نحو بيئة عمل آمنة وصحية

 

أحمد بن خلفان الزعابي

zaabi2006@hotmail.com

 

احتفلت دول العالم في 28 إبريل الجاري بمناسبة اليوم العالمي للسلامة والصحة المهنية والذي يُعد أحد الأيام الأممية التي لها دلالات رمزية تتعلق بسلامة وصحة العاملين وكذلك التشريعات حول العالم والتي تساهم في توفير بيئة العمل الآمنة والصحية.

وتصف هيئة الأمم المتحدة الأيام والمناسبات الدولية بأنها وسيلة يُراد بها تثقيف الجمهور بشكلٍ عام في شأن المسائل ذات الأهمية وكذلك لحشد الإرادة السياسية والموارد للتصدي للمشاكل العالمية والاحتفاء بالإنجازات الإنسانية وتعزيزها، ومن هذا المنطلق كان تحديد 28 إبريل من كل عام يومًا عالميًا للاحتفال بمناسبة اليوم العالمي للسلامة والصحة المهنية والذي جاء هذا العام 2023م تحت شعار "بيئة العمل الآمنة والصحية هي مبدأ أساسي وحق في العمل".

كما تُعد هذه المناسبة سانحة للتذكير بالحوادث المهنية وما تخلفهُ من ملايين الإصابات والأمراض المهنية والوفيات بين العاملين والمتعلقة بالعمل حول العالم وما ينتج عنها من أضرار وخسائر بالممتلكات كالمنشآت والمباني والمعدات ومن خسائر بشرية يترتب عليها آثار لا تنتهي في الحين واللحظة إنما تمتد لفترات زمنية طويلة حيث لا يمكن التكهن بالمدى الذي يمكن أن تصل إليه، حيث إن قاعدة جبل الجليد لا يمكن مشاهدتها من على سطح البحر وبالتالي فإن الآثار غير المباشرة تعدّ في الأساس كلفة غير محسوبة ولا يُمكن التنبؤ بقيمتها مسبقًا لعدم وجود تقييم للمخاطر المحتملة، وبالتالي فإن الخسائر وقتها قد تكون أكبر من الموازنات التشغيلية للمنشآت بشكلٍ عام، كما أن الآثار الاجتماعية والمعيشية غير المباشرة والناتجة عن هذه الحوادث لا تقتصر على أسرة العامل المتوفى أو المصاب فحسب، بل تمتد لتشمل المجتمع بشكل عام وغالبا ما يُكلّف جبر هذه الأضرار مبالغ ضخمة والتي بالإمكان تلافيها وتجنبها بالتخطيط المسبق الذي يقود نحو توفير بيئة عمل آمنة وصحية لكافة العاملين بمختلف قطاعات الأعمال، مع تطبيق أفضل الممارسات والنظم العالمية المطبقة في مجال السلامة والصحة المهنية، والالتزام بالتشريعات المحلية للدول.

ويُعد شعار اليوم العالمي للسلامة والصحة المهنية 2023 "بيئة العمل الآمنة والصحية هي مبدأ أساسي وحق في العمل"، إعلان رسمي من منظمة العمل الدولية موجه للحكومات والمنشآت العامة والخاصة حول العالم بضرورة التكاتف في إيجاد وتطبيق التشريعات المتعلقة بالسلامة والصحة المهنية والبيئة ومراجعتها وتحسينها بشكل مستدام بغرض ضمان صحة وسلامة العاملين في مختلف قطاعات الأعمال على الصعيد الدولي، وبلا شك فإن سلطنة عُمان هي إحدى الدول الأعضاء في منظمة العمل الدولية والتي كانت قد وقعّت خلال السنوات السابقة على العديد من الاتفاقيات المتعلقة بالعمل اللائق وتوفير بيئة العمل المناسبة التي من شأنها المساهمة في تحسين بيئة العمل على المستوى المحلي لكافة العاملين؛ سواء من المواطنين أو المقيمين وسن النظم والتشريعات على المستوى الوطني التي تساهم في ضمان توفير بيئة عمل آمنة وصحية للعاملين، كاللائحة التنظيمية لتدابير السلامة والصحة المهنية في المنشآت الخاضعة لأحكام قانون العمل العُماني الصادرة بالقرار الوزاري رقم 286/ 2008، والتعديلات اللاحقة لهذه اللائحة بالقرار الوزاري رقم 4/ 2021، وكذلك قانون الدفاع المدني الصادر بالمرسوم السلطاني رقم 76/ 1991، والذي يحدد الاشتراطات والتدابير التي تضمن سلامة المرافق والمنشآت، وكذلك الأنظمة المطبقة لتعويض مصابي الحوادث، كقانون التأمينات الاجتماعية الصادر بالمرسوم السلطاني رقم 72/ 1991 الذي حدد الإجراءات والضوابط المُتبعة في شأن الإبلاغ عن حالات إصابات العمل وآلية التحقق من صحة البلاغات ومجموعة المنافع التأمينية التي يستحقها العامل العُماني المصاب أو أسرة المتوفى بسبب حادث أو إصابة عمل.

إنَّ الاحتفال بمناسبة اليوم العالمي للسلامة والصحة المهنية في 28 إبريل من كل عام هو فرصة للتأكيد على أهمية مراجعة الضوابط والنظم القائمة حاليًا والتي تساهم في ضمان توفير بيئة العمل الآمنة والصحية وتقييم مدى كفايتها وفعاليتها بما يٌحقق أمن وسلامة مستدامة لكافة العاملين بمختلف قطاعات الأعمال، كما إنه فرصة لنشر الوعي بمختلف الوسائل المتاحة لدى شرائح المجتمع.. وكل عام والجميع بخير.