عصر جديد من التقنيات والحلول الذكية للتخلص من المشاكل البيئية في عُمان

الاستثمارات الصديقة للبيئة تبدأ في الانتعاش مع دخول شركات تستهدف خفض الانبعاثات الكربونية

"الديار الخضراء" تسعى للتخلص الصحي من النفايات وتحويلها إلى استثمارات مُربحة مع صون البيئة

◄ إسكاف: نحوِّل النفايات إلى غاز البايوميثان المضغوط لاستخدامه وقودًا للطائرات والسفن والمركبات

الجبوري: تقنية جمع النفايات تُنتج الغاز والوقود الحيوي مقابل صفر انبعاثات كربونية وبلا مخلفات بيئية

 

الرؤية- فيصل السعدي

 

آلاف الأطنان من النفايات تُحرق أو تُردم يوميًا حول العالم؛ مما يترتب عليه تلوث المياه الجوفية واختلاطها ببقايا النفايات المطمورة، إضافة إلى تلوث الهواء بالغازات السامة المتصاعدة من عمليات حرق النفايات؛ الأمر الذي يمثل خطرًا داهمًا تزداد شراسته وتداعياته على صحة الإنسان والبيئة يومًا بعد يوم.. ومع تنامي أعداد السكان ونشاطاتهم التي تخلِّف نفايات كبيرة، تطفو على السطح مشاكل التدهور البيئي كشبح يُهدد استمرارية الحياة على الكوكب الأزرق. وتشير تقديرات إلى أن سلطنة عُمان تُنتج نحو 2.3 مليون طن سنويًا من النفايات القابلة لإعادة التدوير، والتي تمثل تحديًا بيئيًا، لكن في الوقت نفسه تعد مصدرًا كبيرًا لجني عوائد اقتصادية.

وتسعى الحكومة الرشيدة وتماشيًا مع رؤية "عُمان 2040"، إلى تذليل كل الصعوبات والتحديات لتطوير البنية الأساسية في مختلف المحافظات، والتي ساهمت بدورها في إنجاز العديد من الخطط والمشروعات في بيئة مثالية ونظيفة، سعياً نحو تحقيق هدف الحياد الصفري الكربوني في مختلف المحافظات. وبجانب هذه الجهود الملموسة على أرض الواقع، تحرص حكومتنا على نقل أحدث وأفضل التقنيات والتجارب العالمية المتقدمة لتطويرها وتطبيقها محليا، بهدف جذب المزيد من الاستثمارات ورواد الأعمال العالميين وكبرى الشركات الدولية المهتمة بمجال الطاقة البديلة وحل المشاكل البيئية ومعالجة مياه الصرف الصحي والنفايات الصلبة والعضوية.

شركة الديار الخضراء

من هنا جاءت شركة "الديار الخضراء GREEN LANDS" لتضع الحل الأمثل في التخلص من النفايات بطريقة حديثة ومبتكرة تحافظ على صحة الإنسان وتصون البيئة، مع المساعدة في بلوغ هدف السلطنة للحد من الانبعاثات الكربونية؛ إذ إن إنتاج هذه الشركة يتميز بأنه خالٍ من الانبعاثات الكربونية.

وفي حديث خاص مع "الرؤية"، تحدث الدكتور محمد إسكاف المدير العام ومؤسس شركة الديار الخضراء، عن دور الشركة في دعم جهود سلطنة عُمان في الحد من الانبعاثات الكربونية ودعم التحول الأخضر، مشيدًا في الوقت نفسه بمرونة قوانين الاستثمار، وسمات المواطن العُماني المُحافظ بالفطرة على بيئته، ورغبته في تبني الحلول الداعمة لصون الطبيعة وتعزيز نظافة البيئة.

حلول بيئية متقدمة

وقال إسكاف إن العديد من العوامل دفعتهم للتفكير في تأسيس شركة "الديار الخضراء" الهندسية المتخصصة في الحلول البيئية، رغبة منهم في الإسهام في تطبيق أهداف رؤية "عُمان 2040"؛ وحرصًا على أن يكونوا جزءًا من عملية التحول الأخضر وتعزيز الاستدامة البيئية وتطبيقات الطاقة البديلة في عُمان، مضيفا: "جمعنا خيرة العقول والمخترعين والمهندسين من عدة دول أوربية متطورة ليطبقوا وينقلوا خبراتهم المتراكمة لإيجاد أفضل الحلول لكافة المشاكل البيئية سواء في العاصمة مسقط أو في المناطق الصناعية ومحطات الصرف الصحي والمنشآت النفطية، حيث نمتلك الحلول العصرية والمستقبلية والتي تمكنا وبدعم من الدوائر والهيئات المختصة من تجربتها في بعض محطات الصرف الصحي، والتي أعطت أفضل النتائج وبمستويات مبهرة".

وعن هدف الشركة أوضح إسكاف أنهم يسعون إلى التكامل مع مشاريع تحويل النفايات إلى طاقة بما يتماشى مع رؤية "عُمان 2040" الطموحة؛ حيث يتم فرز النفايات العضوية واستخلاصها من النفايات البلدية قبل إرسالها إلى المرادم أو إدخالها إلى مشروع تحويل النفايات إلى طاقة، لكونها معرقلة لعملية الحرق التام للمخلفات وتحويلها إلى بايوغاز (غاز حيوي)، مضيفاً: "من الممكن أن نحوله إلى غاز البايوميثان المضغوط الذي يمكن استغلاله كوقود للطائرات والسفن والسيارات كبديل للوقود أو الغاز الهيدروكاربوني ليكون مصدرا بديلا ونظيفًا للطاقة بدلاً من خسارته في المرادم أو الحرق".

وأشار مؤسس شركة الديار الخضراء إلى أن آلية التخلص من النفايات بطريقة صحية يمكن الاستفادة منها يكون عبر الخطوات التالية: إدخال التقنيات والتكنولوجيا الحديثة الحقيقية الملموسة ذات التأثير البيئي والاجتماعي والاقتصادي الإيجابي والمثمر وبأقل التكاليف وبوقت قياسي، الاستعانة بالكوادر العُمانية من المهندسات والمهندسين والفنيين لتدريبهم وإعدادهم ليكونوا روافد مستقبلية للشركة في مجال الإدارة والتشغيل والصيانة.

الغاز الحيوي

من جانبه، ذكر المهندس خالد الجبوري المدير الفني وأحد مؤسسي شركة الديار الخضراء، أنه توجد مئات المصانع التي تعتمد على تحويل نوع واحد من النفايات إلى بايوغاز (الغاز الحيوي)، مضيفًا أنه يمكن تحويل "البايوماس" أو الكتلة النباتية إلى بايوغاز بسهولة، لكن ذلك غير ممكن في الشرق الأوسط لنقص الغطاء النباتي ولعدم استدامة الطريقة في حد ذاتها، لافتًا إلى وجود مُطالبات من العديد من المنظمات الدولية لوقف هذه العملية، غير أن هناك دولًا أخرى تعتمد إنتاج الغاز الحيوي من نفايات الأبقار والمزارع أو مصانع تعتمد على نفايات الأسماك والمسالخ، وكل نوع من النفايات يحتاج إلى تقنية خاصة تتبعها شركة معينة.

وأكد الجبوري أن شركة الديار الخضراء، اعتمدت تقنية واحدة وهي "دمج النفايات" لإنتاج الغاز من جميع النفايات العضوية، إضافة إلى الطين الحيوي الناتج من معالجة مياه الصرفي الصحي، بحيث يكون الغاز الناتج نقياً جدًا يصل في أحد المصانع التابعة للشركة في السويد إلى 98.8%، وذلك عبر استخدام تقنيات خاصة بالشركة ليتم بعد ذلك الانتقال إلى مرحلة إنتاج الأنواع المختلفة من الوقود الحيوي والبايوديزل أو وقود الطائرات، وفي نهاية هذه المراحل تتحول النفايات إلي سماد عضوي وبالتالي يتم تحقيق صفر انبعاث كربوني وصفر مخلفات.

وتحدث الجبوري عن ريادة "الديار الخضراء" وتفوقها عن بقية الشركات العاملة في مجال التخلص من النفايات وذلك عبر اعتمادها على الوسائل التالية: "استخدام جيل جديد معتمد تمامًا من المواد الكيميائية والمواد المضافة والبوليمرات لمضاعفة تأثير عملية معالجة المياه وتقليل الوقت اللازم للمعالجة، تحويل الحماة والنفايات العضوية إلى مصدر نظيف ومستدام للطاقة بدل حرقها ودفنها وطمرها وذلك من خلال إنتاج الطاقة الكهربائية بكميات كبيرة جدا وإمكانية تغذية شبكة الكهرباء وإنتاج البايوغاز وغاز الميثان والهيدروجين الأخضر بتقنيات عالية وحديثة وإنتاج السماد العضوي مما يوفر مدخولات وإيرادات ضخمة جدا وتحويل المحطات إلى وحدات منتجة ومعالجة ومولدة للإيرادات.

معالجة الروائح الكريهة

وأضاف أن من بين الوسائل التي أدت إلى ريادة الشركة: علاج مشكلة الروائح الكريهة والقضاء عليها بشكل دائم عن طريق التقنية الجديدة الحاصلة على براءة اختراع والمجربة في الدول الأسكندنافية وبتكاليف بسيطة، إنهاء مشاكل الحشرات والبكتيريا ومسببات الأمراض، تأميم واستعادة واستثمار مساحات كبيرة من الأراضي عن طريق تقليل حجم الحمأة وعدم نشرها للتجفيف أو الطمر أو الدفن أو الحرق، عدم السماح للمواد المسرطنة والمعادن الثقيلة بالتغلغل إلى المياه الجوفية أو إلى المزروعات عن طريق مياه الري حيث سيتم استخلاصها وخفضها إلى تراكيز قليلة، إنتاج البايوغاز الأخضر وغاز الميثان النقي بنقاوة تصل إلى 98 بالمائة، إنتاج مقادير كبيرة من الطاقة الكهربائية النظيفة المستدامة التي من الممكن أن تغذي عمل وتشغيل محطات الصرف الصحي، إمكانية إنتاج الهيدروجين الأخضر الحقيقي النقي من الحمأة، وهي تقنية جديدة متطورة، المساهمة الفعالة في توفير كميات كبيرة من السماد العضوي المستدام الذي يمكن استعماله في مشاريع مكافحة التصحر التي تقودها السلطنة كذلك توفير نوعية مياه أفضل وصالحة للاستعمال المباشر لأغراض الزراعة وخالية من المعادن الثقيلة والمواد المسرطنة.

تعليق عبر الفيس بوك