأثره ومن جميع أطياف المجتمع العالم والمتعلم والصاحب والصديق والأخ والرفيق كلهم ينعون رحيله المفاجئ لكن ما هو سر هذا الأثر الذي خلفه شاب في مقتبل العمر حتى يقبِل عليه الصغير والكبير وماذا أحدث هذا الرجل الصالح حتى تقبل عليه هذه الأفئدة معزية نفسها في فقده قبل أن تعزي أهله فقد ألهب الشعراء فقده لتنطلق أشعارهم نحوه ذاكرة خصاله وكتب الكتاب مقالاتهم ذكرا لحسان خصاله وأفعاله وضجت وسائل التواصل بنبأ وفاته رحمه الله.

فسالم أحدث فرقًا في محبته لله وخوفه منه حيث عمل لأجله في كل أوقاته منذ صغره طالبا للعلم منكفئا عليه عاملا به فكافأه الله بمحبته ومحبة عباده ونحسبه كذلك ولا نزكي على الله أحدًا.

رحل سالم وأثره باق في أعمال البر والخير والإصلاح وإعانة الملهوف والفقير ومحاضراته الدائمة وسعيه الدؤوب في اصلاح المجتمع في المدارس والجامعات والمجتمع لينتفع الناس بما علمه رب الناس فمخر عباب الصبر محتسبًا عمله لله في جميع أعماله الصالحة ليوفقه الله إلى طريق الخير في حياته القصيرة العمر الكثيرة العمل والتي انطفأت شمعتها وبقي نورها وأثرها ممتدا إلى ما شاء الله.

رحل سالم وبقي الأثر ولا نقول إلا كما أمرنا رب العباد : (إنا لله وإنا إليه راجعون) ولا نقول إلا كما يقول المؤمنون: اللهم أغفر لموتانا وموتى المسلمين واجزهم خير الجزاء وارزقهم الجنان وقهم النيران برحمتك ولطفك وعظمتك يا أرحم الراحمين.. فلقد رحل سالم وبقي الأثر فرحمة الله تغشى عباده الصالحين.

** عضو مجلس إدارة جمعية الصحفيين العمانية