في بيت الخنجي.. الكرم والأصالة

علي بن بدر البوسعيدي

لا يخلو شهر رمضان من دعوات الإفطار الجماعي؛ سواءً في محيط العائلة والأسرة، أو الأصدقاء، أو زملاء العمل، وحتى على مستوى القرية أو الحارة، فجميعها مظاهر اجتماعية إيجابية نحرص عليها قدر المستطاع، ونفرح بها، ويفرح بها الآخرون، في أجواء روحانية رائعة تتزامن مع ليالي وأيام هذا الشهر الفضيل.

وأحد الذين يحرصون على إقامة الإفطار الجماعي، الصديق والأخ العزيز خليل بن عبدالله الخنجي، رجل الأعمال سليل أسرة الخنجي التي اشتهرت بنبوغها في الأعمال التجارية، ولقد دُعيت إلى مائدة إفطاره الطيبة- كعادة كل عام- مع صُحبة من الأصدقاء والمعارف، من مختلف التخصصات، وكان لقاءً رائعًا أتاح لي فرصة تجديد العلاقات الطيبة مع العديد من الأصدقاء، بعد غيابٍ، نتيجة لظروف العمل أو السفر أو غيرها من الظروف التي تخص كل فرد. الحقيقة أن حرص الأخ خليل على إقامة هذا الإفطار الجماعي، إنما نابع من عادة أصيلة وكرم حاتمي ورثه عن آبائه وأجداده؛ حيث يولي حرصًا كبيرًا على المحافظة على هذا التقليد السنوي الجميل، وجميع من يحضرون هذه الموائد الطيبة يُدركون هذا الحرص ويلمسونه، خاصة وأن الحاضرين يشعرون أنهم في بيتهم وبين أهليهم وليسوا فقط مدعوين على مائدة إفطار.

هذا التقليد الأصيل يُقام أكثر من مرة خلال الشهر الفضيل، فتارة يدعو الأخ خليل أهل التجارة والصناعة وغيرهم من العاملين في الشأن الاقتصادي، وتارة يدعو الأطباء والعاملين في القطاع الصحي، وكذلك هناك يوم مخصص لأعضاء البعثات الدبلوماسية والسفراء والقناصل، كما يُقيم إفطارًا جماعيًا للعاملين في السلك العسكري والأمني، وهكذا. وما يؤكد أصالة هذا العُرف الاجتماعي الطيب، أن الأخ خليل يحرص على تنظيم هذه الفعاليات الاجتماعية في "بيت الخنجي" التاريخي، الذي يقع في حارة العرين بولاية مطرح الرائعة. وهذه الأجواء تُضفي جوًا من البهجة والمُتعة، لأنها تُعيدنا إلى الوراء كثيرًا، عندما كانت الحياة سهلة وبسيطة، وكان أهل الحارة يعيشون أيام رمضان وهم يتشاركون في الإفطار والصلاة والتجمعات وغيرها، في جوٍ من الأُلفة والراحة والسعادة.

ومثل هذه التجمعات نجدها في كل ولاية تقريبًا؛ حيث دأب العُمانيون منذ القدم على تنظيم فعاليات اجتماعية خاصة بشهر رمضان الفضيل، يقيمون خلالها موائد إفطار للصائمين، لنيل الأجر والثواب، وتحقيق الترابط الاجتماعي، وتعزيز العلاقات بين الأهل والأصدقاء والجيران. وإنني لأدعو في هذا السياق جميع العُمانيين إلى الحرص على حضور مثل هذه الفعاليات، كما أحرصُ عليها أنا وأسرتي، وأحثُ زملائي وأصدقائي على التمسك بها، لأن التمسك بالعادات والتقاليد يمنح المرء القدرة على خوض غمار المستقبل بكل ثقة، وقديمًا امتدح الناس التمسك بالجذور والأصول والهوية، وكتبوا فيها الشعر أبياتًا وأبياتًا.

وقبل الختام، ومع اقتراب شهر رمضان المبارك على الرحيل، وقرب حلول عيد الفطر السعيد، أدعو الجميع إلى تكثيف الأعمال الصالحة والمواظبة عليها بعد رمضان، وأهنئ كذلك بقرب قدوم العيد، والذي أسأل الله أن يجعله عيدًا سعيدًا على كل عُماني وعُمانية، وعلى بلاد العرب والمسلمين كافةً، وأن يأتي العيد وقد تلاشت الخلافات بين الناس، وانطفأت نيران الحروب والصراعات، وعمّ الرخاء والاستقرار أنحاء العالم بأسره.

وكل عام والجميع في مسرّة وخير وابتهاج.