واقع صعب للباحثين والمسرحين

 

 

‏راشد بن حميد الراشدي **

واقع صعب وكوادر بشرية لم تجد فرصتها في العمل، تبحث عن فرص وظيفية كأنها تبحث عن إبرة في كومة قش لكثرة أعداد الخريجين الباحثين عن عمل مع وجود أعداد من المُسرَّحين، ومع المقارنة بالمعروض من الوظائف المعلن عنها، نجد أن عدد الوظائف خجول جدًا رغم عدد السكان القليل؛ حيث نواجه اليوم العديد من التحديات في توظيف عماد الوطن، وذلك بتكاتف الحكومة ومؤسسات القطاع الخاص الكبرى المستفيدة من خيرات الوطن، من أجل تهيئة الفرص الوظيفية المناسبة لهؤلاء الشباب.

عشرات الآلاف من الباحثين عن عمل ينتظرون دورهم في التوظيف وبدء حياتهم العملية وخدمة وطنهم والعدد يزيد سنويا؛ بل يوميا مع وجود ما يقرب من 1.5 ميلون وافد ينافسون المواطن في فرص وظيفية.

الباحثون يناشدون جميع جهات الاختصاص بالأخذ بهم نحو حل قضيتهم ووجود خطط استراتيجية جادة وناجعة تُطبَّق فورًا لتحل الخلل والبطء في توظيف شباب عُمان وزهرة مجدها، بينما نجد في المقابل قوانين تقدم الحوافز للمستثمر الأجنبي في جميع المجالات، مع عدم التزام بتطبيق نسب التعمين القانونية، وعدم الجدية في ضبط المخالفين من الوافدين لقوانين العمل.

لا أدري ما الذي يحدث في ظل التشريعات والقوانين الجديدة التي تساعد على زيادة أعداد العمالة الوافدة، حتى إن الكثيرين منهم بدون عمل يتسكعون في أنحاء متفرقة للحصول على أعمال بدون كفالة واضحة، ويشكلون هاجسًا اجتماعيًا وأمنيًا على الوطن، وينافسون المواطن في الوظائف، في جميع المجالات التي يمكن للمواطن العمل فيها، وكسب عيشه الكريم. وهنا أضرب بعض الأمثلة: منافسة الوافد لسائق الأجرة في نقل الركاب، ومنافستهم لسائقي النقل الخفيف في نقل البضائع، ومنافستهم للمهندس المدني في مكاتب الاستشارات الهندسية، ومنافستهم للمقاولين العمانيين في القطاعات الإنشائية، ومنافستهم لأصحاب الشاحنات في قطاع النقل اللوجستي، وغيرها من المهن التي يعملون فيها ويتكسبون دون رقيب ولا قوانين منظمة، وفي الوقت الذي يلتزم فيه المواطن العامل في هذه التخصصات بدفع جميع الرسوم المقررة عليه وفق الأنظمة والقوانين المعمول بها، لا يلتزم الوافد في هذه التخصصات بدفع الرسوم والضرائب المفروضة، أضف إلى ذلك التحويلات المالية التي يحوّلونها إلى الخارج.

قضية الباحثين عن عمل قضية وطنية يجب التنبّه لها ومعرفة المعيقات التي تُبطِئ حركة دورانها في ظل مئات الآلاف من الوافدين العاملين في الكثير من الوظائف، والتي بإمكان المواطن العمل فيها والنجاح بامتياز في إدارتها.

بلاغات عديدة عن هروب عمالة وافدة بينما هم يرتعون ويعتاشون من خيرات الوطن وبلا كفالة وبدون رقيب أو قوانين تردعهم، ويشكلون خطرًا على الوطن وقد يُضعفون اقتصاده.

واقع مليء بالتحديات ناتجة عن العديد من المُسببات في ظل فرص وظيفية محدودة وسوق عمل غير منظّم، الأمر الذي يفرض ضرورة إيجاد حلول سريعة وناجعة، وسن قوانين تمكن المواطن من القيام بدوره وبناء وطنه، وتقطع الطريق أمام كل مخالف.

آلاف الباحثين والمُسرَّحين اليوم ينتظرون الفرج القريب، فهل من مجيب ومستمع قبل أن يطفح المكيال.!

نحن أمام قضية كبرى تفرض نفسها على الجميع، ويجب التصدي لها، من خلال إيجاد الحلول السريعة الواضحة من أجل توظيف شباب الوطن الأكفاء وتوطينهم في مختلف الوظائف، بعدما جرى إعدادهم في أرقى الجامعات، وقد جاءوا بحماسة المحبين لوطنهم ليصطدموا بالواقع الذي لا يوفر سوى القليل من الوظائف.

اليوم.. أرسلُ نداء استغاثة من جميع أبناء عُمان الباحثين والمسرحين إلى المسؤولين الغيورين المخلصين لهذا الوطن وسلطانه الكريم، لمساعدة الشباب وإخراجهم من أزمتهم وإيجاد الحلول السريعة لهم في وطن معطاء مدرار بالخير، فقد حبا الله عُمان بفضائل ونعم وثروات، بالإمكان توظيفها كي نعبُر بشباب عُمان إلى آفاق المستقبل السعيد، وألا نسمع عن باحث أو مُسرّح عن عمل بإذن الله في القريب العاجل.

حفظ الله عُمان وسلطانها وشعبها، ورفع شأنهم، وفرج كربة الباحثين والمسرحين من أعمالهم؛ فعُمان وشبابها لا يستحقون إلّا الخير والفضل والنعم، والله قادر على كل شيء، وهو العلي القدير، في ظل قائد يسهر على راحة وطنه وشعبه، وفقه الله ويسر طريقه نحو الصلاح.

** عضو مجلس إدارة جمعية الصحفيين العمانية