رحل فارس البر والإحسان

راشد بن حميد الراشدي

إنه الأخ والصديق الوفي الدكتور سالم بن مسعود الصوافي -رحمه الله- وجعل الجنة مثواه؛ فهناكَ قلوبٌ لا تَعرِفُ الحِقدَ والحسد والجفاء، وهي ذاتُ صفاءٍ وأمانةٍ وهمة عالية، وقودها الإيمان بالله والعمل الصالح لرضاه،  تتعبُ ولا تكُل في كل ما فيه خيرًُ وصلاح الناس.     فهي لا تعرفُ إلا الحُب والوفاء، وتمرضُ عندما لا تستطيع تمام وفائها فهي مدرسة للأخيار،   فقد تربى- رحمه الله- على يد علامة جليل ومربي فاضل ألا وهو الشيخ: حمود بن حميد الصوافي -حفظه الله.

فقد كان فقيدنا- رحمه الله- لا يعرف الغدر والجَفاء سبيلا إلى قلبه، وكان ديدن الوفاء، فلبس ثوب النقاء والصفاء ونحسبه كذلك، لحسن سيرته وسريرته العطرة، فقد انتقى من محبة الناس طريقًا إلى الخير، فأحبته أفئدة الناس، وتجلى ذلك اليوم في جنازته المهيبة؛ حيث شيعته جمُوع كبيرة من محبيه تلهج ألسنتها بدعوات الخير له ، فليسَ لمثلِ هذه القلوبِ راحة إلا في الجنَّةِ بإذن ربها؛ فهنيئًا له ما قدمه من أعمال البر والإحسان.
عرفته عن قرب منذ صغره أخاً وصديقاً، فكان أخًا للجميع في معاملته وبره بالناس، صغيرهم وكبيرهم، القريب والبعيد، وكان ساعيا للخير، مصلحا بين الناس، كريمًا بارًا بوالديه وبأرحامه وصحبه، فأختصه الله بمحبة الناس وعرفته بحسن السمت وبشاشة القلب وحب الخير للناس، وكان محبا لشيخه الجليل في تردده عليه وقضاء أمور الشيخ فيما يسنده إليه من صنائع المعروف. رحل وهو في زهرة شبابه وأعمال البر والإحسان تسبقه إلى خالقه وبارئه، فقد تقلد رئاسة فريق سناو الخيري الذي يُعد اليوم من أنشط الفرق الخيرية في السلطنة؛ فجهوده كانت بصمة العمل الذي حقق النجاح، فقد كان هو وإخوته في الفريق الخيري خلية نحل في حث الناس وتقديم أوجه البر والإحسان، فتكاتف المجتمع مع دعوات الخير التي نادى بها؛ ليقضي الله على يدي هذا الفريق، حوائج الفقراء والمحتاجين، ويفك كربهم من الضيق إلى اليسر، بفضل الله، وجهود الجميع، وخاصة جهوده الكبيرة في دعوة الأغنياء والميسورين من أصحاب الأموال للمساهمة في برامج واحتياجات الفريق من أموال الزكاة والصدقات التي بلغت بحمد الله آلاف الريالات سنويا، إضافة إلى الكفالات الأخرى التي يقدمها الخيرون.
اليوم تودع ولاية سناو ابنها البار وهي تلبس ثوب الحزن على رحيله المفاجئ ولا نقول إلا كما يقول الصالحون (إنا لله وإنا إليه راجعون) ورحمة الله تغشى المؤمنين في كل حين؛ فلقد كان الدكتور سالم بن مسعود الصوافي نموذجًا للرجل الصالح وأخًا عزيزًا ستبقى ذكراه عطرةً في القلب ما حيينا.

وهنا أذكر خاطرة رثاء عزيزة كتبها اخي خالد بن سعيد الراشدي يقول فيها:  ‏

يا من سموت محبة وعطاء // أبشر من المولى بخير جزاء 

قد كنت تشحذ همة وقادةً // ذكراك في كل القلوب نقاء

فُطرت قلوب الصحب عند فراقكم // وتحرقت مُهجً تسيل دماء.

أسأل الله العلي القدير في هذا اليوم المبارك للمغفور له بإذن الله  الرحمة والمغفرة، وأن يسكنه الله فسيح جناته ويلهم أهله وذويه الصبر والسلوان. إنا لله وإنا إليه راجعون؛  فلقد رحل فارس البر والإحسان.