عائض الأحمد
هل نحنُ بحاجة لإعادة التفكير والتأمُّل فيما نحن عليه الآن؟ أعتقد: نعم!
في أيام مضت كان أحدنا يُفكِّر قبل أن تخرج منه الكلمة ألف مرة لمجرد إحساسه بأنها قد تؤذي أحدًا؛ بل ويعتذر، ويُقبِّل الأيادي خجلًا وكُسوفًا، وكأنه يقول ماذا فعلت بنفسك؟! وفي أي منزلقٍ وقعت؟!
والآن.. أصبح السب والشتم من التصرفات العادية والطبيعية؛ بل وتُصنَّف في مواقف عدة بأنها دُعابة، أو مُزحة عابرة، يضحكُ منها وعليها الجميع.. المُخجِل حقًّا هو انتقال هذه العدوى إلى من يُصنَّفون على أنهم النخبة، وهم في الحقيقة خيبة وأي خيبة.
الشتائم وتبادل الألفاظ النابية أصبحت شيئًا يُبث مباشرة على الهواء، ويدخل بيوتنا دون استئذان، والبعض يظن أن هذا الصراخ والتجاوز هو شجاعة إعلامية وأدبية.. وكل هذا من أجل رأي لا يُوافق الهوى، أو لا يتفق مع هذا أو ذاك.
هل عليك أن تكون نسخة أصلية مني، وإلا ستجد العين الحمراء، وسينهال عليك الجميع شتمًا وسبًّا، وستنال العقاب، ولن تجد لك طرفًا مساندًا في موقفك؟! هل تعلم أن الانتماء والولاء ليس له علاقة بما تسوِّق له من ضجيج؟! المُحب سيبقى مُحبًّا حتى في ثورة غضبه، وحكيما في انتقاء كلماته، فهل نحن بحاجة لدراسة هذه الظواهر الدخيلة على مجتمعنا؟!
لا يُعقل أنْ تسير بنا الحال في هذا الوسط الذي يستسهل التعدي على الآخرين لمجرد اختلاف أو مناقشة يجب أن تنتهي بفوز أحدنا!! هل علينا أن نعيد استنساخ أنفسنا ونقول كنا نحترم بعضنا بعضا، فليعلم الجميع أننا نُؤسِّس لجيل لا يفهم من الاختلاف غير الشتائم ليخرج منتصرًا.
إذن، اقبلني كما أنا، دعُونا نُنصت ونناقش الأفكار، بدلًا من مناقشة الأشكال والألوان.
كل جيل يعتقد أنه الأفضل، وهذه سُنة الحياة، لكن ليس من السُّنن في شيء أن تشتم مخالِفًا لك.. فهذه سنتك وحدك!
****
ومضة:
"لا تنتظر كثيرًا، فلن تنبت في الصخور الورود".
شيء من ذاته:
مآل الأشياء يعود لأصلها وإن أخفاها الزمن، وهذا يرسم علامات الرضا المشوبة بدهشة وانفعال، سُحقًا لكل هؤلاء الحمقى وكأني الفريد الذي يقف الآن ينتظر ما تجود به أيدى البخلاء!